ترشيح الحركة الشعبية للقيادي ياسر عرمان لمنافسة المشير البشير في الانتخابات المتوقع إجراؤها في أبريل القادم أعتبرها البعض خطوة أخرى من الحركة باتجاه الانفصال عن الشمال.. فالسيد عرمان من الشمال الوسطي.. نشأ فكرياً في كنف اليسار والحزب الشيوعي حتى مغادرته البلاد والانضمام للحركة الشعبية كقائد سياسي اتخذه الراحل د. جون قرنق واحداً من المقربين اليه وظل يباهي بعرمان الشمالي المسلم مثلما كان يباهي بيوسف كوة مكي من جبال النوبة وعبد العزيز آدم الحلو مزيج جغرافية جبال النوبة وأثنية المساليت من أقصى غرب السودان.. بعض المراقبين من غير السودانيين قالوا لهيئة الإذاعة البريطانية التي فتحت مزاد رأي عام عن ترشيح عرمان، إنها الخطوة الأخيرة قبل الانفصال وإن تقديم الحركة الشعبية لوجه شمالي يعزز الاعتقاد السائد بأن الحركة الشعبية لا تطمح أو تتطلع لحكم السودان بقدرما ينصب جهدها في الانكفاء على الجنوب.. وإذاعة الB.B.C)) التي خصصت لترشيح عرمان حلقة من برامجها التفاعلية، حسدها السودانيون على طريقة خدماتها الاخبارية، وإذاعة هنا أم درمان مشغولة بالإعلانات الدعائية لشركات الاتصالات وتاريخ حقيبة الفن!! الحركة الشعبية فسرت ترشيح عرمان من جانبها بدليل الإثبات على قوميتها وحرصها على وحدة السودان وتساميها عن الموروث القديم في السياسة (السودان دولة) نسيج وحده، وإن ترشيح عرمان يمثل شهادة لصالح الحركة الشعبية بأنها قومية التوجه! وما بين هؤلاء وأولئك تضيع كثير من الحقائق، فالسيد عرمان خلافاً لمظهره الخارجي والصورة الذهنية التي انطبعت في أذهان السودانيين، ظل من مفاتيح الأزمات التي تنشب من وقت لآخر بين الشريكين.. ومشكلة عرمان مع خصومه أو منافسيه أبعادها نفسية أكثر منها عقلانية، وقد تراكمت في ذاكرة الإسلاميين الجمعية صورة ذلك الفتى الشيوعي الذي كان يعتلي المنابر في الجامعات ويناهض أبناء جيله من الإسلاميين بمنطق البلاشفة، وزاد من شقة التباعد سنوات الحرب الطويلة والدعاية السوداء المتبادلة بين الحركة الشعبية من جهة والمؤتمر الوطني من جهة أخرى. والشماليون في غالبهم تتفاوت تنظرتهم لعرمان ما بين انتهازي يسعى لامتطاء ظهور الجنوبيين لتحقيق ما فشل في تحقيقه داخل حزبه القديم، وما بين ما ينظر اليه كناشط سياسي في الحركة الشعبية عن طريقه تستطيع المعارضة أن تنال من عجزه عن تحقيقه بالأصالة. خوض عرمان لانتخابات الرئاسة القادمة مرحلة مهمة تجد الدعم والمساندة من قبل كل حريص على انتقال السودان من دولة شمولية لديمقراطية، فالرئيس عمر البشير في الانتخابات الأولى كان منافسه كيجاب وعبد الرحمن فرح، وفي انتخابات أبريل القادم دخل الحلبة ياسر عرمان وعبد الله علي إبراهيم وتردد أيضاً اسم الميرغني ونقد وعبد الله دينق نيال، وهؤلاء المنافسون قد لا يشكلون مصدر إزعاج حقيقي للمشير البشير ولكنهم بطبيعة الحال منافسون أثقل وزناً من كيجاب وعبد الرحمن فرح ويستطيع أي منهم كتابة سيرته الذاتية متضمنة (مرشح سابق لرئاسة جمهورية السودان)، فهل هذا يكفي أم عرمان يضع في حساباته أن تحمله جموع الرافضين لواقع الحال الماثل للقصر الرئاسي!!