أيام كنت أحد مستشاري التحرير بصحيفة «أخبار اليوم »دخل عليّ يوماً صديقنا الصحفي المدهش هيثم كابو ليخبرني باختياري رئيساً لتحرير صحيفة «فنون» التي تقرر إصدارها عن دار البلال، وعرفت بعد ذلك أن كابو هو صاحب الفكرة وأنه هو الذي رشحني بعد أن تعذر له في الأول أن يصبح رئيساً لها بحكم سنه. وقد تفاكرنا في اللقاء الأول الذي جمع بيني وكابو وأستاذنا أحمد البلال الطيب حول الصحيفة.. الأهداف والرؤى الجديدة التي ستصدر بها كأول صحيفة فنية في بلد تعجز فيه حتى الصحف اليومية عن نشر صفحة فنية يومية أُسوة بالرياضة والاقتصاد.. ثم تباحثنا حول من سيكون فيها من الأقلام الجاذبة التي بإمكانها أن تجعل من الفنون صحيفة تنافس في السوق ويدفع لها المواطن وسط الخيارات الكثيرة من ماله كل يوم وأعجبني في اللقاء حماس كابو لفكرته وكنت أتمنى في قرارة نفسي أن يكون هو رئيساً لتحريرها بدلاً من أن يكون نائباً، فأنا أعرف المحبة الكبيرة التي يكنها لي كابو كما يعرف هو معزته في نفسي وهي التي جعلته يقدمني في تجربة هي ملكه ولهذه القناعات اعتذرت خلال الترتيبات عن تولي الرئاسة وشاءت الأقدار المفرحة أن يستجيب د. هاشم الجاز للطلب الذي تقدم به كابو باستثنائه عن شرط العمر الذي كان عائقاً لتوليه الرئاسة فسعدت للخبر أيما سعادة وكنت على يقين أن «فنون» ستكون جاذبة لعدة أسباب أولاً أن رئيس تحريرها شاب متحمس له قدرات صحفية عالية خاصة في صناعة الدهشة في زمان لا ينجذب فيه القارئ إلا لكل ما هو مدهش، و ثانياً أن كابو حسب معرفتي به لا يراهن على الصحفيين المميزين بحكم اعتزازه بنفسه، وثالثاً أن الأستاذ أحمد البلال حريص على نجاح التجربة ومراهن عليها.. فكل هذه المعطيات جعلتني وأنا رئيس تحرير صحيفة المستقلة أكتب عن فنون وهي تعلن عن قرب صدورها «مبروك نجاح فنون» والتي لم تخذلن بتأكيدها أن جماهيرية الفنون كبيرة وأن المخاوف السابقة لا مبرر لها.. وقد أصبحت بالفعل الآن من الصحف التي لها جمهورها الكبير بفعل العوامل والأسباب السابقة التي أشرت إليها. وقد نجح كابو فعلاً في صنع الدهشة فيها كما نجح في استقطاب أقلام مميزة مثل «أبو النقد الفني» أستاذنا ميرغني البكري والصحفي الفنان أمير عبدالماجد الذي يعد من الصحفيين الشاملين والرائع محمد عبدالماجد بأسلوب السهل الممتنع، والقلم الرائع المميز سراج الدين مصطفى.. والأستاذة «أم وضاح» التي أكدت أن الأقلام النسائية في النقد الفني لها طعم خاص وضرورة.. وبالمثل تعجبنا إطلالات محمد الأمين الطيب وغيرها من الإطلالات البهية.. فشكراً أستاذنا البلال وصديقنا كابو وبقية العقد الفريد .. فالفكرة التي عايشتها جنيناً قد ولدت أنيقة وجملية.