{ ثمّة إجماع على أن طعم الفرحة بالهدية لا يتغيّر مع مرور الزمن، فهي بمثابة محطة بيضاء تُطبَع على الذاكرة مهما قست الأيام وتبدّل شكل العلاقات. وقد تختلف في تفاصيلها مع المناسبات، لكن جوهرها يبقى واحداً وهو روح الأخذ والعطاء وعربون المحبة الأصدق والأسرع تأثيراً. ونحن - معشر النساء - مولعات بالهدايا، أيّاً كان نوعها وقيمتها ومصدرها. ولكننا نفرح أكثر بهدايا الشركاء، سواء أكان هذا الشريك صديقاً أو في علاقة عاطفية، أو خطيباً، وأخيراً زوج. وإذا كانت الهدايا بين الأصدقاء أو الزملاء تكتسب أهمية كونها بمثابة رسالة تقديرية لها أبعاد جميلة، فإنها تُصبح ذات قيمة مضاعفة بين الأزواج تحديداً، لأنها تتحول إلى وسيلة لإثبات الحب الدائم وإعلان الاهتمام المتجدد. والهدية الزوجية أكبر عامل لتعزيز الرومانسية بين الشريكين وتجديد روح العطاء في علاقتهما، ومؤشراً على مدى حرصهما على إظهار اهتمامها كلٌ بالآخر، وتصبح أبعد أثراً وأعمق تأثيراً إذا كانت خارج رزنامة المناسبات التقليدية كالأعياد الدينية، وعيد الزواج، وعيد الحب، وعيد الأم وغيرها. لأن الثابت أن المرأة تتوقع فعلاً إيجابياً في هذه المناسبات، فيكون صدى المفاجأة أكبر في سواها، هذا إذا كانت هي في الأساس من صاحبات الحظ السعيد اللائي يؤمِن أزواجهن بأن الهدية واجب زوجي مقدّس وهنّ - للأسف - قلائل. { وجميع الزوجات المعاصرات يحلمن برجل يفهم أبعاد الهدية في حياتهن، وغالباً ما يقابلن تغاضي الأزواج عن مناسبة تخصهن إما بفورة غضب كتوم، أو بخيبة أمل تجاه الشريك المتجاهل يمكن أن يجعلنه يدفع ثمنها لا شعورياً بكيدهن المعروف. وبالإضافة لارتباط الهدية بمعاني التقدير والمحبة، إلا أنها أيضاً يمكن أن تكون وسيلة فعّالة للإعتذار عن خطأ أو سوء تصرف، وتكون هنا أبلغ من كل العبارات وأجدى من أي نقاش أو حوار قد يتسبب في المزيد من التوتر بين الطرفين. والنساء بطبعهن بسيطات وعاطفيات وسريعات التأثُّر بأي ملمح رومانسي يأتي به الرجل، وعلى استعداد لتناسي الإساءة والألم حالما يُبدي الزوج أي فعل إيجابي تجاه الصلح أو الإعتذار أو الإعراب عن الحب. { غير أن هذه الهدية السحرية، قد تُصبح أحياناً مصدر ارتياب، لا سيما لدى النساء الناريات اللواتي يشعرن بالخطر الدائم تجاه أزواجهن لأسباب قد تتعلق بخطأ ما في تركيبتهن الإنسانية، أو خطأ معروف ودائم في سلوك أزواجهن، فيتعاملن مع الهدية التي تأتي دون مناسبة على أنها جرس إنذار ومحاولة لغسل ذنب ما، أو التغطية على خيانة تختبئ في علبة أنيقة مغلومة بأوراق لمّاعة. { ورغم كل الجدل القائم حول ثقافة الهدية، وعدم إيمان مجتمعنا بها بعد، واعتبارها من التفاصيل الثانوية غير المهمة، إلا أنني أؤكد على فاعليتها وجمالها، وأرى أنه من الجيّد للعلاقة الزوجية أن يتذكر الأزواج بعضهم بعضاً بهدايا رمزية في كل المناسبات لا سيما المشتركة والخاصة بينهما. ودائماً قيمة الهدية تبقى فيها ورغم أننا - كنساء - نفضّل الهدايا القيمة والثمينة لا سيما الذهب، ونعتقد أنه كلما ارتفع ثمن الهدية كلما أكد ذلك على قيمتنا لدى الشريك، إلا أنني أرى أن الهدايا الرمزية التي تبقى خالدة ولا تستهلك أفضل، حتى وإن كانت كلمات جميلات على قصاصة من ورق نظل نحتفظ بها ونحتفي بها دائماً، ونستعيد معها ذكريات وأحاسيس جميلة وحميمة وقد تعيننا أحياناً على تجاوز خلافاتنا وحنقنا وفتور علاقتنا الزوجية. { إن أقيم ما أملكه صندوق صغير، يحتوي على العديد من الرسائل والكروت والأشياء الصغيرة التي بعضها مضحك ولكنه يملؤني بالسعادة والإرتياح وأحرص على الركون إليه من حين لآخر لأستعيد كافة الذكريات وأضحك أحياناً وأهز رأسي حسرة على تلك الأيام الخوالي عندما لم يكن زوجي يتأخر عن موعد تبادل الهدايا في مناسبات قبل أن تشغلنا الحياة، ويسيطر الأبناء على تفاصيلنا وتفكيرنا فننسى كل شيء حتى تواريخ الأيام. وهذا ليس مبرراً كافياً فأنا مستاءة جداً لأن زوجي أصبح يتذكر تاريخ ميلادي برسالة تذكير من جواله، وإن كنت أنا نفسي أنساه. { تلويح: الهدايا: النساء يعتبرنها واجباً.. والرجال يدفعون ثمن شرائها ونسيانها.