بتوقيع الاتفاق الإطارى بين الحكومه وحركة العدل والمساواة، تكون أزمة دارفور قد انتقلت لمرحلة جديدة، تعيد فيها الحكومه حساباتها.. وقد يعلم الجميع بأن معظم قادة العدل المساواة ينتمون للمؤتمر الشعبي، ويعتبرون د.الترابي هو المرجع الأساسي لهم.. ومما يستوجب الوقوف عنده هو.. كيف يمكن لحزب المؤتمر الشعبي، وزعيمه د.الترابي، أن يهدي للمؤتمر الوطني، وزعيمه المشير البشير (كرتاً رابحاً) ونحن علي أبواب الانتخابات؟؟ ولست من الذين يؤمنون بنظرية المؤامرة، ولكن السؤال السابق يفرض نفسه.. وقد كسبت حركة المساواة حرية المئات من أعضائها المشاركين في غزو أم درمان!! وأنقذت عنق عبد العزيز عشر، الأخ غير الشقيق لخليل إبراهيم، من حبل المشنقة، ومعه عدد كبير من (قتلة) شهداء غزو أم درمان.. ولكل شيء ثمن، فليكن إطلاق سراح هؤلاء الغزاة القتلة المدانين، هو ثمن سلام دارفور.. وهذا حق كفله الدستور للسيد رئيس الجمهورية، لا ينازعه فيه منازع.. ولكن!! ماذا ستقدم لنا حركه العدل والمساواة بالمقابل؟ ولماذا صمت المؤتمر الشعبي إزاء هذا الاتفاق، الذي اعتبر اختراقاً كبيراً بكل المقاييس، وثقتنا في د.غازي لا تحدّها حدود، (فلا هو خِب ولا الخبُ يخدعه).. وهو مفاوض عنيد، وخبير، بصير بخبايا ومسالك التفاوض، ولا تخفى عليه شاردة ولا واردة، وهو صاحب الاختراق الكبير في مفاوضات السلام الشامل، بإنجازه لبرتكول مشاكوس، الذي ثبَّت حكم الشريعة الإسلامية في الشمال على إطلاقه، وأتاح فرصة تطبيقها في الجنوب على من أراد من أهله، وهذا لعمري من أكبر الإنجازات.. وهو صاحب مقولة:(الما قدروا يشيلوه المتمردين بالبندقية. مابيقدروا يشيلوه مننا بالنضمي). نحن نبارك ونشارك بالفرحه اتفاق إنجمينا، وتوقيع الدوحة، ولن نفسد بهجة الناس بهذا الإنجاز التاريخي والذي يعد بدايه النهاية لأزمة دارفور، ولكن الواجب يحتم علينا أن نتمثَّل مقوله أمير المؤمنين ابن الخطاب(الفاروق) والذي يحمل اسمه تيمناً الرئيس عمر) بأن للمؤمن (عقلاً يمنعه من أن يُخدع.. وورعاً يمنعه من أن يَخدع) وقريباً من حسن النية، والشفافية، والموضوعية.. تكمن الخديعة، والتدليس، والمؤامرة. وإن يريدوا خيانتك فإن حسبك الله.. الآية. والشارع يسأل.. وأين المحكمة الجنائية، وقضيتها الملفقة، المعلقة، والتي أدلى بشهادات الزور فيها هؤلاء الذين وقَّعنا معهم.. هل سيسحبون إفاداتهم وشهاداتهم، ويعترفون بأنهم كانوا كاذبين!؟ وأين بقية الفصائل، وعبد الواحد؟ وهل سيتصالح مناوي مع خليل بعد معارك جبل مون ويخلي له موقعه(كبير مساعدي الرئيس) مثلما تنازل الأستاذ علي عثمان من منصبه لدكتور جون قرنق؟ وهل ستدخل حركة العدل والمساواة والفصائل الموقعة الانتخابات، بعد أن تتحول لحزب سياسي في الأيام المتبقية قبل الانتخابات؟؟ أم هل ستضع (بيضها) في سلة المؤتمر الشعبي؟ وهل ستجر دولة تشاد حليفتها فرنسا ساركوزي إلى حلبة الاحتفال، بدلاً من دورها الحالي الذي أوقفت نفسها عليه، وهو العداء والكيد للسودان، والتجسس عليه، والتستر على جرائم اختطاف أطفال السودان، وبيعهم في سوق النخاسة الأوربي، تحت مسميات إنسانيه؟؟ وكنت من المتوجسين ولا أزال من أن تلعب القوات الفرنسية في شرق تشاد دوراً قذراً ضد المطلوبين من المحكمة الجنائية المزعومة، بما فيهم السيد رئيس الجمهورية المفدَّى إذا مازار تشاد!! كل الدلائل تشير إلى أن اتفاقيه الدوحة تمثل حجراً كبيراً في بركة ساكنة، تنداح مع سقوطه دوائر لا متناهية ومنها هذه الأسئلة، التي يمور بها الشارع السواني هذه الأيام. قال السيد الرئيس الجمهورية:(إننا فاوضنا كل من حمل السلاح واتفقنا معه.. لأن أية نقطة دم سوداني أغلى من كل بترول الدنيا، وأهم من أي منصب) وهذا منتهى العدل والتسامح والأريحية وسعة الأفق.. لكن أحد أهلنا العرب قال لي: (والله الإنقاذ دي سياستها زي أم التيمان.. ترَّضع الصاحي البيبكي.. والنائم داك تخليهو في نومو.. إنتو كمان البيداوسكم ترَّضوه وتصالحوه وتدّوهو.. والبخدمكم ويساعدكم ويداوس معاكم تنسوهو.. وترموهو). وما قاله الرجل ينطبق أيضاً على من جاهروا الإنقاذ بالعداء من الإعلاميين، ومن أفنوا زهرة شبابهم في خدمتها.. وهذا هو المفروض .. ولكن !!