كم تغير الزمن، الناس، الدول وخريطة العالم وكم تغيرت العادات ومستوى المعيشة هنا في السودان وفي العالم من حولنا ومن ذلك مثلاً أنه حتى وقت قريب كانت الولاياتالمتحدةالأمريكية ترفض الاعتراف بالصين الشعبية التي هي أكبر دول العالم من حيث عدد السكان. وكانت بدلاً منها تعترف بصين أخرى وهي جزيرة صغيرة سكانها صينيون وحملت كثيراً من الأسماء مثل الصين الوطنية وفورموزا وأخيراً تايوان. والصين الشعبية دولة شيوعية منذ وصول الشيوعيين بقيادة ماوتسي تونج إلى الحكم عام 1949م ثم تحررت في الخمسينيات من هيمنة الاتحاد السوفيتي وانشقت عن المعسكر الشيوعي العالمي، ليصبح معسكرين يقود الأول الاتحاد السوفيتي والثاني الصين الشعبية. ومنذ البداية كانت الشيوعية الصينية مختلفة عن الشيوعية السوفيتية التي طبقها لينين وستالين وخروتشوف وبريجنيف وتشرنينكو وأندروبوف وعن تلك التي صاغها ماركس وأنجلز في القرن التاسع عشر، فبدلاً من البروليتاريا وديكتاتوريتها ركزت الشيوعية الصينية على الفلاحين، فالصين بلد زراعي وليس صناعياً، وكان ذلك في الخمسينيات ولكن في ما بعد شرعت الصين في الأخذ بأسباب الصناعة والتكنولوجيا وفجرت قنبلتها النووية وأصبح اقتصادها من أكبر الاقتصادات في العالم. وفي السبعينيات أُضطرت الولاياتالمتحدةالأمريكية للانصياع للأمر الواقع، الذي هو الحقيقة فاعترفت بالصين الشعبية وطُردت تايوان من المقعد الدائم بمجلس الأمن وشغلته الصين. وخلال الزيارة الرسمية التي قام بها أمس للولايات المتحدةالأمريكية الرئيس الصيني هو جنتاو خيّم سجل الصين المنخفض في حقوق الانسان على الزيارة فقد أشار الرئيس الأمريكي الى هذه النقطة مرتين خلال الاحتفال الذي أُقيم على شرف الرئيس الصيني بالبيت الأبيض وخلال المؤتمر الصحفي المشترك. وتقول جريدة (ذي جارديان اللندنية) في عددها الصادر الخميس الموافق 20 يناير «إن حديث أوباما عن حقوق الإنسان في الصين كان مدخلاً جافاً غليظاً في نهاية عام من العلاقة السيئة بين البلدين التي سببتها كوريا الشمالية وإيران فقد اختلفت سياسة البلدين أمريكا والصين حول هاتين المسألتين. ودعا أوباما نظيره الصيني للتفاوض مع الدلاي لاما حول التبت. وفي المؤتمر الصحفي المشترك رفض الرئيس هو أن يجيب على سؤال حول حقوق الانسان! ثم سئل لماذا لم تجب قال هو: يُلام المترجم، ثم قال: إن الصين ملتزمة بحماية حقوق الإنسان وقد حققت تقدماً في هذا المجال أعُترف به في العالم وقال إن الصين مستعدة للدخول في حوار مع الولاياتالمتحدةالأمريكية مبنيٍّ على الاحترام المتبادل وعدم التدخل في السياسة الداخلية». وبعد.. من كان يتصور بالرجوع إلى الستينيات وأول السبعينيات أن يأتي زمن يكون فيه رئيس الصين الشعبية ضيفاً على الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض؟