كما حاولت أن أُقيّم تجربة برامج المسابقات الغنائية التي تهتم باكتشاف الأصوات الجميلة وهي برامج تكاد لا تخلو منها فضائية سودانية وإن كانت كل قناة تحاول أن تصبغها بلونها الخاص بها لكنها تبقى في النهاية ذات أصل واحد في الفكرة والمضمون. كلما حاولت أن أقيّم نتاج هذه التجربة أجد نفسي أبحث في سلة أسئلة من نوع (هل خلقت الدجاج أم البيضة أولاً؟) والإجابة على هذا السؤال مهما تفننت وبرعت وتفلسفت فيها، تجد نفسك مصدوماً بعدم اقتناع من وجّه لك السؤال.. فهل يا ترى حققت هذه البرامج الهدف الذي أُنتجت من أجله وهو رفد الساحة الغنائية بأصوات قادرة على العطاء ومستعدة لتقديم الجديد؟ وهل كفاية أن نكتشف أصواتاً صداحة ثم نتركها في عرض الطريق تتنازعها تقلبات الشهرة وصدمة الأضواء خاصة ومعظم هؤلاء الشباب أتوا من العدم وأقصد أنهم جاءوا من بيئة علاقتها بالأضواء الكاشفة مرتبطة فقط بأعمدة الإنارة الموجودة في مدنهم وقراهم وبالتالي وبمجرد تسليط الكاميرات عليهم ودخولهم دائرة الضوء تتحرك في دواخلهم مشاعر البشر الطبيعية مابين الأنا والخيلاء وربما الغرور. لذلك ظللت أقول أنه لابد من أن تضطلع هذه البرامج بدورها المتكامل فمثلما هي توفر الكمنجات والجيتارات للبروفات عليها أن توفر باحثين اجتماعيين يتحدثون لهؤلاء الشباب ولو من باب الونسة ليزيلوا أولاً بأول أبخرة العوادم التي يخلفها وقود الشهرة والصيت. وبالعودة لسؤالي الأول بالطبع هو ليس الذي يسأل عن البيضة والدجاجة ولكن ذلك الذي طرحته إن كانت هذه البرامج قد نجحت في مهمتها إذ أن الساحة بالفعل مليئة باكتشافات نجوم الغد ومسرح المواهب ومسرح المبدعين وغيرها من البرامج السابقة أو حتى اللاحقة ولكن بالله عليكم دلوني على اسم واحد قال (ها أنذا) وأقصد أنه كون لنفسه شخصيته الخاصة بإنتاجه الخاص وبصمته المميزة. أخشى أن تكون الإجابة لا أحد!! إذن ما الفائدة التي نجنيها من اكتشافات نهلل لها ثم سرعان ما تنزوي دون أن (تفرقع) أو تزحزح لنفسها مكاناً تتحكر فيه؟ لكن هل الخطأ هو خطأ هؤلاء الشباب بمعنى أنهم يكتفون فقط ببضع مشاركات خجولة في المنتديات أو بعض البرامج التي نستعين بهم بين الحين والآخر وبالتالي لم يسعوا نحو الشعراء والملحنين لامتلاك أعمال خاصة بهم؟ أما أنها خطيئة الشعراء والملحنين أنفسهم بأنهم لم يستوعبوا هذه المواهب الفطرية والفطيرة ويمنحوها من الأعمال ما يمثل لها خارطة طريق لمستقبل فني يكون امتدادا لجيل العمالقة من الفنانين؟. أعتقد أن المسألة شائكة ومحتاجة إلى (فرملة) بمعنى أن تراجع هذه البرامج أو ما هو على شاكلتها هذه التجربة ولنبحث عن خريجيها الذين صمت بعضهم للأسف فأين شول؟ وأين نادية الطيب؟ وأين هاني السراج وما قبلهم من دفعات؟ بل أين فهيمة التي كنا نؤمل أن تكون فتحاً في عالم الأصوات النسائية يرتاد مجالات عجزت عنها آخريات؟. في كل الأحوال لا أريد أن اظلم هذه البرامج وأصمها بالفشل إذ أنه في رأيي حكم قاس ولاذع إلى حد كبير لكنني أستطيع أن اقول إن بعضها يهمه (الشو) والفرقعة الإعلامية في حينها أما أن يواصل هؤلاء أو يختفوا فهذا ليس من اهتماماتها أو اجندتها. عايزين رأيي.. أوقفوا هذه البرامج على الأقل لموسم واحد لعلنا نمنح الخريجين القدامى فرصة صرخة الميلاد الأولى. كلمة عزيزة معظم من طالعت لهم تصريحات ضد علي مهدي واتحاده هم من الدراميين الكبار إن كان على مستوى المنتوج أو الجماهيرية الطاغية أمثال الأستاذ السر السيد أو الأستاذ محمد شريف أو الفنانة القديرة فائزة عمسيب أو نجمة الكوميديا سمية عبداللطيف مما يجعلني أحاول أن أفهم وأبحث عن من يفهمني لماذا يصر علي مهدي على (الكلبشة) على كرسي الرئاسة طالما أنه غير مرغوب في رئاسته من قطاع كبير من الدراميين المخضرمين أو جيل الشباب؟، على فكرة أنا اطلاقاً لا عداء شخصي لي مع علي مهدي لكن حال الدراما والدراميين يجعلني أقول له كفاية! كلمة أعز واحد من جيل المؤرخين لمسيرة الغناء السوداني بل هو ذاكرة تمشي على قدمين البروفسيور أحمد محمد إسماعيل والذي يتحفنا دائماً بسرده المرتب وطريقته (الفنانة) في الحديث عن الأغاني وظروف تشكيلها وولادتها اقترح أن يمنح برنامجاً ولو من نوع (التيك أوي) تعرض فيه أغنية يحدثنا فيها عن شاعرها ومناسبتها ومغنيها وكل الأحداث المرتبطة بها.