لم تسعفني الفرصة أيام عيد الفطر المبارك مشاهدة البوم الأستاذ الكابلي مع الفرقة الإثيوبية (البوم أديس) والذي كان يضم مجموعة من أغانيه، من بينها تسلم ليّ خال فاطنة، يازينة، مريا، زينة وعاجباني، غزال الروض، وفيك يا مروي، وقد أُتيحت لي الفرصة لمشاهدة هذا العمل في قناة قوون والذي عُرض في برنامج (شريان الفرح) قبل فترة ونسبة لأنني من محبي الكابلي وأغانيه عزمت على مشاهدة البرنامج من أوله إلى آخره.، وعليه يمكن القول بأن تجربة الكابلي الجديدة لم تكن موفّقة وربما أوقع فيها من قبل بعض الشباب أقول هذا وأنا متابع لأغاني الكابلي منذ أن كان يعمل بالقضائية بالخرطوم ومتابع لمحاضراته عن الأصالة والتراث والجمال. ما شاهدته تلك الليلة لا يشبه المطرب الكابلي لا من قريب أو بعيد ولا يتماشى مع أغانيه. فلا رأي لي في العازفين فقد أدوا ما يتطلبه اللحن ولا رأي لي في أغنية ماريا فهذه يمكن أن تتقبل أي نوع من التعبير ولكن أن تشاهد تسلمي ليّ خال فاطنة، ويا زينة، وزينة وعاجباني، وغزال الروض، ومروي، وأن يحشد لها التغيير بهذه الصورة المبتذلة، فهذا ما لا شك فيه انعطاف خطير لأخونا الكابلي يجب عليه أن يوقفه. فلا يمكن أن أجمح بخيالي مع جملة (أبكريق في اللُّجج سدر حبس الفجج خال فاطنة ليهم بلالي، مع هذا الراقص المصروع والذي ما أن تشاهده إلا وتحسبه مهرّجاً ويدعمه في ذلك لبسه الغريب. أما الراقصات واللاتي ارتدين الثياب السودانية وغيرهن ما أحسست منهن إلا مصروعات الزار! فهن في وادٍ والمعاني في وادٍ آخر. خاصة والأغاني التي ذكرتها تحمل قيماً سامية من الحب والوقار والجمال كلها ضاعت في زحمة الحركة المجنونة والاهتزاز غير المبرر ولم أصل إلى ماذا يريدون أن يقولوا فهنالك تكرار للحركة في أغلب الأغنيات وهنالك شذوذ لها حين ترقد إحدى الراقصات على الأرض ويقف الراقص قبالة رجليها ويبادلها الاهتزاز. عفواً يا أستاذ كابلي! أنا لا أقول إنني ضد التجريب، ولكن أرى أن يكون معقولاً ومتمشياً مع واقع المجتمع. ولا أقول نقف ولا نجاري التطور، ولكن نريد أن ينبع التطور من عادتنا وتقاليدنا وثقافتنا. ويمكن القول إن كثيراً من المطربين الخليجين وقعوا في مثل هذا المأزق فحشدوا لأغنياتهم راقصات متحررات من جنسيات أخرى فضاعت نكهة الأغنية الخليجية وساد هز الوسط والأرداف وضاعت الكلمة في مهب الريح ونحن لا نريد لأستاذنا الفنان القمة الأديب الشاعر أن يقع في هذا المأزق وكان له من الممكن أن يحشد هذا القدر من راقصات سودانيات إن كان من الأمر بُد. ففرقة الفنون الشعبية وغيرها من الفرق الأخرى مليئة بمن يعبرن أحسن من ذلك ويمكن القول إنه حتى الكورس الذي تم اشراكه في هذا العمل من الإثيوبيات كان واضحاً أنهن لا يفهمن ما يقُلن ولنا أن نسأل لما هذا الكورس وبلادنا مليئة بالأصوات الشجية؟! فالإثيوبيات لا يفهمن ما وراء الكلمة المحلية وإن فهمن فالأعجمية غالباً ما تطغى عليهن، وقد نلحظ ذلك في أغنية مروي حين يردن أن يقلن (القوز علينا ظلم)، فيقلن (القوز علينا زلم). وأيضاً في (يا حلة تنوري) فيقلن (يا هِلة تنوري). عفواً أخونا الكابلي أقولها بصرحة أنسى هذا العمل. فبعض الشباب أرادوا أن يوقعوك في شراكهم! فالحق فضيلة ولا عيب في الرجوع إليه. مع أمنياتي لك بالتوفيق. أ. الأمين جماع - حلفاية الملوك