لو كنت مكان الأستاذ الكبير .. والفنان المسرحي الخطير.. والممثل والمخرج، الذي يمتلك أدوات المتعة والفائدة في العمل الفني، الأستاذ أحمد بدير (الصعيدي الاصيل).. لحلفت يمين طلاق بالتلاتة.. مش هشتغل مسرح في السودان!! مش كده وبس.. لأ.. ومش حأسلم علي أي سوداني كمان.. ومش حأجيب اسم السودان علي لساني.. طيب ليه؟! لأنه اتنصب عليَّ في السودان قبل كده!! وما لقيتش حد يقيف معاي!! لكن المعروف عن الفنان أحمد بدير حبه العميق للسودان.. وحرصه الأكيد على التعاون والتمازج والتكامل مع الفرق المسرحيه السودانية، والالتحام مع الشعب السوداني عامة، وجمهور المسرح خاصة.. لذا فإن الأستاذ الفنان أحمد بدير قَبِلَ الشراكة الفنية مع فرقة تيراب المسرحية، لتقديم مسرحية بعنوان (داير شنو؟) وأجري مع الفنانيين السودانيين من فرقة تيراب المسرحية بروفات (جامدة) في القاهرة، ثم جاء إلى السودان مصطحباً معه فرقة عالية المستوى، منهم: الفنان فتوح أحمد والفنانه سهام جلال، والفنان علاء مرسي، والفنان أحمد جمال، بجانب فرقة تيراب بنجومها الشباب الذين ذاع صيتهم باعمالهم القصيرة وإسكتشاتهم.. وكتب النص الأستاذ المصري صلاح عربي، وأضفى الأستاذ أحمد بدير لمساته الإخراجيه على العمل.. ولما كانت الجهة المضطلعة بإنتاج العمل وهي جهة سودانية خالصة وذات نوايا خالصة تفتقر للدُربة والخبرة والمال، فإن هذا الجهد الكبير كاد أن يتبدد أيدي سبأ.. وأن تكتمل (الصورة الشائهة) عن السودان لدى بعض الفنانين من الشقيقه مصر بأننا قومٌ لا نحترم كلمتنا.. ولانفي بالتزاماتنا.. ولا نجوِّد أعمالنا.. ولانخطط لها بصورة سليمة.. ولانتعاطى مع الأمور بالمهنية اللازمة.. وكل هذا وأكثر منه من صخور الواقع المرير، اصطدمت بها زوارق الأحلام التي حملت أحمد بدير وفرقته مع شركائهم فرقة تيراب الكوميديا. ولولا رجل مثل الأستاذ، سيد هارون، وزير الثقافة والإعلام بولاية الخرطوم، الذي قدم دعمه المادي ومساندته الأدبية للمسرحية لكانت فضيحتنا بجلاجل.. ومع تقديرنا العميق للوزير الفنان الإنسان ابن البلد، وسليل المشائخ الكرام.. إلا إن العمل بأكمله وقف على شفير الانهيار؛ بسبب عدم الالتزام، وإخلاف الوعود، بالرغم من الجهد الخارق الذي بذلته مسؤولة الإعلام الأستاذة وفاء معروف، والتجاوب الكريم الذي وجدته في قناة النيل الأزرق، وبعض الصحف التي تعي جيداً خطورة الأعمال الثقافية، وأهميتها، خاصة إذا كانت بهذا المستوى من الرقي وخدمة مستقبل بلادنا ووحدتها واستقرارها، فالنص يعالج قضية التدخل الاجنبي في بلادنا، والعمل علي صيانة الوحدة الوطنية ووحدة وادي النيل.. وقد جاء تفاعل الجمهور مع العرض الافتتاحي مذهلاً، أرضى طموح الأستاذ الكبير أحمد بدير وفرقته وأقنعهم بأن (البلد لسه بخيرها) وأنه الفلوس مش كل حاجة.. وأشهد للأستاذ فخري خالد بأنه اجتهد اجتهاداً خارقاً لضمان الرعاية من بعض الشخصيات والجهات الاعتبارية.. وشراء العروض التي تضمن تغطية مصروفات المسرحية والفرقة المصريه الزائرة.. وأشكر كذلك تفاني أعضاء فرقة تيراب في إنجاح العمل دون أن يتقاضوا أجورهم المستحقة.. ربما العيب في بدايات المنتج غير الموفقة وعدم تنسيقة الكافي مع جهات الاختصاص، ولكن الأمر أصبح واقعاً.. والعيب سيقع علي وجوهنا كلنا نحن السودانيين بالرغم من الموقف النبيل الذي اتخذه الأستاذ أحمد بدير وفرقته في أنه سيتنازل عن كل حقوقه وفرقته ويعيد العقود المبرمة للجهة التي وقعت معه ويعود لمصر خالي الوفاض إلا من إحساسه بأنه قدم عملاً غير مسبوق؛ ليرتقي بالفن المسرحي السوداني ويري في نجوم تيراب الكوميديا بذرة خير لمستقبل واعد، وقد عمل وفرقته على الخشبة على إسنادهم وجعلهم يلعبون أدوار البطولة وهم يرعونهم بكل خبرتهم وثقلهم المسرحي المعروف.. والكلام هنا لكل من يهمه الأمر.. وتحديداً الوزير السلطان محمد يوسف محمد، وزير الثقافة.. ليدعم هذا العمل فوراً.. وللأستاذ جمال الوالي، والذي تجمعه بالفرقة أواصر جيَّدة، بأن يستخدم سخاءه الذي عرَّفه به السيد الرئيس، وللأجهزة الإعلامية الرسمية، وللإعلام الخاص ولإعلام المؤتمر الوطني، ولإعلام مفوضية الانتخابات، بأن يثمِّنوا عالياً، ويدعموا هذا العمل الوطني الخالص.. وليبيضوا وجه بلادنا.. التحيه للأستاذ أحمد بدير، وفرقته.. والتحية والتجلة للأستاذ سيد هارون، وللأستاذ أنيس حجار، ولسوداني بكل تفاصيلها وفصولها.. وفي النهاية، أحمد بدير داير شنو، غير التقدير والاحترام؟ وهذا لابد أن يترجم بالأفعال وليس بالأقوال.. وحقك علينا يا أستاذ.. وهذا هو المفروض