ما عاد إنسان الخرطوم كالأول حينما يأتي نهاية الشهر وهو (قابض) الماهية فيرتّب حاله بأن يشتري تموين الشهر كاملاً وما تبقى إدخار للأيام السُّود. في ظل الراهن الاقتصادي هل لازال رب الأسرة يشتري تمويل الشهر كاملاً لأسرته لينهي (معركة) الأسرة مع دكان القطاعي وخلافه؟ لمعرفة ذلك «الأهرام اليوم» تجولت في السوق المحلي الخرطوم بين دكاكين الخردوات فماذا قالوا لها في هذا الصدد؟ عبدالله تاجر خردوات أوضح أنه ما عاد المواطن يتمكّن من شراء حاجياته من السوق مثل أوّل وأشار إلى أن القوى الشرائية في آخر الشهر التي تقبل عليهم قلة مقارنة بأيام زمان، وأضاف وحتى الذين يأتون ليس هم سكان المناطق الشعبية فمعظمهم من أصحاب العربات الفاخرة. أما سكان المناطق الشعبية فيشترون بعضاً من أشياء الشهر والباقي يكون قطاعي. أما حامد التاجر بذات السوق فيقول: أصبحنا ننتظر آخر الشهر حتى ينفرج الحال! ولكن بكل تأكيد ليس مثل زمان فهناك زبائن معتادون يشترون حاجات الشهر كله والغالبية العظمى تشتري بعض من ذلك ومرد ذلك قال إن الماهية على حسب قول الزبائن صارت لاتكفي (نفاخ نار) ناهيك لتمويل شهر كامل. في الحوار تداخل معنا إسماعيل أحد الزبائن قائلاً (وهي ويني القروش البشتروا بيها تمويل شهر)؟! وأردف أن الذي يتبقى من الماهية بعد تسديد الديون (بتخُش بيهو) السوق (أهو) بتشتري بيهو كان يحصل أو ينقطع. في ذات السياق قال حمزة إن الزبون الذي يأتي لنا نادراً ما يشتري تمويل نصف شهر وأشار إلى أن الزبائن صاروا محكومين برواتب مفصّلة على حاجات قبل صرفها. وأضاف أن القوى الشرائية ضعيفة مقارنة بالماضي. على خلفية هذا الموضوع تحدث د. عثمان محمد عثمان بأن الوضع الاقتصادي برمته صار هاجساً كبيراً للأسرة وأشار إلى أن الأسرة مهما اجتهدت لن تستطيع تحديد ميزانية للشهر. فالسوق أصبح غولاً كبيراً فاتحاً فكه لابتلاع كل شيء.. وأبان أن الرهان الآن على قدرة رب الأسرة أب وأم لقيادة رعيتهم وسط هذا الموج العباب والخروج بها إلى بر الأمان.. وقال يصعب هنا المعيار بجعل تمويل الأسرة كاملاً وهو من الصعوبة بمكان.