ربما نظر كثيرون من أبناء جيلنا والجيل الذي سبقنا إلى صاحب الدهليز من باب مجالسه الخاصة في دهليزه العامر الذي تزينه حدائقه المعلقة كما يقول أستاذنا وأستاذ الدبلوماسية السودانية محمد عثمان يسن.. وربما شدَّ البعض خمريات هذا الشاعر الكبير وعبقريته العظيمة في التصوير والإبداع.. ولعلَّ درتها الناصعة الباهرة رائعته «جنة الإشراق» والتي عنى بها كسلا عاصمة التاكا الراقية الجميلة وينبوعها الرائق الصافي توتيل ورمزها الكبير «سيدي الحسن».. أو كما تقول الأهزوجة الشعبية اللطيفة «سيدي الحسن في كسلا».. وقد شهدت شخصياً في كسلا منذ عقود السيد الحسن الميرغني «الحفيد» في هذه المدينة.. وأن هذه المدينة كلها في يوم من الأيام تعادل هذا الرجل الصالح الوطني الخيِّر الذي يعبر عن كسلا أصدق تعبير. ولكن كسلا القاش وتوتيل والميرغنية وحي الحلنقة أصحاب كسلا الأصليين، كل هذا خلَّده توفيق صالح جبريل في رائعته «جنة الإشراق» والتي قال فيها: نضَّر اللهُ وجه ذاك السَّاقي إنّه بالرحيق حلَّ وثاقي كسلا أشرقت بها نارُ وجدي وهي في الحقِّ جنَّةُ الإشراق والتي تغنى بها الفنان ابن الفنان والأديب ابن الأديب والشاعر ابن الشاعر المبدع عبد الكريم الكابلي.. وهذا جانب جميل مشرق من حياة وإبداع توفيق صالح جبريل.. ولكن الجوانب الوطنية والنضالية والوحدوية في حياة توفيق صالح جبريل جوانب لم يكشف عنها بعد.. وإن بدأ فيها وخلَّدها رفيق عمره الدبلوماسي الكبير الأستاذ محمد عثمان ياسين وكيل الخارجية السابق في كتابه الجميل «الشاعر توفيق صالح جبريل» والذي أصدره -رحمه الله- عن دار الثقافة في بيروت منذ أربعين عاماً.. ولعل هذا يكون مدخلنا ومدخل الادباء الباحثين عن حياة وتراث هذا الشاعر الكبير.