مناديلنا أصبحت لا تجف من كثرة البكاء على الرحيل المتقارب بين مبدعينا وها هو عندليب الطنبور محمد كرم الله يلحق بالشاعر سيد أحمد الحردلو. ويعتبر كرم الله من أوائل الذين أرسوا دعائم أُغنية الطنبور التي بدأ ترديدها في الستينات ليلمع نجمه في السبعينات ليكون ثنائية مع الشاعر محمد سعيد دفع الله الذي تغنى له بالأغنية ذائعة الصيت «الطيف»، كما تغنى أيضاً لعبد الله محمد خير.. السر عثمان الطيب.. والراحل محمد الحسن سالم حميد، بيد أن الرجل اعتزل الغناء في الثمانينيات وعاد اليه في العام 2010م. ويعتبر محمد من الذين أسهموا في إخراج أغنية الطنبور من محيطها الضيق الى نطاق أوسع. الجيل الذهبي تجمع في سرادق عزاء الفنان محمد كرم الله بضاحية جبرة بالخرطوم جميع الشعراء والفنانين على اختلاف ألوانهم الغنائية جمعهم حبهم لفنان (حتى الطير رحل خلاني)، والتقت «الأحداث» من هناك بالشاعر الفاتح إبراهيم بشير الذي قال: أستاذنا ود كرم الله أحد الأعمدة التي قامت عليها أغنية الشايقية بل هو محطة هامة في تاريخها وكل الشعب السوداني يحفظ رائعته «الطيف» ورحيله يعتبر رحيل أمة فهو يمثل الجيل الذهبي لأغنية الطمبور، وكيف لا وهو أطول نخلات الغناء الشايقي وأعلاها ثمرا. علامة فارقة للفنان محمد كرم الله عدد كبير من الأغنيات ولكن أغنية الطيف حظيت بشهرة دون سائر أعماله. هذا السؤال دفعنا به الى الفاتح الذي رأى أن أغنية «الطيف» تعتبر علامة فارقة في مسيرة الأغنية الشايقية رغم مرور أربعين عاماً على ميلادها، وظلت قريبة الى وجدان الناس حتى بعد اعتزال ود كرم الله في العام 1983م وعودته في العام 2010م، فهو والنعام آدم عليهما رحمة الله.. صديق أحمد.. عثمان اليمني.. محمد جبارة... ميرغني النجار. هؤلاء هم الذين شكلوا تاريخ أغنية الطمبور خلال اكثر من خمسين عاما. جيل متفرد يعتبر كرم الله من جيل الشاعر حسن الدابي والد الشاعر حاتم الذي تغنى له بأغنية قطر الأحد. وأكد بشير على تميز جيل كرم الله، وأضاف: هو رجل متفرد في أدائه وفي اختياره لكلماته التي يتغنى بها وحتى عندما انقطع عن الغناء واتجه الى التصوف وقرر العودة الى الغناء عاد بطريقة مختلفة لمسها كل من حضر حفلاته التي أقامها في أماكن متفرقة، وزاد ولكني أتساءل الى أين سيذهب بنا هذا العام الملئ بالأحزان. ففي سرادق العزاء جاءنا الفنان صديق أحمد وهو يتوكأ على العصا بعد أن تمكن منه المرض. والفنان علي إبراهيم اللحو هو الآخر لا يقوى على السير.. وعثمان اليمني اتجه بعد أن أدى واجب العزاء الى المستشفى من أجل إجراء غسيل الكلى، مع الوضع في الاعتبار أن غالبية المبدعين يعانون من ضيق ذات اليد لذا نطالب اتحاد الفنانين والمجلس الموسيقي المسرحي بضرورة تخصيص مستشفى لمبدعي هذا البلد حتى لا يشقون من أجل الحصول على ثمن العلاج. جماعة الدليب هو من الرعيل الأول، بهذه العبارة ابتدر الشاعر السر عثمان الطيب حديثه، وأضاف: يعتبر كرم الله من المساهمين في تطوير أغنية الشايقية كما كون مجموعة الدليب الثقافية والفنية وله أعمال غنائية كثيرة وبرحيله فقدنا وفقدت الساحة فناناً يشهد له بالتفاني والإخلاص في عمله وهو أستاذ علَّم الأجيال الكثير، نسأل المولى العلي القدير أن ينزل عليه شآبيب رحمته.