1 فلاشات الكاميرات لاتسعى إلا للمبدعين أصحاب العطاء لتوثق لهم أينما حلوا، وذلك لسبب بسيط أن ذاكرة المصور الممسك بالكاميرا تحتفظ لهم بأعمال كثيرة قد يكون لاحصر ولاعدد لها، وفي الوقت ذاته يسعى إليها من لايملك أعمالا غنائية أوشعرية..الخ ليقول للناس «أنا موجود» كما فعلت مجموعة من الفنانين في الاحتفاء بتحرير هجليج وليلتها شاهدت فنانين من كثرة تواريهم عن الأنظار وركونهم إلى أعمالهم القديمة التي لم نعد نذكر منها شيئا طردناهم من ذاكرتنا وأسكنا فنانين آخرين مكانهم، إذ ليس من المعقول أن ندعهم يشغلون مكانا لدينا غيرهم أحق بأن يسكنه بعطائه المتدفق. 2 ما قادني إلى هذا الحديث هو تصريح للفنان القلع عبدالحفيظ للزميلة (فنون) حول تهافت بعض الفنانين لفلاشات الكاميرات، وقبل التعليق على تصريحه ذاك سألت نفسي عن آخر عمل غنائي رفد به القلع الساحة الفنية، وعندما استعصت عليّ الإجابة فكرت في الاستعانة ببعض الأصدقاء، وطرحت عليهم السؤال الذي فشلت في الإجابة عنه، ولكن جاءت إجابتهم محبطة بالنسبة لي بعد تشابه اجابتهم التي كانت (آخر عمل نذكره له أغنية باسم عناقيد العنب) وساعتها كدت أن أصرخ مثلما فعل نيوتن وأقول: «وجدتها.. وجدتها».. وقلت ما بيني ونفسي كيف بالله نسيت تلك الأغنية التي هي كالفرمالة بالنسبة للقلع الذي وصف كل فنان يتهافت على الأضواء بالناقص بينما ليس من العيب أن يسعى كل صاحب مشروع إبداعي ناجح إلى أن يقدم نفسه عبر الوسائل الاعلامية المتاحة، وبالتالي يعرضه إلى الجمهور ليقيّمه والشيء غير المقبول أن يتوقف مبدع عند محطة ما فشل في أن يبارحها إلى غيرها، ومع ذلك نشاهده عبر النيل الأزرق أو الفضائية السودانية أو نطالع له تصريحا في إحدى الصفحات الفنية. 3 في السودان لدينا مواهب في شتى الضروب الإبداعية، ولكن يتوارى أصحابها عن الأنظار في انتظار أن يأتي أحد ويكتشفهم أو يتركونها للصدفة التي قد يطول انتظارهم لها فلا تأتي؛ وكل ذلك حتى لايقول أحدهم يوما إنّ الشاعر أو الفنان هذا جاءني يوما وطلب مني أن أقدمه للناس في الوسيلة الاعلامية التي أعمل بها، لأنه من وجهة نظر البعض إذا فكر أحد في الاستفادة من علاقاته للوصول إلى أحد الأجهزة الاعلامية وكأنما ارتكب جرما بينما هو شخص يستحق الوقوف الى جواره ومساندته لا الهجوم عليه.