أكتب هذه المرة عن شاعر كبير من شعراء العربية ألا وهو الشاعر الكبير الأستاذ الشيخ محمد سعيد العباسي.. الذي ينتمي إلى الدوحة الطيبة التي تعود جذورها إلى الصوفي الشهير الشيخ الطيب بن أحمد البشير- راجل أم مرحي- في أقصى ديار الجعليين ووسط أرومته وقبيلتة من الجموعية أبناء جعل من الضوّاب السروراب أبناء غانم العباسي.. فهو من هو في هذه الدوحة الطيبة بن محمد الشريف نور الدائم بن الشيخ الطيب.. والعباسي كان لدى مريديه شيخاً ولدى أحبابه شاعراً.. وقد شهدت هذه الأسرة إبداع الشعر الباذخ كابراً عن كابر، عند الشيخ محمد شريف (أستاذ المهدي) وعند الشيخ قريب الله (أبو صالح) شيخ السجادة السمانية القريبية في السودان - بل وعند الأفذاذ من أنجاله: الشاعر الكبير الناصر قريب الله صاحب الناصريات - التي أنجزت عنها دراسة علمية أكاديمية ماتعة الاكاديمية الراحلة الدكتورة فاطمة القاسم شداد.. وكذلك عند نجله المعلم المشهور الهادي قريب الله.. أما العباسي فعلى علو مكانته شاعراً ومبدعاً فكفاه أنه خلف لنا على سلسلة هذه الدوحة ابنه الشاعر الراحل الأستاذ الطيب العباسي الذي رحل عنا آخر عامنا الماضي والذي كتب لنا الرائعة التي يتغني بها الطيب عبدالله. يا فتاتي ما للهوى بلد كل قلب بالحب يبترد إلى أن يقول: اَلأن السواد يغمرني ليس لي فيه يا فتاة يد وأنا ما خلقت في وطن في رباه الحب يضطهد وإذا كان هذا قول الطيب في الحب عبر هذا اللحن الجميل.. فإن أجمل الأشعار ذلكم الشعر الجميل الذي كتبه والده العباسي في حب مصر والذي يقول في مطلعه: أقصرت مذ عاد الزمان فأقصرا وغفرت لما جاءني مستغفرا ما كنت أرضى يا زمان لو أنني لم ألق فيك الضاحك المستبشرا يا مرحباً قد حقَّق الله المني فعليَّ إذ بُلِّغتها أن أشكرا يا حبذا دار نزلت وحبذا إبداع من ذرأ الوجود ومن برى مصر وما مصر سوى الشمس التي بهرت بثاقب نورها كل الورى ولقد سعيت لها فكنت كأنما أسعى لطيبة أو إلى أم القرى وبقيت ماخوذاً وقيد ناظري هذا الجمال تلفتاً وتحيرا إلى آخر القصيدة وإلى أن يقول في أجمل مقاطعها لصديق عزيز: يا من رعيت وداده وحسبته درعاً إذا جار الزمان ومغفرا اسمع نصيحة مشفق ما غيرت منه الظنون هوىً ولن يتغيرا والنصح من شيم الصديق فإن ونى عدوه في شرع الوداد مقصرا إلى آخر القصيدة ألا رحم الله العباسي وأجزل له بقدر ما أعطى لوطنه وبلاده.