قبل مباراة الأمس بين المنتخب الجزائري والمصري، شهدت شوارع الخرطوم مظاهر عنف من جمهور الجزائر ومصر في بلد لا تعرف التعصب والعنف المادي والعنف اللفظي.. في قلب السودان العربي أمام فندق قباء، حيث يقيم بعض مشجعي المنتخب الجزائري حدثت مشادة عنيفة بين مصري من المقيمين في السودان لسنوات طويلة وأصبحت الخرطوم عنده مثل القاهرة يتجول في الشوارع ويحتسي القهوة عند (حاجة كلتوم) الشهيرة بجودة صناعة القهوة، فانهال عليه الجزائريون بالضرب حتى جلس المصري المغلوب على أمره على الأرض يغالب ضربات الجزائريين وهتافات (لا يفهمها) إلا القادمون من المغرب العربي.. تدخل بعض السودانيين لنجدة المصري المسكين لا حباً فيه، ولكن للإحساس بأن الضعيف يستحق المساندة. أمام مقهى شهير بشارع المطار كان جزائري لا يتحدث العربية.. طار من باريس للخرطوم والإحساس بالتراب والوطن رغم الغربة والهجرة التي فرضت عليه لأسباب خاصة ببلاده، يجد نفسه بين عشرات المصريين يهتفون لبلادهم بطريقتهم الخاصة، والسودانيون يحبون (الفرجة) على ما يجري، فاقترب أحد المصريين من الجزائري وفي سرعة الملاكم اليمني نسيم حميد (طرحه) على الأرض وأخذت الدماء تنهال من وجهه والأحذية المطلخة بالتراب تنهمر على جسده.. فقط لأن الرجل جزائري... في الحالتين كانت الشرطة في الموعد وصافرات قوات الطواريء تفرق بداية العنف والإنفلات الذي جعل السودانيين في حالة من الذهول لما يحدث أمامهم من تمادٍ في العنف وغياب كامل للعقل!!. كل فنادق الخرطوم عجزت عن استيعاب الزحف البشري القادم من القاهرة ووهران .. بعض السودانيين لا يخفون مشاعرهم في مساندة مصر الحبيبة لقلوبهم، وبعض السودانيين يساندون الجزائر لا حباً في منتخبها، ولكن صورة ومشهد المصريين وهم يشجعون المنتخب التشادي في مواجهة السودان العام الماضي لن تمحوها كلمات التطييب والمجاملة والتاريخ البعيد والمصالح القريبة.. لكن الاتحاد الذي أنقذه جمال الوالي بملعب إستاد المريخ تفاجأ بالحدث الكبير وتفاجأ بالزحف الجماهيري من دولتين تملكان الثروة والقدرة على نقل المشجعين مجاناً وبالفئات الرمزية من أجل مساندة منتخبيهما وهو درس لاتحاد الكرة السوداني الذي جعل من المنتخب آخر اهتماماته وهو درس كيف تساند الشعوب منتخبات بلادها ونحن ننصرف عن تشجيع المنتخب السوداني حتى يضطر اتحاد د. كمال شداد لفتح أبواب الإستادات مجاناً للجماهير. هل يستطيع السودان تنظيم بطولات كبيرة مثل كأس الأمم الأفريقية وكأس العالم؟.. بالطبع الإجابة بالنفي ولولا وجود شخصية مثل جمال الوالي وظفت المال لبناء إستاد المريخ لما شهدنا ما حدث أمس في شوارع الخرطوم من مظاهر بعضها لا يشبه الرياضة وبعضها حضاري وثقافي يؤكد كل يوم أن الرياضة ما عادت فقط مباريات وكؤوس!.