لم أتشرّف بالتلمذة المباشرة على لسان وطبشيرة الأستاذ يحيى حسين يعقوب الذي درّس الحصة الأولى عند افتتاح مدرسة كوستي الأهلية الوسطى عام 1946م. وكان الأستاذ يحيى حسين هو نائب الناظر وأستاذ المدرسة الشامل، فقد كان يقوم، بتدريس الرياضيات والجغرافيا واللغة الإنجليزية وكان يجيد الرسم والتمثيل وكرة السلة.. والقدم والذي سمّاه الأستاذ الشامل وهو محق في ذلك تلميذه الفريق الأستاذ الراحل إبراهيم أحمد عبد الكريم. وقد بلغ تمكّن الأستاذ يحيى حسين من اللغة الإنجليزية درجة جعلته يؤلف قاموساً إنجليزياً إنجليزياً. وكنت عاتبته على أنه عندما شرح كلمة طاغية Tyrant ضرب مثلاً بجعفر نميري وكانت هنالك أمثلة أسطع على الطغيان من نميري ومنها الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، واحتفظت في نفس الوقت بإكباري لهذا الأستاذ الموهوب. وقد إستقال الأستاذ يحيى من سلك التعليم الحكومي احتجاجاً على السلم التعليمي الذي نفذّه في العهد المايوي التربوي الكبير الدكتور محيي الدين صابر وزير التربية والتعليم. وقبل ذلك في عام 1962م أسس التاجر الخيّر المرحوم التجاني محمد خير وإلى جانبه الأستاذ يحيى حسين مدرسة التجاني الوسطى بمدينة كوستي وعمل ناظراً لها.. وعندما أُنشئت المدرسة الأهلية الوسطى بكوستي عام 1946م وكان دينموها وأستاذها الشامل هو يحيى حسين كان مؤتمر الخريجين الذي تأسس قبل ذلك التاريخ بثمانية أعوام يكافح الاستعمار البريطاني كأرقى ما يكون الكفاح بالتظاهر وبفتح المزيد من المدارس ومنها أهلية كوستي وكان يمثله في مدينة كوستي أحد أروع رجالات الحركة الوطنية القاضي الشرعي علي عبدالرحمن الأمين وآخرون. وكان وراء إنشاء أهلية كوستي أيضاً أبناؤها من التجار والموظفين. وكنت قبل الأستاذ يحيى حسين أعتقد أن أنصارية كوستي جعلتها بمنأى عن تلك التظاهرات الصاخبة الرافضة للاستعمار التي كان ينظمها مؤتمر الخريجين في ذلك الزمن من أربعينيات القرن الماضي لكن الأستاذ يحيى صحح لي هذا الاعتقاد الخاطئ. فقد هتفت كوستي كثيراً في ذلك الوقت ضد الاستعمار، وكان في مقدمة الهاتفين أبناؤها، وكان في مقدمتهم أيضاً ذلك القاضي الشرعي الفلتة علي عبدالرحمن الأمين الضرير. والاثنان يستحقان أن يُطلق أسماهما على شارعين في المدينة الجميلة، علي عبدالرحمن الأمين، رحمه الله، والمربي الكبير يحيى حسين يعقوب.