{ كنت، ولازلت، أراهن على ذائقة المستمع السوداني الذي وحده من يعطي الإشارة الخضراء لأي صوت غنائي حتى يستمر أو يصمت إلى الأبد. ويا سبحان الله رغم أننا نبدو جادين أكثر من اللازم ولسنا من الشعوب العربية التي تتعاطي (الأفيهات) في حياتها اليومية لكن ذلك لم يمنعنا إطلاقاً من أن نكون في المقابل أكثر الشعوب العربية إحساساً بالمغني الجيد والطرب الأصيل ولعل قاماتنا الفنية السامقة من راحلين أو ممن زالوا يواصلون العطاء أمد الله في أيامهم مُنحوا شهادة من الشعب السوداني، هي بالتأكيد أهم بكثير من أية شهادة تمنحها لهم أيٌّ من لجان الاستماع حتى لو كان أعضاؤها من حاملي درجة الدكتوراة في الموسيقى لأن الحس الشعبي والجماهيري هو وحده من يكتب الديمومة وطول بقاء!! { لذلك لا أشغل نفسي كثيراً ببعض الأصوات الضعيفة التي تخرج فجأة من العدم لتملأ الساحة نعيقاً وضجيجاً لأنها زي ما بتطلع زي ما بتنزل حتى لو أنها مُنحت الفرص للظهور عبر الأجهزة الإعلامية بواسطة العميل السري رقم واحد، وأقصد المجاملة والعلاقات العامة، لكنها سرعان ما تتلاشى وترفضها الأذن رغماً عن كل محاولات الإسعاف التي تجري لها لأنها بالأصل أصوات وُلدت وهي تعاني موتاً سريرياً. { لذلك فإن ما وجده برنامج (أغاني وأغاني) على فضائية النيل الأزرق من قبول ومتابعة ربما لم يجدها برنامج آخر لم يكن ذلك مجاملة لأحد أو لعدم وعي من المستمع السوداني ولكن لأن البرنامج بنسخه الأربع الماضية حوى أصواتاً غاية في الروعة؛ إذ أن لي رأياً في بعض الأصوات التي أضافها البرنامج في نسخته الخامسة شكّلت خصماً على ألقه ولم تضف له شيئاً وكأن وجودها من عدمه وجهان لعملة واحدة. وأظن لو أن البرنامج الذي نقب في مغارة الغناء السوداني ممكن أن يواصل لموسمين قادمين لأن الكنز عظيم وكبير ومليء بالجواهر واللالئ. { لكن وفي ظل المتابعة الكبيرة للبرنامج عالي المشاهدة تبرز بعض الأصوات لبعض الفنانين ترمي البرنامج بالفشل وترمي الأصوات المشاركة فيه أيضاً بالفشل وهي آراء على مسؤولية قائليها كتصريحات الأستاذ محمد ميرغني وعبد العزيز المبارك وإسماعيل حسب الدائم وحتى ود الأمين لم يسلم البرنامج من هجومه، وهي آراء نقدرها لما لأصحابها من خبرة فنية وعصارة تجارب موسيقية كبيرة. { لكن في ذات الوقت نستمع لآراء أخرى هي على النقيض تماماً من الأولى حيث أنها تشيد بالبرنامج محتوىً ومشاركين وتصفه بأنه عمل على نفض الغبار من الإرث الغنائي السوداني وأن الأصوات المشاركة فيه هي أصوات جميلة لم تشوِّه ما رددته من أغانٍ، وأبرز من صرّح بهذه التصريحات هو سلطان الطرب كمال ترباس والأستاذ حمد الريح الأستاذ السني الضوي وآخر المصرّحين كان الفنان الملحن صلاح مصطفى الذي قال للمشاركين ومن خلال الحلقة لو أنكم لستم أصحاب أصوات جميلة لما جئتكم مشاركاً بالحضور والغناء. { ولعل هذه الازدواجية في الآراء والتضارب في الأقوال يجعلنا في حيرة من أمرنا لأن المسألة ليست اجتهاداً شخصياً أو رأياً انطباعياً بقدر ماهي آراء يفترض آنها تميل إلى الخبرة والى العملية لأنها من أساتذة وفنانين عركتهم التجربة وربما صقلتهم الدراسة فمن نصدق: هل نصدق أولئك الذين كالوا البرنامج قدحاً أم الذين وشّحوه مدحاً؟ هل نصنف الآراء الأولى بأنها مجرد آراء لبعض الزعلانين من عدم استضافتهم؟ أم نقول عن الرأي الثاني إنه مجاملة ممن ظهروا على شاشة النيل الازرق؟ في كل الأحوال أظن أنه من حق المستمع السوداني أن يجد من يثق في رأيه رغم أنه قد كون رأيه مسبقاً بدلالة المتابعة الكثير للبرنامج لكن مثل هذا التضارب في الآراء يجعلنا مندهشين ومتسائلين يا ربي نصدق منوا!! كلمة عزيزة { أعتقد أن بعض الأصوات الشبابية قد جات في الوقت الخطأ وأقصد انها لم تواكب عصر المبدعين من شعراء وملحنين شكلوا حدثاً مهماً في مسيرة أصوات غنائية باذخة العطاء ومن هذه الأصوات الشابة الود الخطير أحمد الصادق الذي تجلّى طرباً وهو يردد أغنية (الجمال والحب في بلادي) وللدلالة على حديثي قارنوا بين أحمد الصادق في هذه الأغنية وبين أدائه في أغنية (اشتقت ليك يا منقة واشتقت لي صفقك). كلمة أعز { جاءتني على هاتفي رسالة من إحدى المنظمات التي تهتم بالبيئة. ومؤكد أن ذات الرسالة وصلت لمئات غيري تطالبنا فيها بالاهتمام بالبيئة وزرع شجرة لهذا الغرض وأنا شخصياً موافقة أزرع بدل الشجرة اثنين بس هي المويه وين؟!