لقد زارني في الأيام الفائتة وفد رفيع المستوى من قيادات المجلس التشريعي لولاية شمال دارفور، وفي الحقيقة فإن الوفد جاء للخرطوم يبحث العديد من القضايا المتعلقة بتنمية دارفور واستقرارها الأمني والسياسي وكان نقاشنا يدور حول قضايا دارفور، حيث الكل يريد نهاية لاضطراب الإقليم وأزماته والتي أصبحت واقعاً وأزمة دولية وصراع القوى الكبرى، ولا أنكر اتفقت معهم في بعض ما يرون، بينما اختلفت معهم في البعض الآخر مما تم طرحه.. غير أنني لمست من خلال النقاش أن قيادات دارفور ستكون عظيمة الثقة في أي حل تشارك فيه، وبمعنى أدق فإن الحل الذي يحظى بمشاركة الجميع سيجد طريقه للاستقرار والتطبيق لا سيما بعد التزام الأطراف به وتصديها للدفاع عنه بحسبانه نابعاً من مجتمع دارفور، أي قياداتها الاجتماعية والسياسية، فالرؤى المطروحة من قبل الحكومة لابد أن تلبي رغبات المواطنين، حيث إن هناك رؤى تخالف ما هو مطروح كالإقليم الواحد، فهناك من يتمسكون بما تحقق من مكاسب بفضل الحكم الاتحادي، وهذا ما يجعلنا نؤكد أن استعجال الحلول دونما النظر إلى مشاركة الناس واعتبارها لن يتمخض عنه هدوء وسلام مستقرين، فهذا لا يعدو أن يكون محاولة لبسط حل في بيئة ليست مهيأة لاستدامته ورسوخه، وهذا يقودنا للقول إن الاستفتاء المزمع إجراؤه لابد من التشاور المكثف حوله واستيعاب جميع المعارضين في إطاره بتعجيل نتائج منبر الدوحة الذي طال أمده لقطع الحجة والمسوغ أمام كل معارض ومحتج، على اعتبار ان استدامة الحل تحتاج لمشاركة الجميع، والشورى هي الأساس للتوجه والتناول والتعاطي السليم لمخرجات الحل، وتستوقفني هنا صور ونماذج للشورى التي كانت تدير الحركة الإسلامية بها كافة قضاياها وأنشطتها، وأذكر أننا كنا في الفاشر عام 83 وجاءنا داؤود بولاد ضمن مجموعة وفد المحافظات حينها، والدكتور علي الحاج فهو من المركز حينما قرر الرئيس الأسبق جعفر نميري تطبيق قوانين الشريعة الإسلامية وقتئذ، استمر الحوار بيننا وبين الوفد المركزي من المغرب حتى الفجر وكله كان منصباً حول الوقوف مع النميري في تطبيق القوانين الإسلامية.. وعبر الجميع عن آرائهم بحرية تامة، وكان ذلك بمنزل الدكتور/ فضل إبراهيم عبدالقادر. تقرر في خاتمة اللقاء الوقوف مع النميري، فالمكاسب السياسية المتولدة من التشاور لا ثمن لها، أدناها تفويت الفرصة على المعارضين وبسط الشورى فيما يفترض أنه يجلب الحل بعيد قضية دارفور لمنطلقات الحل الحقيقية، فقضية دارفور دولت على النحو الذي جعلها عصية على الحل. ü فأغلب ظني واعتقادي أن مشورة القواعد هو الرجوع إلى الرشد واختيار الطريق المفضي للحل المستقر الناجع الراسخ وأبوجا خير مثال للحلول المتعجلة، فالتركيز على التشاور في كافة المعالجات له الأثر الإيجابي، بينما إعفاء مشاركة الناس واستعجال الحلول هو تضخيم للمشكلة وإحياؤها وتفريقها وتنويعها لعل الرضا والقبول بما يتم طرحه وتداوله هو تعميق للمشورة التي بكل تأكيد مصلحتها الحل المثالي لأزمة ما كان لها أن تتطاول ولا ينبغي لها أن تكبر.