منذ انطلاق مسيرة النهضة العمانية الحديثة حظى التراث العماني باهتمام عميق ومتواصل اعتزازاً بالتاريخ العريق واستمراراً لعطائه المتتابع وتعبيراً عن البعد الحضاري للمسيرة الحديثة. وكتعبير عن الاهتمام الوطني بالتراث فقد تم تخصيص عام 1994م عاماً وطنياً للتراث، كما ان النظام الأساسي للدولة نص على ان ترعى الدولة التراث الوطني وتحافظ عليه، لدرجة ان المجتمع العماني يعيش اليوم متغيرات عصره، إلا انه لم يفرط فى هويته وتراثه. ومن أهم مكونات التراث العماني الآثار حيث تتعاون وزارة التراث القومي والثقافة مع عدد من البعثات العلمية فى مجال التنقيب عن الآثار وقد تم الكشف عن الكثير من الآثار مثل بعض الأدوات فى رأس الجنز وبعض أثقال شباك صخرية ومواقع للنار وحلى صدفية تعود الى الألف الرابع قبل الميلاد فى موقع السويح بالمنطقة الشرقية. وفى موقع(رأس الحد) تم الكشف عن أثاثات جدران مبني شيد من الحجارة يعود تاريخه الى القرنين التاسع والعاشر الميلاديين بالإضافة الى غرف مبنية من الطوب بداخلها عظام سمك وصنارات صيد وخرز من الأصداف البحرية تعود للنصف الأول من الألف الثالث قبل الميلاد الى جانب المكتشفات الاثرية العديد فى معظم أرجاء السلطنة الأخرى. وتزخر السلطنة بمئات القلاع والحصون والأسوار والبيوت الاثرية على نحو يؤكد إسهام الإنسان العماني فى الحضارة الإنسانية، وقد تم إدراج عدد من هذه القلاع والحصون ضمن قائمة التراث العالمي بمنظمة اليونسكو لأهميتها على المستوى العالمي. ومن ناحية اخرى تعد العناية بالمخطوطات العمانية جمعاً وتحبيراً وصيانة وحفظاً وفهرسة الى جانب توثيقها وتحقيقها بشكل علمي منهجي من أهم الأنشطة فى مجال الحفاظ على التراث وقد بلغ عدد المخطوطات التي تم جمعها نحو 4300 مخطوطة تم تسجيلها ضمن سجلات خاصة. واهتماماً بالقيمة التراثية حرصت الحكومة العمانية على استمرار تلك الحرف وانتقال مهاراتها وخبراتها عبر الأجيال وجرى تشجيع القائمين عليها وإفساح المجال أمامهم والمشاركة فى المعارض الداخلية وتلك التي تشارك فيها السلطنة أو تنظمها فى الخارج، وقد وجد ذلك اقبالاً كبيراً خاصة خلال المعرض المتنقل للمنتجات الوطنية فى عام 1998م وأثناء مهرجان مسقط الثاني فى عام 1999م وجدير بالذكر ان هناك مصنعين فى بهاء وسمائل لإنتاج مواد الحرف التقليدية، كما توجد مراكز للتدريب على هذه الحرف للحفاظ على استمراريتها التي تحمل عبق التاريخ. كما ان سلطنة عمان تضم عدداً مقدراً من المتاحف تابعة لوزارة التراث القومي والثقافة كما لا تزال العادات والتقاليد الموروثة قوية فى سلطنة عمان حيث بفخر أهلها بتراثهم الفريد ومن ضمن هذه العادات والتقاليد الفنون التراثية التي ما زالوا يؤدونها بطريقتها القديمة مثل فن النسيج التقليدي وصناعة السلال وأغطية الطعام، وأقفاص السمك وغير ذلك. واخيراً أقول ان سلطنة عمان من الدول العريقة صانعة الحضارة الإنسانية، وذلك بحكم وجودها منذ حقب تاريخية موغلة فى القدم ومن هنا يعتبر تراثها إنسانياً بقدر ما هو عماني.