عزيزي الكاتب الغالي أبعث إليك عاطر التحايا وعظيم شكري وعرفاني لتفضلك بإفساح ذلك المجال لكلماتي المتواضعة في عمودك الرائع.. وعشمي أن تتم جميلك وتتكرم بإفساح مساحة أخرى لي لأتواصل معك ومع قرائك الأعزاء. أولاً وقبل كل شيء أقول لك ألف بُعد الشر عليك.. وإن شاء الله أعداءك.. وأسأل الله أن لا يكسر لك قلم ويمد في أيامك ويطول عمرك، لتنعم مع أبناء وبنات وطني الصابرين بأيام طيبة في ظل الديمقراطية الحقة والرخاء ورد المظالم.. فإذا فاز من نؤيده نحن تأتي لتبارك لنا الفوز، وإذا فاز من تناصره أنت نأتي إليك نحمل التهاني، فالهم واحد والهدف واحد حسبنا الآن أننا نعيش في جو شبه ديمقراطي، ويجب أن نعض بالنواجز على ما أتاحته لنا نيفاشا وقد كان أملاً دونه السراب.. ولا عودة بإذن الله لأي شمولية. وعودة إلى السيدة القديرة مرشحة رئاسة الجمهورية الدكتورة فاطمة عبد المحمود.. لم تكن الدكتورة فاطمة في قمة السلطة في عهد مايو.. كانت وزيرة طبيبة شابة جميلة وذكية ومتزوجة من أحد خيرة أبناء هذا البلد- البروفيسور سعيد المهدي عليه رحمة الله- الذي وقف إلى جانبها وساندها، لأنه على دراية بتطلعاتها ومقدراتها على البذل والعطاء وإصرارها على النجاح. نعم لم تكفها 16 سنة من السلطة.. وتقدمت بثبات لتنافس للوصول إلى قمة السلطة، وهي هذه المرة ليست فقط الشابة الذكية الصبوحة الطموحة.. وإنما يفضلها عن ذلك خمسة وعشرون عاماً تراكمت خلالها خبراتها وتجاربها التي صقلتها بالعمل الجاد في جميع الميادين داخلياً وخارجياً، وإذا بتقول سيدي الغالي «بعظْمة لسانك» إن الرئيس نميري كان ينفرد بالقرار.. فكيف تحمِّل كل من شارك في حقبة مايو كل أخطاء النظام، ثم أين أنت من محاسن مايو؟ فمن المؤكد أن هناك الكثير من الإنجازات الجميلة.. ولا شك أنك تتفق معي على أن عهد مايو ضم الكثير من المخلصين ذوي الكفاءة والمعرفة والخبرة والذين تميزوا بعفة اليد واللسان، وكما قال الأستاذ محمد إبراهيم نقد: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر. نعم إنني من المؤيدين للبروفيسور د. فاطمة عبد المحمود.. تعجبني قوتها وشجاعتها وإصرارها ومقدرتها على الاقتحام والمنافسة والنجاح، وانحيازها للبسطاء من أبناء هذا الشعب وإشفاقها عليهم، أقول ذلك وأنا لم أكن من كوادر الاتحاد الاشتراكي ولا من كوادر اتحاد نساء السودان، ولكنني عاصرت مايو طالبة بالجامعات السودانية التي كانت قليلة وجميلة وعاصرت مايو موظفة بالخدمة المدنية، ولأن الكفاءة كانت هي المقياس الأوحد لم يكن عدم اندماجي مع كوادر النظام عائقاً بيني وبين التعيين في أفضل المرافق وتلقي التدريب والبعثات الخارجية، فالمنح التدريبية القصيرة والطويلة كانت تنهال علينا من كل صوب عندما كانت علاقات السودان عامرة مع كل دول العالم، ذلك بالإضافة للبعثات الحكومية.. فقد كان الخريج العامل في الخدمة المدنية يملك الحق في الدراسات العليا في الخارج بمجرد إكماله عامين في الخدمة.. ثم اتخذ الرئيس نميري (طيب الله ثراه)- والذي طالما وقف إلى جانب تمكين المرأة- قراراً بأن أي مبعوث من الدولة للدراسات العليا وهو متزوج من جامعية تذهب معه زوجته كمبعوثة وليس كمرافقة للزوج، وفي تلك الحقبة حصلت كثير من النساء الخريجات على فرصة الدراسات العليا بالخارج بإنجلترا وأمريكا وألمانيا وهولندا وبلجيكا وغيرها.. تالله كيف كان سيصبح وضعنا إذا استمر الحال على ذلك إلى الآن؟. من هنا ترى سيدي الغالي أن نظرتي للأمور ليست سياسية بحتة بل تغلب عليها الناحية الاجتماعية، سعياً وراء مصلحة ورفاهية الفرد السوداني في كيانه وأسرته والحفاظ على حقوقه وثرواته، وأنا أتمنى أن ينهج الساعون للإمساك بزمام السلطة- أياً كانوا- نهج مايو في الاهتمام بالتنمية البشرية وتعهد الأفراد بالتدريب والتأهيل، حتى تعود للخدمة المدنية كفاءتها ومكانتها ووقارها ونزاهتها محمية بالمساواة والعدالة والمحاسبة. ولك ودي عايدة الجعلي