مشروع «مشيرب»، يتمتع بموقع مميز على الشاطئ الشمالي للنيل الأزرق قبالة القصر الجمهوري، وخُصصت لإنشائه مئات الملايين من الدولارات، وتقوم على تنفيذه شركة «سي سي سي»، وهي المقاول الرئيسي للمشروع ، ويشتمل المشروع على فنادق وأبراج سكنية ومحلات تجارية تمتد على مساحة (230) ألف متر مربع ، وتموِّل المشروع شركة «الديار القطرية» المملوكة لدولة قطر.. في هذا المشروع تقدم عدد من المهندسين العاملين به بشكوى، جاءت مثبتة بالصور بوجود تسربات للماء داخل «البدرومات» في المبنيين ال «CO3» وال «CO8» لم تتم معالجتها، مما يترتب عليها لاحقاً قصر عمر المبنى أو انهياره، وحمَّلوا الشركة المنفذة والشركة الاستشارية والمقاول المسؤولية الكامل لما سيترتّب على ذلك من أضرار قد تلحق بالبرجين. { تساؤلات لم تكن المرة الأولى التي يرفض المستشار بالمشروع أسلم بشير مقابلة مندوبي «الأهرام اليوم»، وجاء رفضه بعد أن عرف مقصدنا، وطالب بكتابة الاسئلة ووعد بالرد عليها خلال (24) ساعة، ولكنه سرعان ما بدّل رأيه وأصدر قراراً إدارياً لأفراد الأمن الموجودين بالبوابة الرئيسية، يقضي بعدم دخولنا إليه، وإخبارنا أنه غير موجود بالمبنى، ما دعانا إلى إضافة سؤال إلى تساؤلاتنا التي ظلت بلا إجابات: لماذا تهرَّب مدير المشروعات من مقابلة «الأهرام اليوم» والإجابة على أسئلتها بالنفي أو الإيجاب؟ { ماذا يجري داخل «مشيرب»؟ قد يتساءل البعض: كيف لمشروع خُصصت لإنشائه ملايين الدولارات يتم تنفيذه بصورة غير مطابقة للمواصفات.. وما هو رأي الديار القطرية باعتبارها المالك الرئيسي للمشروع؟ ومع كل هذا يظل اللغز مجهولاً بين المالك، إن كان على علم، والمقاول والاستشاري والمنفذ. حيث أكدت مصادر مطلعة من داخل المشروع أن المهندسين الموجودين بالمشروع غالبيتهم أجانب، من لبنان وفلسطين ومصر ودول عربية أخرى، لم يسجلو كمهندسين لدى المجلس الهندسي. ويقول المصدر إن الشركة المنفذة لا تملك أي أصول في السودان، الأمر الذي يتنافى مع كونها المقاول المنفذ لمشروع بهذا الحجم الكبير. { من داخل المشروع أكدت المهندسة مديرة المشتريات السابقة في ال«سي سي سي» أن المشروع لم يكن يطرح عطاءات، إذ كانت الإجراءات تتم من قبل المدير ومعه آخر يعمل مهندساً للكهرباء والمسؤول عن الموقع، ولهذا تم اختيار شركة «دام» لتكون الشركة المنفذة، وأكدت أن القائمين على تنفيذ المشروع لا يلجأون إلى طرح عطاءات في الصحف مما يشكك في قانونية تلك العطاءات، وقالت: إن الشركة المنفذة للعزل المائي هي شركة صغيرة كانت تعمل في السابق في المواد الغذائية وتم تغيير اسمها وعملها إلى أن رست على أعمال تجارية في مجال الإنشاءات والعوازل، كما أنها لا تمتلك أي خبرات مقارنة بشركات العزل، لذا ظهرت مشكلة تسرُّب الماء في البدرومات، لأنَّ العزل تم تنفيذه بطريقة غير سليمة، والنتيجة وصول الماء للمبنيين ال (co3) وال (co8)، ولكن تسرَّب الماء بصورة كبيرة في المبنى الثاني، وتمضي مواصلة: هذا الخلل يتضرَّر منه الاثنان، المالك والمشتري، لأن أثر الماء على المدى البعيد غير مطمئن، ولأن التعاقد الذي تمّ مع القطريين كان بضمان لمدة خمس سنوات على الأقل، ولكن نتيجة لهذا التسرب سيحدث صدأ في الحديد يترتب عليه لاحقاً انهيار المبنى. وتمضي في حديثها: إن الشركة المقاولة على علم بهذه التسربات، وتم منع العمال والمهندسين من دخول «البيزمنت» لكي لا يتم اكتشاف الخلل، وبعد أن تم اكتشافه وُعدنا من قبل الشركة بالمعالجة السريعة ونسبة لعلمنا المسبق بعدم إمكانية المعالجة وأنها إن وجدت ستكلف أضعاف السعر الأساسي، تأكدنا من حجم الضرر، لأن الحديد بدأ يتآكل بسبب الصدأ. وفي ختام حديثها ذكرت أن المسؤولية مشتركة بين الشركة المنفذة للعزل والمقاول والاستشاري الذي مرَّر هذا العمل. { الاستشاري هو المسؤول «الأهرام اليوم» التقت من داخل المشروع بالمهندس المعماري «...» فبدأ حديثه قائلاً: إن مسؤولية فشل العزل المائي تقع أولاً على الاستشاري، ثم يليه المقاول ثم الشركة المنفذة للعزل، لأن عمل الاستشاري هو التأكد من المواصفات وطريقة التنفيذ. وأكد أن الشركة الاستشارية، وهي شركة «خ.ع» اللبنانية، سبق أن سقط سقف لمبنى عام كانت هي المسؤولة عنه. ويمضي مواصلاً: كمهندس معماري أرى أن مشكلة الماء، عند فشل أي عزل مائي لأي مبنى، تنتج لأحد الأسباب الآتية: الإهمال في التنفيذ أو سوء المواد المستخدمة أو الغش فيها، وهذا يؤدي إلى تلف التشطيبات مثل البلاط أو الطلاء أو التمديدات الكهربائية أو الالكترونية، لأن مشكلة تسرب الماء خطيرة جداً، لذلك يلجأ المهندسون إلى صرف مبالغ طائلة لعزلها، خاصة المباني الواقعة بالقرب من البحار والأنهار، لأنّ تسرب الماء إلى «البيزمنت» في بعض المناطق أثناء ارتفاع المياه الجوفية يؤدي إلى حدوث مشاكل ينتج عنها إغلاقه نهائياً وعدم استخدامه بالإضافة إلى مهددات أخرى خطيرة في المستقبل!!