هذه خاطرة خيوطها من واقعنا التربوي المعيش، ومن عالم الخيال الجميل الذي يزين لبعضهم أحلامهم حتى يحسبوها حقيقة، ولله در من قال: ونصدِّق الأحلام في.. الكذب الجميل فنشتفي! وهذه رؤية شاعرة وراءها ما وراءها من الطرافة والظرافة !! ومن العجيب المدهش أن أبناءنا وبناتنا في المرحلة الثانوية يدرسون قصيدة واحدة لشاعر العربية الحكيم المدهش المتنبي! ومن روائع إعجازه الخالد قوله: ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن وتدور خاطرتنا التربوية هذه بطرافة حول الأسماء وظلالها الموجبه والسالبة، فبعض الأسماء لها إيحاءات متممة لشخصية حامليها فربما كانت أسماء مثل حيدر، وحاتم، وهيثم فيها من معانيها ما يضفي على صاحبه من المعاني وقل مثل ذلك في مؤمن، وتقي الدين وصالح الخ.. وكان العرب يختارون لأسماء بناتهم المعاني الجميلة في معاني العفة والنبل والكرم والسمو والإشراف الخ.. وبعض الأسماء موحية إيحاءات أخرى مثل أثر الإسلام في صاحبه، أو في أبيه الذي اختار الاسم، فأسماء البنات آلاء، وساجدة، وآيات، الخ.. وأسماء مثل محمد سيد الأسماء ومشتقاته ،ومثل تاج السر، وسر الختم، وحاج حمد، والبرعي، وبركات، والتجاني ذوات إشراقات صوفية.. بيد أن بعض الأسماء فيها ما فيها من عدم دقة المعاني، فمثلاً فريد ليس هو فريداً في كل شئ، ووحيد قد يكون له إخوة، وأسماء البنات نجلاء واسعة العينين هل هي صفة لكل من تسمى به، وهل هيفاء ستظل هيفاء الخ.. ومن الأسماء ما يدل على طموح غير مرشد، مثلاً أحلام بهمزة عليها فتحة وليست بكسرها: أتراها موحية بأحلام سعيدة أم غير ذلك، ومن طرائف ذلك إن تلميذة جاءت لنا في مدرسة خاصة اسمها أحلام ومعها والداها وطلبا أن تسجل في المساق العلمي، وكانت درجاتها لا تؤهلها لذلك، والعجيب أن نظم وزارة التربية والتعليم تكفل لها الحق دون التقيد برأي إدارة المدرسة، وكنا نقيد ذلك بحصولها على 75% في المواد العلمية، ولما نصحنا والدها بأن تدرس في المساق الأدبي، قال إنه سيحضر لها معلماً في كل مادة علمية، وتحت إلحاحنا- كاد يقبل- لكن الأم نظرت إلى بنتها أحلام وقالت أننا نريدها دكتورة أحلام! ثم خرج الرجل والأم والبنت، وجلست الطالبة في المساق العلمي، وفي العام الذي يليه جاءت الطالبة وأمها للتسجيل في الأدبي مع عذر لطيف، هو إن بنتها أحلام هذه سحروها فأصبحت لا تحب دراسة الكيمياء والفيزياء والأحياء، وقلنا لها حصل خير، وتذكرنا قول سيدنا علي كرم الله وجهه قيمة المرء ما يتيقن.