{ تحية واحتراماً، مع كامل تقديري للدوافع القسرية التي جعلتك تمتهن السطو على أحرازنا الآمنة لتحرمنا من كل غالٍ ونفيس دون أن تعلم كيف حصلنا عليه، وكم أوجعتنا بفعلتك تلك. وكنت أتمنى أن ألتقي بك عند زيارتك الأخيرة لنا، لأحسن استقبالك والترحيب بك كما يجب، ولكنك لم تمنحني الوقت الكافي لذلك، كما أنك لم تخبرني بتوقيت حضورك الميمون، وليتك فعلت! { ولشد ما هيجت تلك الزيارة شجوني ولواعجي، ليس لأنك اخترت حينها أن تغادر وفي معيتك أشيائي الثمينة، ولا مقتنياتي العزيزة، وتتركني للحسرة والحنق فحسب، ولكن لأنك تركت وراءك أبنائي الصغار في حالة يرثى لها من الرعب والخوف لم أتمكن حتى الآن من السيطرة عليها، فقد جافاهم النوم، وفقدوا ثقتهم في الناس، مثلما فقدوا تركيزهم في ما يتفق مع أعمارهم الوادعة من اهتمامات بريئة ومتواضعة فأصبحوا يباغتونني بأسئلة تعسفية لا تخرج عن مداركهم على شاكلة (شكلك كيف؟ واسمك منو؟ وحتجي تاني ولا لا؟ وليه بتسرق؟) والسؤال الأهم: (لماذا لا تخشى الله ولا ناره الموقدة؟). وكلها أسئلة تتطلب إجابات مباشرة منك شخصياً فكل اجتهاداتي غير مقنعة لأنني في الأساس أسأل نفسي ذات الأسئلة وأبحث عن إجابات شافية. { أما بعد، إنني ما زلت في حيرة من أمري، أبحث عن المدخل الذي دلفت منه إلى بيتي الآمن، وإلى حجرتي الخاصة حيث كنت أعتقد أن كل العالم ينتهي عند بابها وأنها آمن مكان على وجه الأرض، فهناك أطلق لنفسي وأفكاري العنان، وأحتفظ بكل ما أملك، وأضع الخطط والبرامج والسياسات لإدارة تفاصيل حياتي وعملي وحياة زوجي وأبنائي، هناك اعتدت أن أكتب وربما لهذا شعرت بالغيظ لأن المكان الوحيد الذي لم تعبث به كان مكتبي المتواضع وكأنك لا تعلم أن ثروتي كلها تكمن في هذه الوريقات المبعثرة التي لم تستوقفك ولم تسترع انتباهك، وأخشى أن يكون هذا التقييم العام لمشاعرنا التي نسكبها على الورق لنقدمها للناس بصدق ومحبة بعد مخاض عسير. { ولا يفوتني أن أحيطك علماً بأن بعض ما طالته يدك لم يكن ملكي، وأنك أدخلتني في حرج بليغ مع أُناس أعزاء وقفوا إلى جانبي بعتادهم لأقف الآن موقف العاجز عن إخبارهم بما اقترفته يدك الآثمة، فهل توقفت للحظة وسألت نفسك عن مقدار الذكريات الحميمة والصور المهمة التي تختزنها ذاكرة الكاميرا الديجتال التي طالتها يدك؟ وماذا سيكون مصيرها يا تُرى قبل أن تبيعها بأبخس الأثمان؟! وماذا عن كل الأرقام المهمة والرسائل الجميلة العزيزة التي يحفظها جوالي الصغير الذي أفتقده بشدة الآن لكونه كان يلازمني أكثر من أي شيء آخر وكم شهد معي من وقائع وزف لي من أخبار وأخرجني من مآزق؟. تُرى هل تعتني به مثلما كنت أفعل أم أنك ألقيت به لأول من صادفك وأنت لا تعلم قيمته المعنوية الحقيقية؟ { إن المال يذهب ويجيء، ولن يصيبك من خيره نصيب لأنه كان رزقاً حلالاً حملته لأبنائي الصغار وهم أحوج ما يكونون إليه، ولكني لن أغفر لك جرأتك في اقتحام خلوتي وأنا غارقة في نومي لا حول لي ولا قوة، ولن أغفر لك ترويعك لي وبلبلتك لأفكاري وكل هذه الفوضى التي أحدثتها لداري والرعب الذي زرعته فيها. { أكتب لك خطابي هذا من فرط حنقي وسخطي عليك، وأعلم أنك لن تقرأه لأن مثلك لا يجيد التفاعل مع أفكار وأحاسيس الآخرين، وأعلم أن قرائي الأعزاء المساكين لا ناقة لهم ولا جمل في تجربتي المريرة معك التي أكبدهم اليوم مشقة مطالعتها، ولكنني لم أستطع أن أفصل مصيبتي الشخصية وهمومي الخاصة عن أطروحات قلمي وقد ناء كاهلي بأحزاني التي خلفتها لي وليس لي إلا أن أشركهم فيها لأتحلل منها. { فيا أيها (الحرامي) الحقير، لا تحية ولا احتراماً، ولن تشفع لك كل مبررات الدنيا وأنت تجني ثمار تعبنا وعرقنا وتغتال الوداعة والبراءة والاطمئنان في بيوتنا وصغارنا، وتسرق منا أشياءنا المفضلة والقيّمة التي اجتهدنا في الحصول عليها دون وجه حق، وأعلم أن الله لك بالمرصاد وأنني سأقف نداً لك يوم الموقف العظيم لأراك تدفع ثمن دموعي وقهري ولوعتي، ولن يشفع لك الموقف «النبيل» الذي فعلته مع زوجي الذي جعلنا نضحك ملء أشدقنا من بين ركام الدموع وأنت تترك له «شريحة» هاتفه الجوال في بادرة تبدو لطيفة منك، أرجو أن يحذو حذوك فيها كل (الحرامية الشرفاء) فيتركون لنا مشكورين بعد كل سرقة شرائحنا وأوراقنا الثبوتية والمهمة ليؤكدوا لنا حسن نواياهم الطيبة عساها تخفف وبال دعواتنا ولعناتنا عليهم، ألا تباً لكم معشر الحرامية في أي صورة كنتم. { تلويح: عزيزي الحرامي (حركتك جبانة).