حواء السودان (أحلى) بالتوب . هذا تصوري، رغم أن الكثيرات أراهن مشرقات، ومتألقات، بغير التوب التقليدي ! لا أظن أن التوب سيندثر، فهو ضارب بجذوره في قناعات المجتمع، صحيح أنه يعاني من انحسار وسط الشابات، لكنهن لا يتخذن موقفا عدائيا منه، فالمسألة فقط مجاراة لموضات تطفو حاليا على السطح، والرجوع للتوب (فضيلة)، وهي مسألة وقت .. لا أكثر ولا أقل ! والموضة، بالمناسبة، شيء غامض، ولا أعرف كيف يتم التحكم في أمزجة الناس، وحقنهم بقناعات أن الموضة هي أن يلبسوا كذا، وأن اللبسة الفلانية أصبحت موضة قديمة. لكن الساحة تبقى دائما متسعة للخيارات جميعا، فيمكن تصور أن يكون هناك أساليب (عولمة) في ما يلبسه الناس، لكن هذه العولمة لا تطيح بإرث الشعوب في الملابس، فالساري الهندي مثلا ظل متحكرا في المجتمع الهندي، رغم دخول كل الموضات المتفرنجة لأرض غاندي، والجلابية السودانية، رغم الهزة التي تتعرض لها جراء البناطلين والقمصان، ظلت راسخة لا تهزها الرياح، وما زالت هذه الجلاليب ترهق الجيوب وتأخذ نصيبها الوافر من ميزانية الرجال. لكن اللبس التقليدي ليس محصنا من تيارات الموضة، فهو قادر على البقاء في خطه العام، بيد أن اللمسات والاكسسوارات تغزوه بين آن وآخر، ثم يعود لشكله التقليدي الكامل الذي كان عليه، فالعمائم قد تأخذ أشكالا من التطريز في أطرافها، والشالات قد تدخلها لمسات جمالية هنا وهناك، والطواقي ربما تمتزج بألوان لم تكن معروفة من قبل، بل وحتى الجلاليب قد تخرج من أشكالها التقليدية تفصيلا ولونا، ولكن جوهر هذه الملابس يبقى متماسكا، وقادرا في كل الأوقات على فرض شكله التقليدي كأساس، وتبقى التغيرات مظاهر طارئة تأتي وتزول. أما التوب، فهو ملك المرونة، والأكثر قابلية لامتصاص الموضات، فأسواق الثياب ظلت دائما ذات ارتباط بالموضات، ولا توجد سودانية من أجيالنا لا تعرف (الشفون)، و(أب قجيجة)، و(الكرب)، وكم من فنانين وفنانات في مجال التشكيل كان لهم ولهن لمسات في التطريز والإضافات الجمالية لهذه الثياب، التي تزينت بها حسان الأمس، فزادتهن جمالا فوق جمالهن ! الظرف الزمني قد يكون من أسباب انحسار التوب وسط الشابات، وكذلك الظرف المادي، حيث تشكل أسعار الثياب الجيدة عبئا ثقيلا على ميزانية الأسرة، ومع ذلك بقي الثوب صامدا وسط المتزوجات، للدرجة التي كاد أن يصبح علامة، مثل لبس الدبلة باليد اليسرى، على أن صاحبته متزوجة ! أحب التوب السوداني، ويحب قلمي الكتابة عنه، حيث وجدته متلبسا بتناوله في أكثر من مرة، وأثق أن العودة حتمية للتوب، رغم أن حواء السودانية .. حلوة .. بالثوب أو بغيره من وارد الموضات وأكسسواراتها.