{ الانتفاضة الشعبيَّة العارمة التي استمرَّت (17) يوماً في مصر، نجحت في إنهاء حكم الرئيس «حسني مبارك»، ونسفت محاولة توريث ابنه «جمال»، ولكنَّها - في رأيي - انتفاضة بلا (رأس)، بلا (عقل)..!! كيف؟! { من هم قادة الانتفاضة الشعبيَّة..؟ لا تُوجد قيادة..!! إذن من هم قادة المعارضة.. دعك من الشباب المحتشدين في (ميدان التحرير) بوسط القاهرة؟! الإجابة: لا يوجد اتِّفاق على (زعيم معارضة) الآن، فمثلاً لا يوجد إجماع على «محمد البرادعي»، فالبعض يتَّهمه، ومنهم الفنانة «إلهام شاهين»، بأنَّه (عميل أمريكي ساعد على احتلال العراق عبر الوكالة الدوليَّة للطاقة الذريَّة).. هذا ما قالته الفنَّانة «إلهام شاهين» عبر شاشة إحدى الفضائيَّات المصريَّة، ولم أقله أنا.. وإن كنت أتَّفق معها في ذلك. { ولا يتوفَّر إجماع شعبي على المرشَّح الأسبق للرئاسة «أيمن نور»، والبعض أيضاً يتَّهمه بأنَّه (عميل أمريكي)، وللحقيقة والتاريخ فقد اهتمَّت أمريكا بالسيِّد «نور» وشدَّدت على ضرورة إطلاق سراحه عند حبسه لأوَّل مرة قبل سنوات قليلة، بل إنَّ وزيرة الخارجيَّة الأمريكيَّة السابقة زارت «أيمن نور» في مكتبه بالقاهرة وعقدت اجتماعاً مع قيادات حزبه.. الشيء الذي أغضب الحكومة المصريَّة حينذاك..!! { وبالضرورة، لا يمكن أن يتوفَّر إجماعٌ - مطلقاً - لمرشد الإخوان المسلمين في مصر، ولا لأيٍّ من قياداتهم، فالشارع المصري مازال متأثِّراً بالدعاية السوداء ضد (الإخوان) لسنوات طويلة، ولم يتعافَ بعد من آثار (الإسلامفوبيا)، ولهذا فإنَّ (الإخوان) - أنفسهم - استبقوا الأحداث، وحاولوا طمأنة الشارع المصري بأنَّهم لن يقدِّموا مرشَّحاً لرئاسة الجمهوريَّة..! { أقصى ما يمكن أن يحقِّقه (الإخوان) أن يدخلوا مجلس الشعب المنتخب بأعداد أكبر، لكنَّها لن تكفي لتحقيق (الأغلبيَّة) في المجلس النيابي. { إذن ثورة الشباب في مصر، بلا قائد، بلا مفكِّر، حتَّى وإن ذهب «حسني مبارك».. { ولذا فإنَّها ليست ثورة (إسلاميين)، ولا هي ثورة (يسار اشتراكي) ولا هي ثورة (قوميين عرب) تعيد «مصر» إلى دورها الطليعي في محور المواجهة مع إسرائيل، كلا، إنَّها ثورة (غير مؤدلجة)، وقد تكون ميزة، ولكنَّها بالتأكيد، وبهذا النهج، لن تحقِّق تغييراً (جذريَّاً) في وجهة السياسة المصريَّة. { الأسوأ أن كل (خلفاء) «مبارك»، سواء من داخل الحكم، قادة المؤسَّسة العسكريَّة (المشير طنطاوي أو الفريق سامي عنان)، أو نائب الرئيس اللواء «عمر سليمان».. أو في المعارضة (البرادعي، أيمن نور)، كلُّهم داخل (الحظيرة الأمريكيَّة)!! { يرحل «مبارك»، ليحكم «طنطاوي»، «عمر سليمان» أو «سامي عنان» أو «البرادعي» أو «أيمن نور»؟! لا فرق.. { إنَّها ثورة لتغيير الأشخاص.. وتبديل الأسماء.. ليحكم في النهاية ذات التيار.. ذات (النخبة المتأمركة) مثلما حدث في (تونس الغنوشي)!! وابشري بطول سلامةٍ يا إسرائيل..!!