نعم.. (آخر لحظة) ستقاطع السكرتير الصحفي (المكلف) لرئيس الجمهورية، وهو من الذين قد لا يعرفهم الكثير من الصحفيين الحاليين، إذ لم يجدوه أمامهم في ساحات العمل الصحفي من خلال الصحف المستقلة، وغير الحكومية، وحتى الذين عملوا في الصحافة وقتها، قد لا يعرفه منهم الكثير، إذ أنه لم يترك أثراً.. ولا تأثيراً. جاءت المقادير بزميلنا، عماد سيد أحمد، سكرتيراً صحفياً للسيد رئيس الجمهورية، جاءت به (مكلفاً) بحكم قربه من (البلدوزر) محجوب فضل بدري، الذي عندما صدر قرار إعفائه من منصبه كسكرتير صحفي للرئيس، أشفقت على من سيأتي بعده، وقلت للمقربين مني ومنه: إن (فرقة) الرجل لن يسدها عشرون من الأشداء الأقوياء القادرين، فهو (حضور)، و(قبول)، وجرأة، وعلاقات عامة ممتدة مع الجميع.. فقليل من قليل في الأقل هم الذين لا يعرفون الأستاذ محجوب فضل بدري. انتقد زميلنا الصحفي الكبير، والكاتب الأستاذ عابد سيد أحمد، قبل أشهر، انتقد السكرتير الصحفي المكلف في القصر، وقارن بينه ببين الأستاذ محجوب، وهذا رأي لا نتدخّل لدى صاحبه، لكن يبدو أن الأمر أوغر بعض الصدور، وربّما يشق على ذلك البعض وجود الأستاذ محجوب فضل بدري، بيننا كاتباً راتباً وصديقاً، وعلاقتنا بالأستاذ محجوب قديمة، قبل أن يكون سكرتيراً صحفياً للرئيس، لأنه صديق في المقام الأول، والصداقة عندنا فوق المواقع والمناصب والعزل، ولن نستبدل الصديق بذهب الدنيا، لأننا خبرناه وعرفناه، وهو عرفنا وخبرنا، بكل ما فينا من مزايا أو عيوب. كنا نتوقع أن تخصص رئاسة الجمهورية طائرة خاصة للصحفيين ورموز المجتمع والفنانين والرياضيين ورجالات الإدارة الأهلية وممثلات المرأة، ليكونوا جميعهم شهوداً على تلك اللحظة التاريخية، فوالله.. والله.. والله.. ما أردناها لنا وحدنا.. بل لنا ولكل الناس.. ولكن يبدو أنه ليس في سكرتارية السيد رئيس الجمهورية الصحفية رجل رشيد له خيال ورؤية وقدرة ونفاذ إلى جوهر المعاني. ظللنا في (آخر لحظة) نتبنى موقفاً وطنياً محدداً تجاه دارفور، لم نحد عنه قيد أنملة، بل وكنتُ شخصياً من الأوائل الذين حاولوا معالجة الأزمة باجتهاد نسأل الله أن يقبله، مع مجموعة من الزملاء الأفاضل، تمخض عن أول كتاب يصدر عن دارفور عقب الأزمة، حمل اسم (دارفور الحقيقة الغائبة) ترجم إلي الإنجليزية، والفرنسية، ونفدت كل طبعاته حال صدورها.. ولكن لا أحسب أن السيد السكرتير الصفحي (المكلف) قد اطّلع عليه أو كان له به قليل معرفة! وظللنا في (آخر لحظة) نتابع أمر دارفور لأن الأمر أمر وطن ، لا أمر أفراد، ورافقنا السيد الرئيس في كل رحلاته إلى دارفور، بل وكثيراً من المسؤولين ممن هم دونه في الموقع، لأن الوطن يعنينا ويهمنا أمره، ولا تعني لنا الرحلات (بدل سفر) أو (مأمورية) لأننا لسنا موظفين ولا نتقاضى أجراً من الحكومة، ولا نسعى إلا لإرضاء ضمائرنا المهنية، وقواعد قرائنا العريضة في الصحف. الآن نعلن عن مقاطعتنا للسكرتير الصحفي (المكلف) بالقصر، ولكلّ ما يصدر دعوة منه إلى أي رحلة يقدمها لنا، مع كل احترامنا للسيد رئيس الجمهورية، ورئاسة الجمهورية، ووزيرها الذي نكنّ له كل تقدير واحترام السيد الفريق بكري حسن صالح. ولا نجد إلا بأن نختم بقول الله تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) صدق الله العظيم.