ظلَّت قضية التزوير واحدة من القضايا التي تؤرق المجتمع السوداني خاصةً وأنها بدأت تتواكب مع التطور التكنولوجي، حيث بات بالإمكان تزوير أخطر المستندات التي تمثل أهمية قصوى في حياة المجتمع كالجنسية والشهادات الجامعية والتوكيلات الشرعية وعقودات الزواج وغيرها من المستندات.. ولما كان لهذه القضية مخاطرها دقت أجهزة الاختصاص ناقوس الخطر، خاصة وأن الظاهرة بدأت في تنامي مطرد حيث بلغت في العام الماضي «434» حالة تزوير حسب الإحصائية الصادرة من الإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية.. وللوقوف على رأي أهل الشأن والاختصاص في القضية خاصة وأن أصابع الاتهام أشارت إلى مشاركتهم في القضية. المحامون والتزوير: قارن الأستاذ عادل عبد الغني بين التجاوزات التي تحدث وسط شريحة المحامين والفئات الأخرى، وقال إن الظاهرة تحدث وسط كل فئات المجتمع. لكنه عاد وأكد أن المجتمع يحمِّل المحامي مسؤولية الأخطاء بصورة فظة رغم أن تلك الأخطاء تحدث دون قصد، وذلك ما قاله وزير العدل السابق مولانا محمد علي المرضي الذي أشار في سمنار ناقش قضية التزوير في وقت سابق إلى انتشارها وسط قلةمن المحامين، موضحاً أن معظم هذه المخالفات تأتي دون قصد ولا يكون للمحامي مصلحة فيها، وأحياناً يكون المحامي نفسه ضحية. المستشار القانوني والناشط في مجال حقوق الإنسان معتصم الأمير المحامي قال إنه ضد اتهام المحامين بالضلوع في عمليات التزوير في المستندات وإنه اعتقد أن سلطة التوثيقات سلطة ممنوحة للمحامين من السيد رئيس القضاء ولها ضوابط تناولتها بالتفصيل لائحة ضوابط التوثيقات لسنة «2002» وكذلك ميثاق أخلاقيات مهنة المحامي، وأبان الأمير أن حالات التزوير من بعض المحامين حالات معزولة ولاتمثل قانون بأي حال من الأحوال ولا يمكن لأي شخص أن يتهم المحامين بالضلوع في التزوير، فهم يلتزمون بالقانون باعتبارهم القضاء الواقف وأن العدالة لا يمكن أن تقوم دون وجود محامي يدافع عن الحق وأن اتهام المحامين بالضلوع في التزوير يضعف من الثقة الممنوحة للمحامي الموثق، وإذا كانت هناك حالات بعينها فإن القانون كفيل بمعالجتها. الأستاذ صديق كدودة المحامي قال إنه ضد تعميم الأشياء، وذكَّر الناس بوضعهم المهني وطالب بذكر اسم أي محام يمارس التزوير على المستند، وقال قرأت قبل أيام في الصحف أن الشرطة ضبطت أفراداً من القوات النظامية بحوزتهم كمية من المخدرات، هل هذا يعني أن معظم أفراد الشرطة يتاجرون في المخدرات، مؤكداً أن هنالك أخطاء في التوثيقات لكنها لم تكن مقصودة. وما قرأته في الصحف حول اتهام وزير العدل السابق بضلوع قلة من المحامين بالتزوير، فقد أكد أنه لم يكن يقصد الإساءة للمحامين لأن علاقته حميمة مع المحامين عندما كان وزيراً للعدل. الأستاذ وجدي صالح المحامي قال: في تقديري لا تخلو أي مهنة من الأشخاص المتجاوزين للقانون فيها وإن ظاهرة التزوير وسط المحامين ليست شائعة ولكنها تصدر من بعض الأفراد أحياناً وهي سلوك شخصي قد يكون غير مقصود أصلاً، وإذا كان بعض المحامين يمارسون التزوير فيجب ذكر أسمائهم حتى يتجنب الناس التعامل معهم حفاظاً على حقوقهم. من جانبه قال العميد معتصم أحمد الكجم، مدير إدارة مكافحة الجرائم المعلوماتية وخبير كشف التزوير بالإدارة العامة للمباحث والتحقيقات الجنائية، إن التزوير في المستندات يبدأ منذ ولادة الشخص واستخراج شهادة ميلاده، وتلك المستندات مهمة في حياة الإنسان ولابد من وضع حماية لها من ضعاف النفوس، وشكا الكجم في سمنار حماية المستندات الرسمية من التوزير الذي عقد بمركز الشهيد الزبير بالخرطوم الأسبوع الماضي، شكا من ضعف العقوبة التي تقدر ب «7» سنوات سجن، وقال إن جريمة التزوير في بعض الدول قد تصل عقوبتها للإعدام، وطالب بالوقوف بصلابة للحد من تزوير المستندات التي تمثل قيمة مادية ومعنوية.