جاء في الأنباء أمس أن الشريكين (الوطني والحركة الشعبية) قد اتفقنا على الوقف الكامل لحالة التوتر والمواجهات بينهما، والعمل على ابتدار حوار بنَّاء وصريح يهدف لخلق اجماع وطني حول قضايا الوطن.. والمتابع لمسيرة الاتفاقية بين الطرفين منذ توقيعها في نيفاشا وحتى الآن، يلاحظ أن الحركة ظلت تستغل رغبة وحرص الوطني في عدم تعويق الاتفاقية بمسارعتها بالتقدم بمطالبات جديدة، بفهم أن الذي يتنازل قابل للمزيد من التنازلات، والدليل أنه كلما كان هناك تنازل من الوطني رفعت الحركة سقف مطالباتها، للدرجة التي صار فيها أي اتفاق مع مجموعة منها لا يعني الوصول إلى اتفاق معها، في ظل تعدد مراكز القرار داخلها والتأثيرات الخارجية على الجهات الأقوى بها، فعندما خرج علينا مرة مالك عقار- بعد اجتماع مشترك بين الطرفين- بأن كل القضايا الخلافية تم حسمها في الاجتماع، فاجأتنا الحركة بعد أيام في اجتماع جوبا بقولها إن الوطني عوق مسيرة السلام، وعندما ذكر د. رياك مشار نائب رئيس الحركة بعد اجتماعه بالأستاذ علي عثمان نائب رئيس الجمهورية ونائب رئيس الوطني أن كل المشكلات قد تم وضع الحلول لها وأن اتفاقاً قد تم بشأنها، خرج علينا باقان نافياً وجود أي اتفاق والأمثلة تطول، وقد طالبت في هذا العمود من قبل مراراً بعدم تقديم أي تنازلات في قانون الأمن الوطني وغيره حتى لا نهدد بتنازلاتنا سلامة الوطن.. وقد أسعدني تعامل الوطني في الأيام الأخيرة مع الحركة بالعين الحمراء، كما سعدت لمؤتمر د. نافع علي نافع نائب رئيس الحزب الذي جاء بلغة جديدة تأخرت كثيراً في مسيرة الاتفاقية، الشئ الذي جعل الحركة بعده تتحسس نفسها، ليأتي الاجتماع الذي ترأسه أمس الأول حكيم الحكومة الأستاذ علي عثمان محمد طه بشكل مختلف بمشاركة القيادات الصقور مع الحمائم معاً في جلسة واحدة، فشاهدنا باقان مع د. رياك ومع عرمان وألور في جانب الحركة وجاء علي عثمان ونافع ود. أمين حسن عمر في جانب الحكومة، الشئ الذي لا يجعل باقان أو عرمان - اللذين اعتادا على القفز على طاولات اتفاقات ممثلي الحركة مع الوطني- بأقوال مناقضة للاتفاقات وأقول إنه بالرغم من ذلك يجب ألا نركن للاتفاق ليغمض الوطني العين الحمراء، فالوطن الآن أحوج للعيون الحمراء والاتفاقية أكثر حاجة لها، حتى لا تضيع ويضيع الوطن، كما أننا في زمن يبتسم فقط للأقوياء، وأن أمريكا التي تساعد الفريق القوي في الحركة لا تنصت ولا تهاب إلا الأقوياء، ولن ينفصل الجنوب ونحن في خانة القوة، ولن تستمر الحركة في مطالبها وتهديداتها، بعد أن تدرك أن زمان التنازلات قد إنتهى وأن على الجميع أن يحتكموا لصناديق الاقتراع، والحشائش يملأ شبكتوا بأمر الجماهير لا بالضغوط.