لم أشاهد قط خروفا يضحك، وبصراحة .. لا أعرف حيوانا ضاحكا، سواء أكان خروفا أو غيره، اللهم إلا إذا استثنينا الإنسان، الذي يصنفه البعض عفا الله عنهم بأنه عضو أصيل .. ضمن مملكة الحيوان ! الخرفان لا تضحك، لكنها هذه الأيام ستبدأ في تعلم الضحك، لأن الخروف أبو خمسمائة ، أي نصف مليون باللغة السائدة، هو الذي سيكون متاحا للضحية، ومن لا يملك المبلغ، فليهرب بجلده .. من لسان زوجته ! كل الأشياء طارت إلى السماء، بدءا من أمواس الحلاقة، إلى السيارات ، فلماذا يبقى الخروف وحده العاقل في الساحة ؟ أحد الأصدقاء يصر منذ عرفته، بأن خروف (الضحية) أصبح ممارسة اجتماعية لا غير، وأنه سلوك للفشخرة، وللمشاركة في حكاوي الأسعار، وتهويل المعاناة في الحصول على (الضبّاح)، وإرضاء غرور النسوة .. وإشباع فضول الأطفال ! باختصار .. يرى صديقي بأن الجانب الديني في المسألة .. نام نوم العوافي، وأصبح الناس مشغولين بالجانب المظهري، حتى أصبح الخروف الآن .. نجم الساحة وبطلها الأوحد ! خروفنا السوداني ليس مستثنى من جنون الأسعار، فصاحب القطيع يقضي شهوره رابطا الحزام على بطنه انتظارا للضحية، يصرف من جيبه على تغذية القطيع، ويعاني في صمت من مخالب الغلاء.. يشاهد نيران الأسعار ترتفع .. ويكتوي بلظاها دون أن يسمع صراخه أحد، منتظرا العيد لاستعادة عافيته، واسترجاع توازنه، بعد أن كادت روحه أن تبلغ الحلقوم ! التوقعات تشير إلى أن الخروف .. لن يكون بأسعار العام الفائت، وأن الثلاثمائة والأربعمائة جنيه .. باتت من حكاوي الماضي، والمحظوظ، حسب التوقعات، هو من يحصل على خروف بخمسمائة جنيه، والسبب، كما يقول أهل السوق، أن الغلاء دائرة جهنمية، لا يعرف أحد بدايتها من نهايتها، وأن الأسعار مثل رأس القطار .. إذا تحرك .. تحركت معه كل المقطورات .. دون أن تتقاعس إحداها .. أو تتأخر عن الركب !! الكلام عن الخروف ليس استباقا للرعب، لكنه تحذير، فمن أراد الضحية فعليه الاستعداد منذ الآن، كما أن السلطات المحلية عليها دور، فهي لن تقنعنا بأنها فوجئت على حين غرة بالأسعار، وبالتالي فإن تحقيق وفرة كبيرة في المعروض، سيوازن أسعار الخراف، ثم أن الإنجراف الشديد في ملاحقة المواسم والهرولة للتصدير .. لا يجب أن تكون على حساب المواطن .. الذي تقتله المرارة حين يرى الخروف السوداني يساق للأضحية في أقاصي الدنيا، في حين يستعصي على جيبه أن يكون له نصيب .. من هذه الأضحية ! الخرفان بدأت في تعلم الضحك .. لتضحك ملء شدقيها .. في الضحية القادمة !