اليوم انطوى العقد الأول من الألفية الثالثة... ومازال الإنسان يؤمل في المزيد من حظوظ الدنيا غير آبه بشيخوختها التي لا تخطئها عين حاذق يتدبر قول أهلنا في زمن تحولت فيه (شليل وين راح) وألعاب القمرة إلى التفحيط بالسيارات. لاشك أننا وضعنا أقدامنا على قارعة الطريق إلى مجد هذا الزمان ... ومازلنا نحث الخطى باتجاه إنسانية متقدمة ... على صهوة حصان البترول نركض خلف السابقين ولا نستورد منهم إلا ما عافت نفوسهم من (جيّف)... وبعد 54 عاما من لفظنا تبعية الآخر وثورتنا للذات السودانية مازلنا نستلف حتى لعب الأطفال، بل نتعدى ذلك إلى الذوبان فيهم إلى حد لايمكننا من التمييز بين (القراصة) و(البيتزا) إلا باعتبار أن الأخيرة من أمريكا. لايكفينا أن نرقص طربا ونحن نستحضر مشهد الزعيم الأزهري والأديب الأريب محمد أحمد المحجوب ساعة رفع علم الحرية ... وليس جديرا بنا زفير هواء الحرية وشهيقها في هذه البلاد دون السعي الحثيث لتحقيق روح ومعنى الاستقلال.. والمراقب لحالنا الذي انقلب ظهرا على عقب يعلم أننا في طريقنا إلى استبدال إرثنا وتراثنا ، الذي كان من قبل عصيا على الذوبان إلا في نفسه، فها نحن نمضى باتجاه التغني بالقبيلة والتعصب للمكان ... نتقلب بين جنبي اثنية متخلفة أو مناطقية مرفوضة.. عمل صناع الاستقلال على تجاوزها وصهرها في بوتقة الوطن القومية ليطرب الجميع لنغم واحد ويؤدون رقصة تعبِّر عن الضمير الجمعي لابن السودان دون تفرقة أو تمايز إلا بحسب الجهد والعمل أو ربما الفكر. الاعتبار من ذكرى الاستقلال يتطلب استجداء تلك الروح الجمعية والتوافقية ليحمل كل منا بطرف الثوب لنضع حجر أساس الوحدة على قلب الوطن السودان. وفي ذكرى الحرية لابد من إزجاء التحية للعلماء العاملين كل حسب مجاله ولدعاة الوحدة القومية وللوطنيين الشرفاء بمختلف أحزابهم وانتماءاتهم السياسية والتحية لمن عمروا الأرض وشقوا الطرق وأناروا الأحياء في صمت لا يضعهم إلا مع عظماء التاريخ وصناع الاستقلال ولا أشك في أن الدكتور محمد طاهر ايلا يتصدر قائمتهم بما أحدثه من ثورة تنموية في شرقنا الحبيب خلال 4 أعوام تفوق ما صنعته كل الحكومات فيه منذ الاستقلال... فله ولأمثاله من العاملين تحت أي راية خلف العلم الوطني تحية في يوم الاستقلا