لبنان العربي المقاوم يحتل مكانة متميزة وخاصة في المطامع الصهيونية منذ مؤتمر بازل السويسرية في العام 1897 نظرا للثروات المائية الهائلة التي يمتلكها ، ولم تكن عمليات العدو الاسرائيلي في الأراضي اللبنانية خلال السنوات الأخيرة مجرد محاولات لابعاد الخطر عما يسمى الكيان الصهيوني . فقد تعرض لبنان في العقود الثلاثة الأخيرة إلى عمليات إسرائيلية عدوانية حملت عناوين وأسماء مختلفة،ففي شهر -مارس - من العام 1978 كانت (عملية (الليطاني)،وفي العام 1982 كانت (سلامة الجليل) التي ما انتهت عملياً إلا يوم التحرير في الخامس والعشرين من -مايو -من العام 2000 ،وما بين هاتين العمليتين كانت عملية (تصفية الحساب) من 24-31 -يوليو وعملية (عناقيد الغضب) - أبريل - من العام 1996-،وإذا كان هدف العملية الأولى إبعاد الفصائل الفلسطينية، أو إبعاد منظمة التحرير الفلسطينية إلى شمال نهر الليطاني باعتبارها المنظمة النقيض التاريخي ل إسرائيل، فإن هذا كان جزءا من أهداف عملية (سلامة الجليل) التي اختلقت أسبابها بمحاولة اغتيال السفير الإسرائيلي في لندن، وكان الرأي المعلن آنذاك هو إبعاد الفصائل الفلسطينية مسافة (مرمى المدفعية) الذي استقر الجدل بشأنه أن يتم الإقصاء مسافة 40 كيلو متراً، وإذ بالرباعي الصهيوني الارهابي مناحيم بيغن ووزير حربه الجنرال السفاح آرائيل شارون و رئيس أركانه الجنرال القاتل روفائيل إيتان والجنرال الأمريكي الكسندر هيغ قائد قوات الأطلسي في أوروبا الذي جيء به ليكون وزيرا للخارجية في إدارة رونالد ريغان، يتفقون على الوصول إلى بيروت لتكون العاصمة العربية الأولى التي تخضع للاحتلال، وكان الهدف إقناع اللبنانيين بأن ما ترونه أمراً سيئاً بالنسبة لكم سببه الفلسطينيون الذي يتعين إبعاد قوتهم المسلحة إلى خارج لبنان.-لا احتلال يدوم مع المقاومة،والمقاومة الوطنية لا بد أن تنتصر ويندحرالاحتلال، -هذه الحقيقة التي جسدتها (عملية الويمبي) التي نفذها المقاوم اللبناني الأول «خالد علوان، وما تبعها من عمليات مستمرة داخل بيروت، انتهت إلى أن أذاع جيش الاحتلال بيانا (25/9/82) عبر مكبرات الصوت،كلامه واضح وصريح،معبر ودقيق،موجه إلى أهالي بيروت جاء فيه :- يا أهالي بيروت الكرام..يا أهالي بيروت الأعزاء..لا تطلقوا النار على جيش الدفاع الإسرائيلي! غداً سوف يترك جنودنا بيروت.- وانسحب الجيش الإسرائيلي,بعد أن أشرف على تنفيذ مجزرة صبرا وشاتيلا في -سبتمبر -من العام 1982?. قد يقال إن هو هذه المجابهة الوطنية لجيش الاحتلال .-إن عمليات الغزو التي تعرض لها لبنان منذ عملية مطار بيروت في العام 1969 ،وقبلها تطرح السؤال التالي:- ماهو موقع لبنان في الفكر الصهيوني؟. الموقف الإسرائيلي من لبنان تمتد جذوره الى نهاية الحرب العالمية الأولى عندما اتفق الفرنسيون والإنجليز على اصطناع حدود مفتعلة لدول وضعتها عصبة الأمم تحت تسمية (الانتداب)،-في تلك الفترة كان الحكام الصهاينة يحلمون بحجم الوطن الذي وعدهم به اللورد جيمس آرثر بلفور وزير المستعمرات البريطانية في إعلانه 2 -نوفمبر -من العام 1917 ،هذا الحلم جسدوه في مشروعهم المقدم لمؤتمر السلام في باريس عام 1919 في أعقاب الحرب العالمية الأولى ،إذ كان نهر الليطاني يمثل الحدود الشمالية للوطن المتخيل .-وبعد ست سنوات من إقامة الكيان الصهيوني عام ،1948وانسجاما مع الميزة التوسعية لهذا الكيان،ظهرت رغبة لدى الحكام الإسرائيليين في اجتياح لبنان لإقامة نظام جديد ، والسيطرة على الأراضي الواقعة جنوب نهر الليطاني، -هذه الرغبة يجدها المهتم بالشأن الإسرائيلي محفوظة في المذكرات الخاصة لموشيه شاريت رئيس الحكومة الوارث ل ديفيد بن غوريون، الذي بدا لأسباب سياسية -واقعية، وليس لعدم الرغبة في عامي 54-55 معارضا اجتياح لبنان،ولئن كانت الحكاية، كما تقول لورا زيتران آيزنبيرغ في كتابها (عدو عدوي - my enemys enmmy )أن لبنان في التصورات الصهيونية المبكرة باريس ،1919ثم شرعت تأخذ دورها في التخطيط استعدادا للتنفيذ في العام 1954 عبر رسائل من ديفيد بن غوريون إلى موشيه شاريت، كانت أولاها يوم 27 -فبراير - 1954تقول الرسالة- قد يكون الوقت مناسبا لإثارة مسألة خلق دولة مسيحية إلى جانبنا بدون مبادرتنا ومساعدتنا ،لن يحصل ذلك ،هذه مهمتنا الرئيسية حاليا أو إحدى مهمات سياستنا الخارجية الرئيسية يجب استثمار الوقت والجهد والتحرك بكل الوسائل بهدف الوصول إلى تغيير أساسي في لبنان،-يجب استعمال كل المستعربين arbisants لدينا وإذا احتجنا المال فلا يجب إحصاء الدولارات حتى ولو بدا ذلك هدرا، وختم ديفيد بن غوريون رسالته قائلا(إن عدم اغتنام هذه الفرصة لن يمكن التسامح معه ولن يكون من جانبنا استفزاز لكبار هذا العالم.- موشيه شاريت رفض الفكرة في حينها من باب التحفظ لا أكثر، أما الكبار الذين تحدث عنهم ديفيد بن غوريون فهم الفرنسيون والبريطانيون الذين عرضت عليهم الفكرة في مفاوضات جرت في ضاحية( siveres - سيفر) القريبة من العاصمة الفرنسية باريس لوضع (خطة عملية السويس -(قادش )في آب -أغسطس -من العام 1956 في أعقاب تأميم الزعيم الخالد جمال عبد الناصر لقناة السويس ، هكذا يقول الجنرال موشيه دايان في مذكراته، إذ كان ديفيد بن غوريون يتصور شرق أوسط مختلفا تزول من على خارطته دول، لقد رفض الفرنسيون الفكرة عام ،1956يقول الجنرال موشيه دايان:إن مرحلة تحقيق هذا الحلم لم تبدأ في العام 1978وإنما عام 1982 عندما توافرت الحوامل اللازمة لهذا التحرك:الرباعي..بيغن-شارون-إيتان والكسندر هيغ في الولاياتالمتحدة ( والأخير كان من رواد المحافظين الجدد وهو أول من جاهر بعسكرة السياسة الخارجية الأميركية) في بداية الحملة (غزو لبنان سنة 82) قال بيغين:إنها ستجلب لنا 40 عاما من السلام.أقام الإسرائيليون منطقة عازلة في الجنوب اللبناني منذ العام 1978 ،وأحدثوا وكلاء يقومون بالمهمات القذرة ،وتحقيقا لأهداف الغزو أنشأ الإسرائيليون اتفاق 17 -مايو - 1983 ومنحوه صفة (اتفاق لجلاء القوات الإسرائيلية) عن لبنان.- قال وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه آرينز في هذا الصدد في ملحق صحيفة يديعوت أحرونوت (13/5/1983)- كنا نقول إن لبنان سيكون الدولة العربية الثانية التي ستوقع معنا معاهدة سلام،إن لبنان أهم من الدول العربية الأخرى إنه جسر إلى العالم العربي) )،وفي تفسيره لهذا القول رأى الكاتب الصحفي الإسرائيلي المختص بالشؤون العربية أمون روبنشتاين إن -السيطرة على هذا الجسر(لبنان) هي في جوهر التحرك الإسرائيلي. 1900-1948 تعود إلى العام 1907حين قدم حاييم وايزمن بعد جولة في لبنان توصياته إلى المؤتمر الصهيوني ترجمت طلبات قدمت إلى مؤتمر السلام في هناك عوامل كثيرة أدت إلى ذلك الانسحاب، ولكن مهما تعددت الأسباب ، فإن السبب الأكثر فاعلية وهو السبب الذي يعني المقاومين، والذي يرون فيه مستقبل التحرير