{ كنا في فترة حكم الفريق إبراهيم عبود، التي امتدت من نوفمبر 58 إلى أكتوبر 1964م، نتلقى التعليم في مدرستيْ كوستي الأولية نمرة 2 وكوستي الأميرية الوسطى، وكان ناظر الأولى هو الأستاذ نصر الله علي كرار شقيق المقدم عبد البديع علي كرار الذي أعدمه نظام الفريق عبود لاشتراكه في انقلاب المقدم علي حامد الذي أُجهض في نوفمبر 59. وكان ناظر الثانية هو الأستاذ حسين عبد الله شدو شقيق القاضي المحامي السياسي «المايوي» الإنقاذي عبد العزيز شدو. { وطبعاً في ذلك الوقت من أواخر الخمسينات وأوائل الستينات لم نكن نعرف أن لناظرنا المهيب المهاب في مدرسة كوستي الأولية نمرة 2 شقيقاً ضابطاً طمح مع آخرين إلى حكم البلد ثم فشلوا وأُعدموا. { ولم نكن أيضاً نعرف في ذلك الوقت من النصف الأول للستينات أن لناظرنا بمدرسة كوستي الوسطى شقيقاً قاضياً كانت له في ود مدني وحنتوب الثانوية أيام وأيام مع جعفر نميري وآخرين وقد قُدر له في ما بعد في سودان التسعينات أن تكون له إسهامات في قمة السلطة إلى جانب الرئيس البشير والدكتور الترابي وآخرين. { ويلفت النظر في حكاية القاضي شدو أن زميله منذ الصبا الباكر جعفر نميري لم يختره وزيراً في أيٍّ من الحكومات التي شكّلها في الفترة من أكتوبر 69 إلى أبريل 1985م. { وقلنا أكتوبر لأنه الشهر الذي أقال فيه نميري القاضي بابكر عوض الله من رئاسة مجلس الوزراء وتولاها بنفسه ويظل يرأس مجلس الوزراء حتى أبريل 85 تاريخ الإطاحة بالنظام الذي كان يتصدره باستثناء بضعة شهور تقلد خلالها رئاسة مجلس الوزراء المحامي الرشيد الطاهر بكر. { وفي مدرسة كوستي الأولية نمرة 2 فإن السياسة لم تكن من شواغلنا فقد كنا أطفالاً.. وحتى في المدرسة الوسطى استمر الموقف على ما هو عليه؛ فالعمر كان لا يزال في بداياته ومطالعه، وكان أكثر ما يستهوينا داخل المدرسة وخارجها هو كرة القدم، وقد اهتم بها كثيراً نظام الفريق عبود. { وفي عهده أنشئت استادات الهلال والمريخ والموردة بأم درمان، وتمت إنارة استاد الخرطوم وصدرت مجلة اسمها (الرياضة) وكنا نقرأها من الغلاف إلى الغلاف وكنا في كل 17 نوفمبر، تاريخ وصول الفريق عبود إلى الحكم، ننخرط في موكب كبير ومعنا كل المدارس هاتفين للثورة ولقائدها الفريق عبود وينتهي الموكب في ميدان المولد، وقد أصبح اسمه بعد ثورة أكتوبر ميدان الحرية، ثم تنتقل فعاليات الاحتفال ولم يكن هذا المصطلح موجوداً في تلك الأيام إلى استاد كوستي وكان اسمه دار الرياضة، وهو من أقدم الإستادات؛ فقد شيد عام 58 بعد سنتين فقط من تشييد استاد الخرطوم.