اتحاد إذاعات الدول العربية الذي ستعقد جمعيته العمومية في الخرطوم بعد غياب دام (40) عاماً، هو اتحاد سوداني الفكرة والمولد والنشأة، ويرجع الفضل في قيامه لعباقرة السودان وأبرزهم الخبير الإعلامي المعروف البروفيسور علي محمد شمو. ففي فبراير عام 1969 عُقدت أول جمعية عادية في الخرطوم وانتخب شمو كأول رئيس لها وكان الهدف من تأسيس الاتحاد هو تقوية الروابط بين إذاعات الدول العربية الصوتية منها والمرئية، بجانب تطويرها وتنشئة جيل عربي واعٍ يعتز بقوميته العربية. وتوالى دخول الدول العربية حتى تكاملت جميعها ومازالت فلسطين تنتظر استقلالها لتنال كامل مخصصاتها. وللاتحاد ميثاق شرف ينظّم عمل الدول الأعضاء ويحفظ حقوقها بعدم التعدي عليها، والالتزام بالرسالة المتفق عليها في دستوره. وفي مجال التطور التقني فإن السودان نال قصب السبق مرة أخرى ليصبح الدولة الأولى التي وسّعت استخدام نظام (المينوس) وهو شبكة تقديرية مبنية على شبكة الاتحاد للتبادل متعدد الوسائل والخدمات يشمل بجانب التبادلات الثنائية فتح خدمة مباشرة تستفيد منها وكالة السودان للأنباء وهيئتي الإذاعة والتلفزيون والهيئات (الخاصة). وعبر هذا الاتحاد فعالياته ومهرجاناته فاز السودان في مهرجان الأغنية الوطنية بأغنية «سنلتقي» للمطرب الشاب نميري حسين التي صاغ كلماتها الشاعر مهدي محمد سعيد ولحنها ووزعها الموسيقار محمد حامد جوار. ونال أيضاً جوائز المسابقة الرئيسة للبرامج التلفزيونية (برامج الأطفال المنوعة) التي منحت لبرنامج (بُلطية بنت النيل) من إنتاج الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون، ونال برنامج (درب الأربعين) من إنتاج شركة أمواج جوائز المسابقة المادية. وفي الدورة (13) لمهرجان الأغنية العربية بطرابلس مُنحت الجائزة لأغنية (سحر الليل) كلمات مهدي محمد سعيد وألحان الموسيقار جوار وأداء المطرب محمد الخاتم. كما نال السودان الجائزة التشجيعية لأفضل تأليف (متى يعود) لمحمد أحمد سوركتي والجائزة الأولى لسهرة (رحلة النيل والشراع). وظل الاتحاد منذ تأسيسه في عام 1969م يوفّر التدريب لمنتسبي الإذاعات العربية المنضوية تحت لوائه ووضعت الإدارة العامة للتدريب بالاتحاد نظاماً خاصاً للتدريب (عن بُعد) من خلال نظام (menos) حرصاً منها على التجويد، بجانب البحوث والسمنارات والإصدارات ورعاية البطولات الرياضية والمؤتمرات المتخصصة، ويرى العديد من الباحثين والمهتمين بالشأن الإعلامي والسياسي أن اتحاد إذاعات الدول العربية هو الكيان العربي الوحيد الذي ظل يتطوّر باضطراد مقارنة بأكبر كيان عربي «جامعة الدول العربية» وغيرها من الاتحادات العربية ذات الصلة بالإبداع والثقافة والفنون والسياسة، ويرون أن جميعها سوى هذا الاتحاد تدور في حلقة مفرغة ولم تقدم شيئاً لأكثر من 230 مليون عربي ينظرون إليها ككيان يجتمع وينفض دون أن يُحدث حراكاً. ويظل العقل والفكر السوداني من أكبر موجّهات عالمنا العربي والتحية للبروفيسور شمو وصحبه الأبرار. وسيُكرّم البروفيسور شمو في هذا الملتقى وهو الأحق بالتكريم فقد قامت على يديه العديد من الإذاعات والتلفزيونات بالدول العربية وتخرّج على يديه أرتال من الصحافيين والإذاعيين وقادة الفكر الإعلامي. ومرة أخرى مرحباً بالإخوة العرب صُنّاع الإبداع وغارسي الفضيلة في نفوس الشعوب العربية في وطنهم السودان أرض الفكر والبطولات والكرم والشجاعة والنبوغ والإبداع.