بقدر لا يستهان به من عدم المبالاة وآخر من التشاؤم ينظر العرب وفي المقدمة منهم الفلسطينيون للمفاوضات الاسرائيلية الفلسطينية المباشرة المزمع إجراؤها في الثاني من سبتمبر القادم في مقر وزارة الخارجية الأمريكية بالعاصمة واشنطن. ويرجع ذلك الى الكثير ومنه أن كل المفاوضات التي جرت من قبل بين اسرائيل والفلسطنيين والعرب لم تحقق ما كان مرجواً منها من الأطراف العربية فقد كان المركز التفاوضي العربي بصفة عامة أضعف من الموقف التفاوضي الاسرائيلي ودائماً كانت الدولة الكبرى المشرفة والراعية للمفاوضات منحازة انحيازاً سافراً للجانب الاسرائيلي. ويرى الاسرائيليون أن هناك احتمالاً بتجدد «الإرهاب» خلال المفاوضات المباشرة المرتقبة ولذلك فإنهم يطالبون بأن تكون اسرائيل مستعدة على كافة الجبهات لفترة طويلة قادمة من الاضطرابات وزعزعة الاستقرار. والإرهاب الذي يتحدث عنه الاسرائيليون ليس في الحقيقة إرهاباً وإنما هو كفاح مشروع ومقاومة حقيقية ينفذها الفلسطينيون شأنهم في ذلك شأن كل الشعوب الخاضعة للاحتلال وقد تقلص عدد هذه الشعوب الى اثنين أو ثلاثة منها الشعب الفلسطيني والشعب العراقي. ومن وجهة النظر الاسرائيلية فإن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو راغب هذه المرة في الوصول الى السلام ولكنه سلام بشروطه هو ويأتي في مقدمتها أمن «بلاده» ويهودية دولة اسرائيل. والرأي العام الاسرائيلي في ما يتعلق بالمفاوضات القادمة ليس موحداً، وهذه حالة طبيعية في بلد ديمقراطي فهناك من لا يثقون في رئيس الوزراء ولا يصدقونه. وتقول جريدة هارتز الاسرائيلية انه إذا استطاع نتنياهو أن يصل الى اتفاق مع الفلسطينيين فإن المعارضة قد تؤيده، وحدث من قبل أن وقفت المعارضة الى جانب الحكومة بعد اتفاق أوسلو. وتضيف أن نتنياهو وضع نفسه في نفس الموقف السياسي لأسلافه، إسحاق رابين وشيمون بيريز وإيهود باراك وأرييل شارون لكن الفلسطينيين لا يستطيعون، أي لا يستطيون تقديم التنازلات الواجبة لإقامة السلام بل إنهم على استعداد للعودة «للارهاب» وتعصيده. وتقول الجريدة: إن الحد الأدنى الذي يقبل به الاسرائيليون هو الاعتراف باسرائيل وطناً قومياً لليهود وإلغاء حق العودة بالنسبة للفلسطينيين الذين غادروا عام 1948م وإنهاء الصراع وإغلاق ملف كل المطالب الفلسطينية الأخرى وبقاء المستوطنات وعدم تقسيم القدس التي هي العاصمة الأبدية لدولة اسرائيل. وتضيف الجريدة أن الفلسطينيين لن يقبلوا بذلك وهم حتى إذا ما أرادوا عدم تضييع هذه الفرصة فإن الآخرين الأقوياء سوف يمنعونهم وهولاء الأقوياء هم طهران ودمشق وحزب الله، وربما العراق قريباً، فهؤلاء جميعاً لن يعترفوا أبداً بإسرائيل وطناً قومياً لليهود.