وردتني رسالة رقيقة من العم إبراهيم محمد أحمد طه من مدينة القضارف حملت لي معها نسائم من الجو العبق الذي يعطر هذه الأيام تلك المدينة العريقة .. جاءت رسالته رداً على ما كتبته عن السكة الحديد في هذه الزواية.. فإلى فحوى الرسالة... ابنتي العزيزة إيمان حسن طمبل تحية طيبة أتابع بكل تقدير وشغف مقالاتك عن السكة الحديد، وكل ما ذُكر حقيقة. ..إنني عملتُ بالسكة حديد في 1/4/1965م وطفت كل مدن السودان التي بها سكة حديد حتى تقاعدت في 1/1/2008م- أي بعد ثلاثة وأربعين عاماً بالسكة الحديد.. وكذا والدي رحمه الله وشقيقي الأكبر.. صدقيني منذ تقاعدي لم أصرف مليماً واحداً لعامين ونصف العام .. لا معاش ولا حقوق، وهل تصدقين لكي أصرف معاشي كتبت إقراراً بألا أسال عن باقي حقوقي .. تخيلي قد سلبوني حقي في تعبي وجهدي .. و كتبت الإقرار لكي أصرف معاشي الذي يتماطلون فيه بحجة أن السكة الحديد لم تورد للمعاشات. مع العلم أن السكة الحديد تخصم نسبة معينة من المرتب بمجرد دخول العامل للعمل ويورد هذا المبلغ للمعاشات ... ولكن المأساة أن السكة الحديد تخصم ولا تورد ..وحالنا يغني عن سؤالنا.. لدينا أولاد وبنات بالمدارس وظروف الحياة أصبحت صعبة فهنالك التعليم والمرض وغيره.. فبالله عليكِ ابنتي ماذا نعمل مع هذا الظلم البائن. ابنتي.. أعرفك بأنني كنت في مدينة عطبرة حيث نقلت منها إلى القضارف في العام 1994م «مُلاحظاً» لورشة السكة الحديد ولازلت بها حتى تقاعدت، والآن أنا بالقضارف عاطل.. وكنت شاهد عيان منذ بداية تحطيم السكة الحديد وحتى آخر مسمار في نعشها.. كان من المفترض تسجيل أراضي السكة الحديد بالقضارف حتى لا يتعدى عليها شخص، ولكن الشخص المكلف بهذا التسجيل مُنح قطعة أرض درجة أولى وتباطأ في التسجيل حتى تم بيعها للولاية وحدث ما حدث.. قصدت بهذه الرسالة عن قصة انهيار السكة الحديد من الألف إلى الياء ولم اتطرق للأسماء التي دمرت السكة الحديد.. وأرجو مخلصاً وصادقاً أن تنشري لي هذه المساهمة المتواضعة في صحيفتكم العامرة بأي صورة من الصور.. من المحرر: شكراً عمنا إبراهيم محمد أحمد طه.. فأنا حقيقة أشعر بمعاناتك أنت وآلاف المعاشيين من الذين قدموا للوطن الكثير.. وأرجو من الله أن تصادف شكواك هذه استجابة عند أهل الشأن لكي تُحل لك ولكل معاشيي السكة الحديد حلاً جذرياً..