* لولا أن يد القدر التي اختطفت رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان كانت أسبق، لكان الأستاذ ياسر سعيد عرمان مالكاً (لقناة فضائية) تروِّج لمشروع السودان الجديد!!.. وتلك كانت رغبة ياسر التي أفضى بها لجون قرنق قبل رحلته الأخيرة لنيوسايد، ثمَّ بلا إخطار إلى يوغندا، حيث قضى نحبه في رحلة العودة كما هو معلوم، ولعل هذا هو السر الذي جعل ياسر عرمان يطلق تصريحاته في تلك الليلة ويقول إن د. جون قرنق في نيوسايد وسط جنوده وهو في أتمَّ الصحة والعافية.. ولم يستند عرمان في تلك التصريحات على أي معلومة أو مرجعية لكنه كان واقعاً تحت تأثير الصدمة.. وحتى من هو أعقل منه وأكثر تجربة وأسنَّ عمراً لم تفارقه الصدمة حتى بعد مرور عام على مقتل قرنق، إذ قال الدكتور منصور خالد في لقاء صحفي مازلت أعيش تحت وهم أن جون قرنق لم يمت!!.. وهما في ذلك ليسا وحدهما، فقد كانت فئة مقدرة من الأنصار تأبى تصديق مقتل الإمام الهادي المهدي رحمه الله وكانوا يقولون إنه (مهاجر) لن يلبث أن يعود لمعاقل أنصاره.. حتى نُقل رفاته ودفن في قبة المهدي عليه السلام ومازال هناك من ينتظر عودة الإمام المهاجر!! *وعلى طريقة (الحكاية التي ليس لها نهاية)، والتي تقول بأن ملكاً أصابه الأرق، فقال إنه يريد الاستماع لحكاية ليست لها نهاية.. وفشل كل الحكواتية في تلبية طلب الملك إلا واحداً وبدأ حكايته بأن تاجراً احتكر الذرة وخزَّنها في مخازنه والناس في مجاعة، وفي يوم من ذات الأيام دخلت نملة المخزن وأخذت حبة وخرجت.. *ثمَّ دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت واستمرت الحكاية، فلم يتوقف النمل ولم ينفذ الذرة.. حتى سئم الملك وأمر الحكواتي بإنهاء الحكاية، لكن الحكواتي استمر في القول دخلت نملة وأخذت حبة وخرجت.. وهي ذات الحكاية التي ما فتيء عرمان يحكيها للإعلام عن علاقة الشريكين.. وإجازة القوانين المقيدة للحريات.. والتعداد السكاني.. والسجل الانتخابي.. والاستفتاء.. وحدود أبيي.. ودخلت نملة وأخذت حبة وخرجت.. ودخل ياسر البرلمان بجماعته وخرج بجماعته وهلمجرا. * تناولت العديد من الأقلام أمر ترشيح الحركة لياسر عرمان لرئاسة الجمهورية باعتباره محاولة مبكرة من الحركة لتنفض يدها من السودان الشمالي حتى اذا ما جاء الاستفتاء بنتيجة (الانفصال) لم تكن هناك أي مشكلة تعوق رئيس الحركة من إعلان نفسه رئيساً لدولة الجنوب (الأماتونج) أو غيرها من الأسماء.. واذا سقط عرمان في انتخابات الرئاسة (وذاك أمر راجح)، يكونوا قد (كفوا البلا بالبليلة).. وذلك رأيهم، والأعوج رأي والعديل رأي. ولصديقي ياسر عرمان بحماسه واندفاعه أن يتخيل نفسه وقد صار رئيساً تسبقه التشريفة وتحيط به عربات المتابعة ويرفرف علم السودان على مقدمة سيارته الرئاسية، وهذه أحلام مشروعة.. ولكن!!