ماذا قالت قيادة "الفرقة ال3 مشاة" – شندي بعد حادثة المسيرات؟    هيثم مصطفى: من الذي أعاد فتح مكاتب قناتي العربية والحدث مجدداً؟؟    ترامب: بايدن ليس صديقاً لإسرائيل أو للعالم العربي    تواصل تدريب صقور الجديان باشراف ابياه    رئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة يتفقد مستشفى الجكيكة بالمتمة    إيقاف حارس مرمى إيراني بسبب واقعة "الحضن"    مدير شرطة محلية مروي يتفقد العمل بادارات المحلية    المريخ يتدرب بجدية وعبد اللطيف يركز على الجوانب البدنية    شاهد بالصور.. بأزياء مثيرة للجدل الحسناء السودانية تسابيح دياب تستعرض جمالها خلال جلسة تصوير بدبي    شاهد بالصور والفيديو.. حسناء سودانية تشعل مواقع التواصل برقصات مثيرة ولقطات رومانسية مع زوجها البريطاني    شاهد بالفيديو.. حسناوات سودانيات بقيادة الفنانة "مونيكا" يقدمن فواصل من الرقص المثير خلال حفل بالقاهرة والجمهور يتغزل: (العسل اتكشح في الصالة)    شاهد بالصورة والفيديو.. شاب مصري يقتحم حفل غناء شعبي سوداني بالقاهرة ويتفاعل في الرقص ومطرب الحفل يغني له أشهر الأغنيات المصرية: (المال الحلال أهو والنهار دا فرحي يا جدعان)    مخاطر جديدة لإدمان تيك توك    محمد وداعة يكتب: شيخ موسى .. و شيخ الامين    خالد التيجاني النور يكتب: فعاليات باريس: وصفة لإنهاء الحرب، أم لإدارة الأزمة؟    «الفضول» يُسقط «متعاطين» في فخ المخدرات عبر «رسائل مجهولة»    إيران : ليس هناك أي خطط للرد على هجوم أصفهان    قمة أبوجا لمكافحة الإرهاب.. البحث عن حلول أفريقية خارج الصندوق    للحكومي والخاص وراتب 6 آلاف.. شروط استقدام عائلات المقيمين للإقامة في قطر    زيلينسكي: أوكرانيا والولايات المتحدة "بدأتا العمل على اتفاق أمني"    مصر ترفض اتهامات إسرائيلية "باطلة" بشأن الحدود وتؤكد موقفها    سعر الدرهم الإماراتي مقابل الجنيه السوداني ليوم الإثنين    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه السوداني من بنك الخرطوم ليوم الإثنين    سعر الدولار مقابل الجنيه السوداني في بنك الخرطوم ليوم الإثنين    نصيب (البنات).!    ميسي يقود إنتر ميامي للفوز على ناشفيل    لجنة المنتخبات الوطنية تختار البرتغالي جواو موتا لتولي الإدارة الفنية للقطاعات السنية – صورة    بعد سرقته وتهريبه قبل أكثر من 3 عقود.. مصر تستعيد تمثال عمره 3400 عام للملك رمسيس الثاني    خلد للراحة الجمعة..منتخبنا يعود للتحضيرات بملعب مقر الشباب..استدعاء نجوم الهلال وبوغبا يعود بعد غياب    المدهش هبة السماء لرياضة الوطن    نتنياهو: سنحارب من يفكر بمعاقبة جيشنا    كولر: أهدرنا الفوز في ملعب مازيمبي.. والحسم في القاهرة    صلاح السعدني ابن الريف العفيف    أفراد الدعم السريع يسرقون السيارات في مطار الخرطوم مع بداية الحرب في السودان    بالصور.. مباحث عطبرة تداهم منزل أحد أخطر معتادي الإجرام وتلقي عليه القبض بعد مقاومة وتضبط بحوزته مسروقات وكمية كبيرة من مخدر الآيس    جبريل إبراهيم: لا توجد مجاعة في السودان    مبارك الفاضل يعلق على تعيين" عدوي" سفيرا في القاهرة    لمستخدمي فأرة الكمبيوتر لساعات طويلة.. انتبهوا لمتلازمة النفق الرسغي    عام الحرب في السودان: تهدمت المباني وتعززت الهوية الوطنية    مضي عام ياوطن الا يوجد صوت عقل!!!    مصدر بالصحة يكشف سبب وفاة شيرين سيف النصر: امتنعت عن الأكل في آخر أيامها    واشنطن: اطلعنا على تقارير دعم إيران للجيش السوداني    ماذا تعلمت من السنين التي مضت؟    إنهيارالقطاع المصرفي خسائر تقدر ب (150) مليار دولار    إصابة 6 في إنقلاب ملاكي على طريق أسوان الصحراوي الغربي    تسابيح!    مفاجآت ترامب لا تنتهي، رحب به نزلاء مطعم فكافأهم بهذه الطريقة – فيديو    راشد عبد الرحيم: دين الأشاوس    مدير شرطة ولاية شمال كردفان يقدم المعايدة لمنسوبي القسم الشمالي بالابيض ويقف علي الانجاز الجنائي الكبير    وصفة آمنة لمرحلة ما بعد الصيام    إيلون ماسك: نتوقع تفوق الذكاء الاصطناعي على أذكى إنسان العام المقبل    الطيب عبد الماجد يكتب: عيد سعيد ..    تداعيات كارثية.. حرب السودان تعيق صادرات نفط دولة الجنوب    بعد نجاحه.. هل يصبح مسلسل "الحشاشين" فيلمًا سينمائيًّا؟    السلطات في السودان تعلن القبض على متهم الكويت    «أطباء بلا حدود» تعلن نفاد اللقاحات من جنوب دارفور    دراسة: القهوة تقلل من عودة سرطان الأمعاء    الجيش السوداني يعلن ضبط شبكة خطيرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مع الخبير الاقتصادي ووزير المالية الأسبق الدكتور التجاني الطيب إبراهيم (1-2)اقتصادنا أشبه ب «الحصان العاير»
نشر في الأحداث يوم 13 - 06 - 2012

حوار: أبو إدريس – رحاب – الجلال – تصوير: إبراهيم حسين
شبه الخبير الاقتصادي ووزير المالية الاسبق الدكتور التجاني الطيب ابراهيم الاقتصاد السوداني في وضعه الراهن ب «الحصان العاير»، ورأى ان الضرورة تكمن في ان يتم كبح جماح هذا الفرس، من خلال اصلاحات قصيرة المدى، ومن ثم اتباعها بأخرى متوسطة المدى وثالثة طويلة المدى، منوهاً الى ضرورة تهدئة ما أسماها فورة بركان الاقتصاد للتحكم في التضخم ومنعه من الزيادة ومن ثم خفضه الى الرقم الطبيعي، ومضى يقول: «هذا يبدأ بالطلب لأن العرض يحتاج الى مدى متوسط وطويل»، مشدداً على إهمال الحكومة للعون الأجنبي مثَّل واحدة من مسببات الازمة الاقتصادية الحالية، ولفت الخبير الاقتصادي الى ان الطلب الفائض في القطاع العام يعد اهم اسباب تزايد معدلات التضخم، وحذر في حواره مع «الأحداث» من ان اتجاه الحكومة لرفع الدعم عن المحروقات سيزيد من معدلات التضخم، وزاد: «أكبر خطأ يمكن أن يرتكب الآن هو اتخاذ أي سياسات تزيد من نار التضخم».
هل يملك الاقتصاد السوداني على المدى البعيد أو القريب القدرة على تحريك القطاعات الانتاجية، وهل القطاعات الانتاجية لها المقدرة على ان تستعيد جزءاً من ادوارها لرفد الاقتصاد السوداني؟
الاقتصاد السوداني له المقدرة الكاملة لاستعادة عافيته عبر الموارد المتاحة، وتقليدياً هو بلد زراعي في المقام الاول والجديد هو اهمالا لزراعة بينما القطاع الزراعي مؤهل للتحرك في هذا الاتجاه وكذلك القطاع الصناعي وفيه طاقة معطلة نتيجة لعدم الطلب وعدم المقدرة على تسويق الانتاج, المشكلة الاساسية لو اخذنا الزراعة كمثال نجدها كانت حتى أواخر الالفية الاخيرة تمثل جزءاً أساسيا من إجمالي الانتاج المحلي, وعندما جاء البترول اهملنا الزراعة والصناعة ووجدنا موارد كافية تفي بحاجتنا من النقد الاجنبي, وهي ايرادات البترول واصحبنا في نوع من «البحبوحة» في العيش واصبحنا نستورد القمح والعيش, والاستثمار الاجنبي في البترول ساهم في خلق نوع من الوفرة في النقد الاجنبي, المعادلات الاساسية للنقد الاجنبي هي العون الاجنبي والصادرات, وموارد المغتربين والاستثمار وهي المكونات الاساسية للنقد الاجنبي ونحن اهملنا العون الاجنبي بعدم بناء علاقات مع المجتمع الدولي, ولأننا اهملنا القطاع الحيوي تناقصت صادراتنا, ولو اخذنا القطاع الزراعي في الفترة من 1991م الى 2008م نجد انه حدث انخفاض في انتاج الغذاء من حوالي 8,5 الى 3,6 وعدد السكان ينمو بحوالي 3% وحدث خلل اساسي في انتاج المحاصيل, واذا اخذنا الزراعة بشقيها النباتي والزراعي بما في ذلك الغابات والحيوان والاسماك, نجد ان الصورة اسوأ وان معدل النمو انخفض في هذه الفترة من 10,8 الى 3,6 وهذا أوجد مشكلة حقيقة والصناعة حسب الاثر التراكمي ايضاً عانت وحدث بها انهيار في الدور الذي تلعبه الزراعة في اجمالي الناتج المحلي, وانخفضت مساهمتها من 80% الى حوالي 30% وكذلك انخفضت مساهمات الصناعة في الربع الاول من العام 2010م، مثلاً الى 15% وهذا أوجد مشكلة في جانب العرض بالاضافة الى ان البترول اضر في زاوية النمط الاستهلاكي, مع تزايد الهجرة من الريف الى المدن, والنمط الاستهلاكي عبر سياسات الدعم تغير واصبح الناس يركزون على الخبز مقابل قلة الجوانب الغذائية التقليدية واصبحنا نركز على استيراد القمح.
متخذو القرار يحتجون بالتركيز على النفط واهمال الزراعة بضعف الانتاج الراسي وقلة نموه, وهذا لن يرفد الاقتصاد بموارد حقيقية, ويعتقدون ان الاقتصاد الكلي نما بعد الاتجاه الى البترول؟
بالعكس.. الأرقام التي ذكرتها تؤكد ان القطاع كان ينمو بمعدل 10,8 و 11% وهذا يوضح ان القطاع له المقدرة على الانتاج بفعالية ومعدلات عالية اذا توفرت العوامل المطلوبة, والسودان له خبرة في الزراعة سواء ان كان على مستوى الانتاج الزراعي الصغير او الكبير, وما حدث انه عند التزكير على البترول لم نستثمر في الزراعة, وهذا جعل معدلات النمو تنهار, بجانب ان الهجرة من الريف اثرت في التركيبة الاجتماعية الزراعية والرعوية, وقللت من وجود الكفاءات. والبترول ايضاً جعلنا نهمل الزراعة من ناحية الحافز الانتاجي, وهذا ساعد في الهجرة, لأن العائد غير موجود لأننا في الفترة التي كان البترول فيها موجوداً كانت السياسة الضريبية تعمل على الجانب العكسي, ووضعنا كمية من الضرائب والجبايات في المناطق الحيوية مما قلل من عائدها, وفي المناطق التي اسميها الحزام الاخضر الذي ذاب نتيجة للسياسة السكانية الخاطئة, واصبحت الزراعة مكلفة لأن التسويف في الخرطوم - اذا كنت تزرع على مسافة 60 كيلو متر من العاصمة – اصبح المزارع حينما يأتي الى الخرطوم ويبيع محصوله يعود خاسرا, لأن هناك جبايات كثيرة في طريقه, والمدخلات الزراعية تأذت من السياسات الضريبية والجمركية, وهذا قلل من جاذبية الانتاج للمزارع وكذلك التمويل والتسويق والتخزين كلها اصبحت مشاكل, ولو طوعنا بعض ايرادات البترول في التخزين لتغير جزء من المعادلة في القطاعات الحقيقية, بمعنى انه لو اخذنا محصولا موسميا معيناً نجد انه وسعره ينتهي بنهاية الموسم, وعندما ينتهي الموسم تقفز الاسعار وعندما يأتي الموسم تنخفض الاسعار, والمزارع يتضرر في انه يبيع كل محصوله في الموسم الرخيص لأنه لا يملك مقدرات تخزينية, واذا استثمرنا في التخزين فإننا نشجع المزارع على مواصلة الإنتاج, لكن عندما ينتج ويبيع بالأسعار الموسمية فإنه يخسر ويأتي في الموسم القادم بألف حساب ويقلل الإنتاجية, وهذا المنطق ينطبق على مدخلات الصناعة, حتى إن وزير الصناعة قال قبل اسبوع ان مشكلة الصناعة الحقيقية تمكن في الاعباء الضريبية المفروضة على القطاع الصناعي, ونحن لم نهمل الزراعة في جانب الاستثمار فقط بل اهملناها في جانب السياسات الضريبية وكبلناها ولم نعطِ حافزاً للانتاج.
غالبية تصريحات المسؤولين تتمحور في ان الازمة الاقتصادية الحالية مردها الى انفصال جنوب السودان, هل هذا صحيح ام ان الازمة مردها الى فشل السياسات الكلية للحكومة؟
التقديرات والتضريبات التي تمت كانت تقول إننا فقدنا 4,4 مليون دولار بانفصال جنوب السودان, وقمنا بتقسيم هذا الرقم على براميل الجنوب وكان الناتج 32 دولار للبرميل, وعندما جاءت موزانة العام الحالي 2012م كان يجب ان ينخفض إنفاقنا العام بحجم الجنوب, وحدث العكس وحافظنا على نفس الإنفاق وزدنا عليه 11% فحدث العجز, وقمنا برفع قيمة نقل برميل الجنوب من 32 الى 36 دولار, وعندما عجزنا عن تقسيمها بصورة منطقية وواقعية قلنا إن 18 دولار للتحضير و6 دولار للتخزين والشحن, و6 دولار رسم عبور سيادي و6 دولار رسم عبور عادي, ومافي منطق لتحديد رسمين للعبور عادي وسيادي, لأن البترول لا يأتي في واحدة من مراحله عبر القصر الجمهوري, وكان يفترض ان يتم التفاوض على اساس 30 دولار وليس 36 دولار, وخلقنا مشكلة اساسية وجاءت في جانب الطلب الحكومي, وان كان متفلتاً قبل انفصال الجنوب نحن زدناه في مرحلة ما بعد الانفصال, ونحن لم نتكيف مع عملية الانفصال الذي كان معروفاً ومتوقعا, وحتى اذا عملنا التكييف في جانب الإنفاق فإن المعادلة لن تكون موزونة بصورة منطقية تحل مشكلة الخلل في التركيبة الانفاقية , لاننا اهملنا القطاعات الحقيقية حتى في الفترة الانتقالية, وحتى عندما جاء الانفصال لم نفكر في القطاعات الحقيقية وذهبنا الى ان الجنوب سيدفع الفاتورة, وليس من داع للانشغال بالزراعة والصناعة, وعندما جاءت مشكلة اديس ابابا اكتشفنا اننا وقعنا في فخ خطير لان الموزانة بدأت والصرف بدأ ولا يوجد ايراد يمكن ان يأتي من الجنوب, والصرف الحكومي زاد عن المعدل القديم, وفي جانب العرض هناك تقلص مسبق, وهناك مشكلة في العرض والطلب وهما خلقا مشكلة التضخم, أو القفزات الكبيرة في معدلات التضخم.
برأيك في ظل هذه المعطيات الى أين يمضي الاقتصاد السوداني واين تمكن الحلول؟
هناك حلولة قصيرة المدى ومتوسطة المدى وطويلة المدى, والقضية الاساسية تتمحور في كيف نثبت الاقتصاد لأنه أشبه ب «الحصان العاير», وانت لابد ان تثبت الاقتصاد ومن ثم تبدأ عملية الاصلاح على المدى المتوسط والطويل, واذا وصل التضخم 30% فهذا يعني انك في وضع خطير جدا جدا, وكل موشراتك الاقتصادية لم يعد لها معنى, واصبح الاقتصاد كله اشبه بالبركان الفائر, ولابد من تهدئة هذا البركان للتحكم في التضخم وتمنعه من الزيادة ومن ثم خفضه الى الرقم الطبيعي. وهذا يبدأ بالطلب لأن العرض يحتاج الى مدى متوسط وطويل, ولأنك لن تستطيع ان تنتج فجأة وتنزل في السوق وتحل مشكلة العرض, وتقليدياً عندنا في السودان اهم اسباب التضخم هو الطلب الفائض في القطاع العام لأن الدولة تنفق اكثر من ايرادتها بكثير واذا اخذنا الانفاق الجاري نجد ان الدولة في حالة عجز في المرحلة الاولية, وعندما نأتي الى مرحلة الاستثمار نجدها محتاجة للمزيد لسد الفجوة في الإنفاق الجاري وتتم التنمية على طريقة الاقتراض وتزيد من الانفاق بحجم سبعة الى ثمانية مليار في السنة الوحدة وهذا نافق زائد, وفي الإنفاق العام والجاري بالذات اذا مررنا على الموزانة بند بند تجد أن هناك اشياء يمكن ان تنفذ بسرعة لتقليل الطلب العام وبالتالي الضغط على الاسعار, ومعظم الموزانة مرصودة لشراء السلع والخدمات, وهو بند مفتوح بلا نهاية ويمكن ان يضم شراء عربة او بناء عمارة أو غيرها, وهذا بند يمكن تأجيله بكل سهولة, وهناك بند في هذا المقترح اسمه إحلال العربات بمائتي مليون واكثر «مافي داعي ان تجدد عربة دستوري خلال ستة أو شبعة اشهر», وهذا يمكن شطبه وهناك بنود يمكن الاستغناء عنها بجرة قلم, وانا اسميه الاجراءات المطلوبة في المدى القصير, وانا راجعت البنود القطاعية وذهبت الى القطاع المركزي وعدد الوزراء والوزارات, واذا اخذت هذه الاشياء كلها تجدها تساوي ثلاثة مليار, وهي لا تساوي نصف ما اعنلته الحكومة في البرنامج الثلاثي لخفض الانفاق العام في 2012م بمعدل 25% في المائة, واذا كانت الحكومة تنوي خفض 8 مليار فمقترحي يقضي بخفض 3 مليار, وهي يمكن ان تؤثر في معدلات التضخم بمعدل سبعة الى عشرة في المائة, ويمكن أن تؤثر في خط معدل التضخم بحوالي 22 %, هذا الأسلوب فائدته انه عندما يتم تخفيض التضخم وتزيد الطاقة الشرائية في الاقتصاد, يعني مثلما قمت بزيادة مالية الشخص وبدلاً عن زيادة ماليته قلل التضخم الذي اصبح بمستويات عالية جدا, وفي ذات الوقت قلل التكلفة في الاقتصاد الكلي وهي المشكلة الأساسية التي نعاني منها وهي التكلفة الكلية للاقتصاد التي تمنع عملية الانتاج وتضر الصادر الذي يمثل المصدر الذي نريد به معالجة المشكلة, فاذا نجحنا في هذا كخطوة اولي تكون تحكمت في التضخم, وبعد ذلك تبدأ بنفس المستوي وتعمل في جانب الإنتاج وتحفزه وما يمكن للدولة ان توفره في جانب الإنفاق الجاري يمكن تحويله لجانب الانتاج، مثلاً الزراعة اعتمادها في موازنة 2012م حوالي 500 مليون ويمكن ترفع هذا لمليار ويزيد, وهذا سيكون له أثر غير مباشر, لكن لاحقاً سيكون له اثر طيب في عملية الإنتاج، والصناعة مرصود لها حوالي 495 مليون القطاع الصناعي والتعليم والصحة موضوع لهما حوالي 4,8 مما يعني ان الصرف السيادي اكثر من التعليم والصحة سويا, وهنا يمكن ان يتم الاستثمار في هذا الجانب للمدي الطويل لان الصحة والتعليم اثرهما لا يظهر حاليا ويحتاج الي وقت الي حين تتخرج الكوادر الموجودة, إذن العمل في جانبين الأول التقشف, وفي ذات الوقت يتم إعطاء حزمة من الإجراءات التحفيزية للقطاع الإنتاجي ليبدأ تدوير عجلة الإنتاج على أساس ان يتم حل مشكلة العرض في المستقبل, فهذه هي البداية, واكبر خطأ يمكن أن يرتكب الآن هو اتخاذ اي سياسات تزيد من نار التضخم, لأنه كلما ارتفعت معدلات التضخم كلما تعقدت مشكلة الحل, وكلما ازاداد الوضع تدهورا, وكلما ازداد التضخم يعني كلما زدت التكلفة الكلية في الاقتصاد الى التراجع والانكماش الذي نعاني منه الآن, فنحن الآن في مرحلة انكماش اقتصادي، وفي هذه المرحلة يجب ان يتم تجنب أي شيء يؤدي الى زيادة التضخم والهدف الاساس والرئيسي والمحوري هو محاوطة التضخم, لأنه اكبر عدو لكل شيء, وكلما زادت معدلات التضخم قلت معدلات النمو, وكلما زاد التضخم قلت الطاقة الشرائية للناس, وكلما قلت الطاقة الشرائية ازداد الناس فقرا, وكلما قلت تكلفة الإنتاج قلت فرص العمل وزادت البطالة, التي تنعكس علي ازدياد الفقر. اذن التضخم هو العدو الاول سواء كان للاقتصاد او للمجتمع, لذا التركيز يجب ان يكون عليه, لكن هنالك اشياء من الممكن عملها وتحتاج الى نوع من الإرادة السياسية وخلق المناخ الملائم لتسويق هذه السياسات ومن الصعب جداً إقناع الناس.
الحكومة بدأت في إجراءات لتجاوز الأزمة الاقتصادية لكن لا زالت قيد التنفيذ وبدأت بسعر بتعويم الجنيه, وتتجه حالياً لرفع الدعم عن المحروقات, برأيك هل هذه الوسائل مناسبة وكافية لتلافي المشكلات الاقتصادية؟
سعر الصرف يأتي من المشكلة التي قمنا بشرحها, وهي عدم التوزان بين العرض والطلب وعدم مقدرة الاقتصاد لجمع الموارد اللازمة لمواجهة حاجيات البلد من النقد الاجنبي, ثم إن الهروب من عملة الى عملة هو دائماً انعكاس لعدم مصداقية السياسات المالية والنقدية في البلد, لذلك يهرب الناس الي العملة الاخرى, ونحن في حالتنا تسمى الدولرة وهي ان الجنيه السوداني يفقد قيمته ومصداقيته لدي المواطن, فبالتالي يهرب المواطن الى الدولار ليحميه من تدهور الجنيه السوداني, فأنا أتخيل انه ليس فقط في دواوين الدولة بل علي مستوى الاسر ونحن الآن في السودان لدينا حوالي واحد ونصف الى اثنين مليار دولار مكدسة في اماكن مختلفة وهي لحماية الناس من التدهور الذي يحدث للجنيه السوداني, وهنالك دولرة حقيقية في الاقتصاد التي أيضاً تحتاج لمعالجة وتتم معالجتها في ذات الإطار الذي ذكرته يعني انت لم تنتج ما فيه الكفاية, وقلصت الطلب بزيادة العرض وفي نفس الوقت شجعت الصادر وتستجلب موارد المغتربين وتشجع الاستثمار, هذا كله يأتي لك بالنقد الاجنبي وهذه كلها سياسات يجب ان تتخذ, وسعر الصرف ليس هو المرض بل علة من العلل للمرض الذي نتحدث عنه.
تحدثت عن ضرورة خفض الإنفاق الحكومي لكن بعض المسؤولين يقولون إن الفجوة اكبر من أن يغطيها خفض الانفاق, لذا هم ذهبوا لرفع الدعم عن المحروقات؟
حسب الموازنة المرصودة للدعم 2,2 مليار جنيه والمحروقات 3,1 مليار, مما يعني انها اكثر من الدعم, لكن للأسف الشديد صناع القرار لدينا يتعاملون مع الأحداث في الوقت الخطأ, وهذا الآن ليس بوقت المحروقات في هذه الظروف التي بها التضخم 30% والمحروقات تؤدي للعكس وترتفع بالتضخم, لذلك تعقد المشكلة وتصعب الحل والآن نريد الذهاب في اتجاه معاكس, وهذا سيكون خطأ استراتيجياً مثل سعر الصرف انك تعالج في علل وليس في المرض لأن الدعم لو رفع الحكومة اكبر مستهلك للمحروقات نسبة للحروب الدائرة والانفاق كبير وعدد الوزراء اذا تم رفع الدعم فالحكومة ستدفع اكثر من أي شخص آخر وهذا سيعقد مشكلة الصرف ويزيدها ولن يقلل أو يحل المشكلة وهي في النهاية ستكتشف انها اكبر مستهلك لهذه السلعة وبالتالي هي ايضا تكلفتها سترتفع.
بعض التنفيذيين دافعوا عن سياسة تعويم سعر الصرف, ويعتقدون أن هذا جزءاً من الإجراءات لاستقطاب الدولارات المكدسة داخل السودان بالإضافة إلى أنهم قدروا مدخرات المغتربين بخمسة مليارات وأنهم لا يستطيعون استقطابها بغير هذه الطريقة؟
في الاقتصاد ليس هنالك مشكلة تعالج عن طريق دواء واحد, فالمشاكل الاقتصادية دائماً تعالج بعدة ادوية, لذلك عندما تتخذ قراراً اقتصادياً لابد من اتخاذه في إطار حزمة من السياسات لذلك اقول إن سعر الصرف علة وليس مرضاً ولمعالجته لابد من سياسات كلية تكاملية تتداخل مع بعضها البعض مالية، نقدية وهيكلية فحجة أن سعر الصرف من الممكن أن يأتي بموارد، ففي 1988م أنا كنت وزير مالية ادخلت السياسات المالية بما فيها سعر الصرف وحركت الدولار من 5 الي 21 و20 كان هذا في اطار سياسات متكاملة مثل خفض الانفاق وادخال سياسات هيكلية لمعالجة المشكلة سعر الصرف طالما الفجوة موجودة ليس هنالك اي حل تحاول به حل مشكلة سعر الصرف وأعتقد أن محافظ البنك المركزي كان أميناً مع نفسه ومع مهنته وقال إن سعر الصرف سيظل متذبذباً حتى 2014م وهذا ايضاً تخمين لأن ليس هنالك مؤشر لأن الدولة وضعت سياسات متكاملة تقول من خلالها إنه في العام 2014م نصل لهذا الهدف لكن على الاقل هنا يوجد نوع من المهنية وسعر الصرلاف طالما هنالك فجوة فهو سيستمر لكن كيف تتم معالجة هذه الفجوة تدريجياً وهذا يحتاج لزمن الجرعة التي تعطيها توقيتها مهم جدا، ونحن عندما عملنا الساسات المصرفية في 1988م لم نبدأ من وراء السوق الموازي بل بدأنا معه والسياسة عندما طبقت كان سعر السوق الاسود 12 و20 اصبح الصباح السوق وجد الحكومة تجمع في القروش عبر البنوك وليس الصرافات وعندما جاءت الانقاذ وذكرت في بيان الانقلاب قالوا إنهم اتوا للسلطة ليمنعوا الدولار من الوصول ل20، والآن نحن نتحدث عن ان الصرافات ترفع سعر الدولار في يوم واحد بمعدل مظلم وهذا خطأ استراتيجي لأنها الأسبوع الماضي نقصت سعر الدولار وهذا نوع من التخبط في السياسات وهذا مؤشر خطير جداً بأن هذه سياسة فاشلة لن تؤدي الى نتيجة الا اذا ما وضعت في الإطار الصحيح ضمن سياسات تكاملية كلية تطبق كلها في آن واحد مع بعضها البعض في إطار مؤسسات مؤهلة وكوادر مؤهلة واذا لم تكن لدينا مؤسسات وكفاءات للتنفيذ فلننسى نجاح السياسات.
دفعت بمقترح لإلغاء 100 وظيفة دستورية, ودمج أو إلغاء 15 وزارة ألا يمكن أن يؤثر تقليص الهيكل الوزاري على أداء الحكومة, بجانب أنها يمكن أن تزيد نسبة البطالة, وهذا ربما يزيد معدل التضخم؟
بل يؤثر بتقليل التضخم، مثلاً في الشراء السلع والخدمات وهذه التوصيات جلها سلع وخدمات وهنا كأنك تذهب السوق وتسحب جوالات وخدمات وتقلل من الطلب على اشياء بالتالي تؤثر في التضخم ايجابا، الجانب الذي ذكرته أنا في جانب تخفيض ما يؤثر في العمالة بسيط جداً وعلى درجات علمية مثلاً المجلس الوطني وقلت إن تعويضات العاملين بنسبة 5 مليون ولديهم لجان على مستوى وزراء واذا ألغوا فقط مستوى وزير هذه سيوفرون عشرة مليون وليس خمسة.
لكن ألا يمكن أن يؤثر هذا على أداء الدولة؟
أبداً بالعكس
لكن حجم التشكيل الوزاري ليس ضرورياً أن يكون مستنداً بقوة الاقتصاد أو بالمساحة الجغرافية, ومثلاً دولة مثل لبنان بها 30 وزيراً ومساحتها قليلة جداً جداً مقارنة مع السودان؟
اذا أردنا أن نصبح مثال لبنان إذن فلننسى الأمر كله ولا داعي للاصلاح. ما حجم لبنان اقتصادياً وسياسيا, وحكاية الجغرافيا هذه اشياء جديدة في السودان والسودان عندما كان به صحة وعافية نعم كانت هنالك مشاكل في جانب التنمية لكننا ورثناها هكذا وهنالك اقاليم كانت اكثر تهميشاً مثلاً مشرع الجزيرة قام في منطقة جغرافية معينة والاستعمار أقامه وخلق طفرة اقتصادية في اقليم معين لكن كل اهل السودان كانوا يعتمدون عليه شمالاً وحنوباً وغرباً وليس مثل البترول الذي يقول الجنوبيون إنه حقهم هم فقط، وهنالك اعتبارات سياسية والسياسي لابد من أن يقدر ايهما أحسن من ناحية قومية وليس من ناحية النظام أنه يتم عمل هذه الإجراءات والمساهمة في اعادة العافية للاقتصاد السوداني أما أن أمسك 40 وزيراً أصرف عليهم فقط لأنهم يمثلون جغرافيا مناطق معينة وأصرف عليهم من جيوب الشعب السوداني الذي رابط أحزمته منذ 50 سنة هذا هو الخيار والاقتصاد هو علم الخيارات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.