عادت أسعار السكر للارتفاع مرة أخرى لتزيد من اشتعال الأسواق وتضيق على المواطنين والأسر أكثر من ما هم عليه، فلا خلاف على حيوية هذه السلعة وأهميتها في الحياة اليومية للناس، والارتفاع الجديد في أسعار السكر قد يدفع المواطنين الى العودة الى بدائل غريبة قد جربوها خلال سنوات عجاف سابقة حينما توقفت عجلة الإنتاج وانعدمت واردات البلاد من السكر. والجدير بالإشارة أن الأسر السودانية قلصت في السنوات الماضية بفعل ارتفاع الأسعار الجنوني استهلاكها من السكر الى حد بعيد واختصرت استخداماته على الضروريات فقط؛ لذا فإن الارتفاعات الجديدة قد تجبر الأسر على عدم استخدامه نهائياً. وبالأمس ناقش المجلس التشريعي لولاية الخرطوم ارتفاع أسعار السكر وبحث بشكل مستفيض كل مسببات هذا الأمر ليتكشف للعيان أن الاجراءات الحكومية كانت السبب المباشر في هذا، وليس إرتفاع تكلفة الإنتاج أو النقل أو خلافه، لكن هناك دوراً أيضاً لمحتكري هذه السلعة من التجار والجشعين، لأن الأسواق كما يبدو تفرض قوانينها الخاصة في ظل إنعدام الرقابة الذي يتبدى في الارتفاعات المتكررة وغير المنطقية لمختلف السلع الضرورية، وربما تكفي كلمات رئيس شعبة السكر بغرفة الصناعات محمد مأمون البرير، في هذا الشأن للتأكيد على ذلك فقد قال «مافي أي رقابة في الأسواق على الأسعار خاصة على المصانع التي دخلت مؤخراً في مسألة التوزيع، والدور الرقابي مهم في الفترة المقبلة»، وبالفعل فإن الدور الرقابي كان مهماً منذ البداية ونحن في حاجة اليه الآن وسنظل في حاجة اليه دائماً لأنه لن يستقيم أمر هذه الأسواق إلا في ظل رقابة حقيقية تردع الجشعين من استغلال المواطنين وزيادة بؤسهم، ولا يوجد دولة في العالم تترك أسواقها بلا ضابط أو رقيب لتحصد فئة قليلة عرق الغلابى وتمتص كل مجهوداتهم. في أكثر من مرة وعلى مدى سنوات رفعت الأسواق أسعار السلع الأساسية بلا مبرر منطقي سوى إعلان الحكومة عن زيادة الأجور أو صرف علاوات بعينها للموظفين والعمال، ولم يقابل هذا الأمر من قبل المعنيين بالشدة والحزم المفروض. ولأننا اعتدنا أن ترتفع أسعار سلعة السكر كلما اقترب شهر رمضان، فإننا نتوقع أن تكون هذه الزيادة بداية لمسلسل من الزيادات ينتهي قبيل الشهر المعظم.