دور المبدعين في كل مجالاتهم لا يختصر على الأداء فقط بل المشاركة في كل قضايا المجتمع بصورة عامة، وظهر ذلك جلياً منذ القِدم عندما تغنت الفنانة عائشة الفلاتية للجيش «إجو عايدين إن شاء الله عايدين يا الله»، وواصلت بعدها الفنانة حواء الطقطاقة المسيرة حتى الآن، وتوالت بعدها المبادرات والمشاركات التفاعلية في الأعمال الخيرية والسياسية والاجتماعية، وكان للرياضيين مساهماتهم في المباريات التي تجرى لصالح مقاصد إنسانية، كما إننا لا ننسى الأسواق الخيرية التي بدأت منذ أمد بعيد، وكان للمطربين القدح المعلى في إنجاحها والمشاركة فيها بدون مقابل، وجميعها تصب في المساعدات الخيرية والإنسانية. وتلاحظ في الفترات الأخيرة ازدياد تفاعل المبدعين في قضايا المجتمع في شتى المجالات، وبصورة كبيرة توضح ارتفاع وعيهم وسعة إدراكهم بقضايا مجتمعهم، والأمثلة على ذلك كثيرة وأبرزها نداء «أنا السودان» الذي نظمته مجموعة الفنان الجيلاني الواثق، ونداءات فرقة عقد الجلاد المتواصلة والمتكررة لمساعدة أبناء دارفور من خلال إقامة حفلات مجانية، يعود عائدها لمعسكرات النازحين بدارفور والكثير من المساهمات لهذه الفرقة، بالإضافة إلى مشاركات عدد من الفنانين في عدد من المبادرات الإنسانية، وزيارة دور المسنين ورعاية الأطفال بالمايقوما وغيرها، وأبرز تلك المشاركات كانت للفنان كمال ترباس ومحمود عبد العزيز وطه سليمان وشكر الله عز الدين وآمال النور بحفلها الأخير «حق اللبن» للأطفال مجهولي الأبوين، هذه بعض المشاركات فقط وليست على سبيل الحصر وحجم التفاعل الكبير من المبدعين تجاه القضايا الوطنية. ولفت الانتباه في الأيام القليلة الماضية مع المرحلة المهمة التي تمر بها البلاد من خلال الانتخابات القادمة، والتي تشغل بال كل أبناء هذا الوطن، ارتفاع معدل مشاركة المسرحيين والفرق الكوميدية لتعريف المواطنين من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة بطرق الاقتراع والتصويت وتنوير المواطنين بها. وساهموا بذلك بصورة كبيرة حتى أصبحت حلقاتهم مسار اهتمام الناس وحديثهم في مجالسهم، كان أشهرها «يا خلف الله عذبتنا» للفنان جمال حسن سعيد وفرقته. كما كان للمطربين أدوار كبيرة في الحملات الانتخابية لعدد من المرشحين في الأحزاب السياسية المختلفة، وعطروا من خلالها أجواء الانتخابات بالأغنيات الوطنية والعاطفية والحماسية، وكما برز من المشاركين في هذه الحملات من المطربين الفنان أبو عركي البخيت ومحمود عبد العزيز وجمال فرفور وطه سليمان، هذا بالإضافة إلى تدشين أكبر ملحمة غنائية في تاريخ السودان بمشاركة «45» موسيقياً ومطرباً، كان من بينهم الفنان وليد زاكي الدين وأسرار بابكر وإيمان توفيق ورماز ميرغني.