كامل إدريس يدشن أعمال اللجنة الوطنية لفك حصار الفاشر    ((الهلال في أختبار الجاموس الجنوبي))    كامل إدريس يدين بشدة المجزرة البشعة التي ارتكبتها ميليشيا الدعم السريع في مدينة الفاشر    شاهد بالفيديو.. استعرضت في الرقص بطريقة مثيرة.. حسناء الفن السوداني تغني باللهجة المصرية وتشعل حفل غنائي داخل "كافيه" بالقاهرة والجمهور المصري يتفاعل معها بالرقص    شاهد بالفيديو.. الفنان طه سليمان يفاجئ جمهوره بإطلاق أغنية المهرجانات المصرية "السوع"    شاهد.. ماذا قال الناشط الشهير "الإنصرافي" عن إيقاف الصحفية لينا يعقوب وسحب التصريح الصحفي الممنوح لها    بورتسودان.. حملات وقائية ومنعية لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة وضبط المركبات غير المقننة    10 طرق لكسب المال عبر الإنترنت من المنزل    قرارات وزارة الإعلام هوشة وستزول..!    شاهد بالفيديو.. طفلة سودانية تخطف الأضواء خلال مخاطبتها جمع من الحضور في حفل تخرجها من إحدى رياض الأطفال    جرعات حمض الفوليك الزائدة ترتبط بسكري الحمل    السفاح حميدتي يدشن رسالة الدكتوراة بمذبحة مسجد الفاشر    لينا يعقوب والإمعان في تقويض السردية الوطنية!    تعرف على مواعيد مباريات اليوم السبت 20 سبتمبر 2025    الأمين العام للأمم المتحدة: على العالم ألا يخاف من إسرائيل    الأهلي مدني يدشن مشواره الافريقي بمواجهة النجم الساحلي    الأهلي الفريع يكسب خدمات نجم الارسنال    حمّور زيادة يكتب: السودان والجهود الدولية المتكرّرة    إبراهيم شقلاوي يكتب: هندسة التعاون في النيل الشرقي    الطاهر ساتي يكتب: بنك العجائب ..!!    صحة الخرطوم تطمئن على صحة الفنان الكوميدي عبدالله عبدالسلام (فضيل)    «تزوجت شقيقها للحصول على الجنسية»..ترامب يهاجم إلهان عمر ويدعو إلى عزلها    قرار مثير في السودان    وزير الزراعة والري في ختام زيارته للجزيرة: تعافي الجزيرة دحض لدعاوى المجاعة بالسودان    بدء حملة إعادة تهيئة قصر الشباب والأطفال بأم درمان    لجنة أمن ولاية الخرطوم: ضبطيات تتعلق بالسرقات وتوقيف أعداد كبيرة من المتعاونين    هجوم الدوحة والعقيدة الإسرائيلية الجديدة.. «رب ضارة نافعة»    هل سيؤدي إغلاق المدارس إلى التخفيف من حدة الوباء؟!    الخلافات تشتعل بين مدرب الهلال ومساعده عقب خسارة "سيكافا".. الروماني يتهم خالد بخيت بتسريب ما يجري في المعسكر للإعلام ويصرح: (إما أنا أو بخيت)    تعاون مصري سوداني في مجال الكهرباء    ترامب : بوتين خذلني.. وسننهي حرب غزة    شاهد بالفيديو.. شيخ الأمين: (في دعامي بدلعو؟ لهذا السبب استقبلت الدعامة.. أملك منزل في لندن ورغم ذلك فضلت البقاء في أصعب أوقات الحرب.. كنت تحت حراسة الاستخبارات وخرجت من السودان بطائرة عسكرية)    900 دولار في الساعة... الوظيفة التي قلبت موازين الرواتب حول العالم!    "نهاية مأساوية" لطفل خسر أموال والده في لعبة على الإنترنت    محمد صلاح يكتب التاريخ ب"6 دقائق" ويسجل سابقة لفرق إنجلترا    المالية تؤكد دعم توطين العلاج داخل البلاد    شاهد بالفيديو.. نجم السوشيال ميديا ود القضارف يسخر من الشاب السوداني الذي زعم أنه المهدي المنتظر: (اسمك يدل على أنك بتاع مرور والمهدي ما نازح في مصر وما عامل "آي لاينر" زيك)    الجزيرة: ضبط أدوية مهربة وغير مسجلة بالمناقل    ماذا تريد حكومة الأمل من السعودية؟    إنت ليه بتشرب سجاير؟! والله يا عمو بدخن مجاملة لأصحابي ديل!    في أزمنة الحرب.. "زولو" فنان يلتزم بالغناء للسلام والمحبة    إيد على إيد تجدع من النيل    حسين خوجلي يكتب: الأمة العربية بين وزن الفارس ووزن الفأر..!    ضياء الدين بلال يكتب: (معليش.. اكتشاف متأخر)!    في الجزيرة نزرع أسفنا    من هم قادة حماس الذين استهدفتهم إسرائيل في الدوحة؟    مباحث شرطة القضارف تسترد مصوغات ذهبية مسروقة تقدر قيمتها ب (69) مليون جنيه    في عملية نوعية.. مقتل قائد الأمن العسكري و 6 ضباط آخرين وعشرات الجنود    الخرطوم: سعر جنوني لجالون الوقود    السجن المؤبّد لمتهم تعاون مع الميليشيا في تجاريًا    وصية النبي عند خسوف القمر.. اتبع سنة سيدنا المصطفى    جنازة الخوف    حكاية من جامع الحارة    حسين خوجلي يكتب: حكاية من جامع الحارة    مشكلة التساهل مع عمليات النهب المسلح في الخرطوم "نهب وليس 9 طويلة"    وسط حراسة مشددة.. التحقيق مع الإعلامية سارة خليفة بتهمة غسيل الأموال    نفسية وعصبية.. تعرف على أبرز أسباب صرير الأسنان عند النوم    بعد خطوة مثيرة لمركز طبي.."زلفو" يصدر بيانًا تحذيريًا لمرضى الكلى    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ولاية النهود.. خياران أمام المركز
نشر في الأحداث يوم 19 - 05 - 2012

لم نكن يوماً من دعاة الترهل الإداري في الدولة السودانية، وبالتالي لم نكن من دعاة التقسيم غير العلمي لولايات السودان، ولكن ماذا نفعل مع تصرفات الحكومة وأفكارها غير المعهودة ولا المسبوقة في تقسيم الهيكلة الإدارية للبلاد وتوزيع المناصب الدستورية، فمنذ أن هبطت حكومة الانقاذ علي السلطة في جنح ليل بهيم عبر الدبابات العسكرية ما برحت تتحفنا يوماً عقب آخر بأفكار لم نسمع بها إلا في كتب تاريخ العصر الجاهلي، خصوصاً فيما يتعلق بتوزيع المناصب علي الشخصيات المسؤولة، وقبلها إنشاء تلك المناصب بالسلطات المختلفة، (مركزية، ولائية، محلية)، فقد كان القاسم المشترك في كل ذلك «القبيلة».. افرغت كل التنظيمات التي كان يجتمع فيها المواطنون بمشاربهم المختلفة من محتواها، وردتهم إلى عهد الجاهلية والبداوة يحتمون بالقبيلة ويحملون السلاح يقتلون بعضهم البعض تحت رايتها، تماماً مثلما فعل أبناء العمومة في قبيلتي «بني بكر» وبني تغلب» في العصر الجاهلي، فيما عرفت بحرب «البسوس»، تلك الحرب التي أهلكت خيرة فرسانهم ولم تُبقِ إلا على نسائهم ليس لسبب منطقي سوى أن النعرة القبلية استعرت بينهم رغم أنهم أبناء عمومة. وكذا فعلت الإنقاذ ولا زالت تفعل مع قبائل السودان، ردت جميع أهل السودان إلى بداوتهم وجعلت قياداتهم تتحسّس مواقعها القبلية قبل التنظيمية إذا ما أرادت الولوج إلى عالم السياسة والقيادة، حتى أصبح ذلك منهجاً يجد معه كل صاحب فكر قويم وعقل سليم انه يعرض خارج «الدلوكة» وألا أحداً يسمع أو يرى ما يقوله ويفعله، ولذا فإنه يجد نفسه مضطراً إلى اعتناق ذلك المنهج ليس ايماناً أو اقتناعاً به، ولكن خوفاً من أن يجد نفسه منبوذاً طريداً لا مكان له في داره وأرضه، وهو الحليم الحكيم ذو الرؤية النافذة والبصيرة المتقدة..
من هذا الباب الجُ إلى ما نحن بصدده وهو مطلب قيام ولاية «النهود».. هذا المطلب الذي صدح به مواطنو المناطق الغربية لولاية شمال كردفان، تلك المناطق التي تتمدد في مساحة الدار التي تسمى «بدار حمر».. صمت مواطنو تلك المناطق طويلاً وهم يتابعون عبث المركز بهم ونسيانه لهم وتجاهله قضاياهم التنموية، تارة يقول لهم اذهبوا إلى ولاية غرب كردفان دون أن يستشيرهم حتى، يستخدمون الحكمة والرأي السديد ويستجيبون، وتارة أخرى يقول لهم، (هيّاكم) إلى ولاية شمال كردفان، فقد ذوبنا غرب كردفان وقدمناها قرباناً للسلام مع الجنوب دون أن يكون لهم ممثل في تلك المفاوضات، يستخدمون البصيرة ويتوكلون على شمال كردفان، ثم الآن يكاد يُسمع منبهاً ينادي أن اذهبوا مرة أخرى إلى غرب كردفان عقب إعادتها، ولكن هذه المرة بصورة أكثر لطفاً، حيث تتم مشاورتهم لأخذ رأيهم فيما ينوي المركز الإقدام عليه، وهنا يضع المركز نفسه في أكبر ورطة لا يكون الخروج منها إلا بخيارين اثنين، إما قيام ولاية «النهود» وفقاً للمطلب المقدم، وإما تذويب كل الولايات القائمة في كردفان اليوم وإعادة الاقليم الواحد، وأحلى الأمرين مرٌّ، كما سنبيّن ذلك لاحقاً..
شكّل المركز لجنة رئاسية برئاسة اللواء حاتم الوسيلة وعضوية آخرين، مهمتها الطواف على المناطق المكونة لولاية غرب كردفان سابقاً، والتي تم تقسيمها على ولايتي شمال وجنوب كردفان لأخذ رأيهم عما يتعلق بمستقبلهم الوجودي، هل يريدون البقاء في شمال كردفان، أم يرغبون في العودة إلى غرب كردفان بشكلها السابق والتي يعتزم المركز اعادتها عقب انتفاء الأسباب التي أدت إلى تذويبها.. اللجنة التي طافت على تلك المناطق محليلة محلية، وجدت مطلباً واحداً، يصدح به مواطنو كل محلية بقياداتها الرسمية والشعبية، هوقيام ولاية «النهود»، كان الكل يهتف بصوت واحد: (نريد ولاية النهود)، حتى القيادات التابعة الى المؤتمر الوطني، وكانت طوال تاريخ انضوائها تحت لوائه خانعة خاضعة لسيطرته، مسبحة بحمده، منفذة لكلمته، حتى وإن كانت عكس إرادة أهلها، انتفضت هذه المرة وهتفت مع المواطنين، نريد ولاية النهود.. «إلا قلة، امعات لا رأي لهم، يتبتلون صباح مساء في محراب أسيادهم، أدمنوا التكسب من فتات موائدهم، وتنفيذ أجندتهم ضد أهلهم، سنتعرض لهؤلاء بالتفصيل لاحقاً» .. نعود ونقول إن اللجنة الرئاسية المختصة بشأن إعادة ولاية غرب كردفان لم تجد غير مطلب واحد عند أهالي المحليات الست الغربية لولاية شمال كردفان، المطلب الذي أشرنا له آنفاً، حملت اللجنة ذاك المطلب عند أوبتها الى المركز تمهيداً لرفعه إلى قيادة الدولة.. لا شك أن القيادة في المركز ستضطر إلى التفكير العميق في التعامل مع الملف الذي بين يديها، حينما تقلب أوراقه الخاصة بنتائج زيارة اللجنة الرئاسية العائدة لتوها من محليات غرب كردفان، فقد ابتعث المركز لجنته لأخذ رأي المواطنين في شأن عودة غرب كردفان إلى سابق عهدها، فإذا بها تأتي بمطلب ما كان مدرجاً في الأجندة، وقد تم التعبير عن المطلب بارقي الوسائل الدمقراطية السلمية عبر هتاف الحناجر، ورفع الشعارات، في زمن انعدم فيه التعبير عن المطالب بوسائل سلمية، بعدما حولت الانقاذ بقدراتها الخارقة وأفكارها غير المعهودة، أساليب التعبير السلمية عن المطالب إلى وسائل من العنف الدموي، واضحى كل صاحب مطلب لا يجد بداً من تحسس سلاحه لمخاطبة المركز بمطلبه، لأن الأخير كرّس لذلك وبات لا يعرف لغة للتخاطب غير (لعلعة) الرصاص، فما عساه فاعل اليوم وهو يجد أناس يأبوا إلا أن يقدموا مطلبهم بارقي الوسائل التعبيرية، «هتاف الحناجر، والكلمات التي تحملها اللافتات المرفوعة».. خصوصاً أن النظام في الآونة الأخيرة اصتكت آذاننا عن أنه يمارس الدمقراطية والشوري في أبهى صورها ولاسيما بعد الانتخابات التي ما برح يردد على مسامعنا أنها كانت حرة ونزيهة، فماذا يفعل اليوم وهو يجد نفسه أمام مطلب تنطبق فيه كل معاني الديمقراطية والشورى، هل يأنس في نفسه الجرأة ولو لمرة واحدة لينتصر للديمقراطية والشورى، أم تراه يجبن ويركن إلى المصالح الضيقة القائمة على استراتيجية ضرب المجموعات بعضها ببعض من أجل السيطرة عليها وتوجيهها وفق ما يريد.
قد يسأل سائل، لماذا المطالبة بقيام ولاية في «دار حمر»؟، نقول ولماذا العودة مرة أخرى إلى الفولة بعد أن تُبّعت تلك المحليات اليها في المرة الأولى دون حتى استشارة أهلها؟، ولماذا تتبع إلى منطقة مأزومة بالحرب في «أبيي، وهجليج» وكل حدودها مع دولة الجنوب؟، ومعروف أن موارد الولاية في هذه الحالة ستذهب كلها إلى الانفاق على الحرب بينما تُهمل التنمية.. لماذا لا تكون لتلك المناطق ولاية قوامها المحليات الست تدير شؤونها وتصرف مواردها لصالح المواطن بالمنطقة، هل تعلمون أن ثلثي موارد ولاية غرب كردفان كانت تأتي من مناطق دار حمر، وفي المقابل هل تعلمون أن مدينتي «الفولة» و»المجلد» بهما طرق مسفلتة داخلياً وردميات تربطها مع المدن المجاورة، في وقت لا توجد فيه حتى ردمية بمدينة النهود التي تعتبر أقدم وأعرق منطقة في كردفان كلها؟... لماذا ياترى منطقة تقدم ثلثي موارد الولاية ولا تحظى أكبر مدنها بطريق واحد مسفلت داخلياً، في وقت تتوافر تلك الطرق وغيرها من الخدمات التنموية في مناطق أخرى لا يتوافر لديها خُمس الموارد؟!. واذا كان هذا في الماضي، فما بالك اليوم وقد أضحت ولاية غرب كردفان يتهددها شبح الحرب من كل صوب وحدب، هل تتعشم أن تحظى مناطق دار حمر بتنمية من مواردها التي تذهب منها، قطعاً لا؛ لأن الحرب أولى بالموارد كما هو الحال في ميزانية الدولة التي يذهب معظمها للصرف على الأجهزة الأمنية والعسكرية، فيما تحظى قضايا المواطن التنموية ب(الفتات).
لا زال المواطن في دار حمر هناك يقطع الفيافي والمسافات البعيدة للحصول على مياه الشرب، ورغم ذلك، فأن الحصول عليه يكاد يكون اهون من الحصول على جرعة دواء.. تاكلت المستشفيات والمراكز الصحية علي قلتها وباتت متهالكة آيلة للسقوط في أي وقت، وكذا مدارس التعليم، كل هذه الأوضاع المتردية تقف شاهدة على إهمال المنطقة وإنسانها طوال الحقب الماضية، وبالأخص حقبتا غرب كردفان وشمال كردفان.. في اعتقادنا المتواضع أن تبعية المنطقة مرة أخرى للفولة يترجم أوجه الذلة والمهانة وعدم احترام الرأي الآخر.
عطفاً على ما مضى، فإن النظام الذي يأبى إلا أن ينتصر إلى كبريائه الزائفة، المستمدة من خطط وأفكار خاطئة كاذبة، بدأ في التحرك أو على الأصح «مجموعات به» بدأت التحرك لإجهاض هذا المطلب المستحق وفقاً لما آلت اليه الأوضاع حسبما بيّنا آنفاً، ومعروف أن للمركز مصالح مشتركة مع المجموعات السكانية بالمناطق الغربية لولاية جنوب كردفان، بينما لم يكن لسكان المناطق الغربية لولاية شمال كردفان في ذلك نصيب أسوة بالآخرين، ولذلك لا يعيرهم المركز اهتماماً، بل يسعى اليوم لتقسيمهم وشق أراضيهم إمعاناً في السيطرة عليهم، وتجري الآن محاولات محمومة لضم محليات «غبيش والأضية وأبوزبد» إلى الفولة بينما تترك باقي محليات الحمر إلى شمال كردفان، وبالتالي يكون المركز قد نجح في شق صف وكلمة مواطني «دار حمر»، والآن توجد شخصيات للأسف من المناطق المذكورة تعمل على تعبئة المواطنين لتأييد قرار تبعية المناطق إلى الفولة. ولو تم هذا فإن الكارثة ستكون قد حلت بالجميع.
نواصل,,


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.