{ عن الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك قال الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز: «إنه حافظ على حياة الناس عرباً وإسرائيليين بعدم التجائه إلى الحرب»، وقال إن إسهامه في تحقيق واستمرار السلام في الشرق الأوسط لا يمكن أن يُنسى. { وخلال العقود الثلاثة التي أمضاها مبارك رئيساً لمصر فإنه ظل ملتزماً بمعاهدة السلام التي وقعها سلفه الرئيس الراحل السادات ثم أنه توسط كثيراً بين إسرائيل والفلسطينيين. { وأبدى الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريز مخاوفه من أن تؤدي الإطاحة بحسني مبارك إلى استيلاء الإخوان المسلمين على السلطة في مصر، ووصفهم بأنهم «الأفضل تنظيماً وفي نفس الوقت فإنهم لن يحققوا السلام مع إسرائيل ولن يحافظوا عليه». { ويسأل المرء: أي سلام هذا الذي يتحدث عنه الرئيس الإسرائيلي بيريز؟ وإذا كان صحيحاً أن الحرب توقفت بين مصر وإسرائيل بعد أن وقعتا على معاهدة السلام في 26 مارس 1979م تحت رعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، فإنها اندلعت في جبهات أخرى داخل الشرق الأوسط بعد تلك المعاهدة. { فبعد عام من التوقيع على تلك المعاهدة، أي في عام 1980م، اندلعت حرب ضروس بين بلدين مهمين غنيين قويين، هما العراق وإيران، واستمرت ثمانية أعوام وكانت خسارة كبيرة على الشعبين، وفي عام 1982م قامت إسرائيل بغزو لبنان ودخل جيشها العاصمة بيروت. { وفي عام 1990م غزا العراق بقيادة الرئيس صدام حسين دولة الكويت. وفي العام التالي أجبره الحلفاء بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية على الانسحاب منها بحرب خاطفة اشتركت فيها بعض الدول العربية وحملت - أي الحرب - اسم عاصمة الصحراء. { وفي عام 2003م كانت الحرب على العراق التي تزعمتها أيضاً الولاياتالمتحدةالأمريكية ونجم عنها احتلال العراق ومازال هذا الاحتلال قائماً. { وفي عام 1994م نشبت الحرب بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي. وشهد الجزائر مطلع تسعينات القرن الماضي ما يشبه الحرب الأهلية بين الإسلاميين والجيش وفي تلك الفترة أيضاً وفي معظم الثمانينات وحتى عام 2005م كانت الحرب دائرة في السودان بين الحكومات المتعاقبة والجيش الشعبي. { وكانت هناك الحرب على غزة التي شنتها إسرائيل والحرب الأخرى التي كان طرفاها الجيش الإسرائيلي ومقاتلي حزب الله وكان هناك الصراع المسلح بين حركة فتح وحركة المقاومة الإسلامية حماس. { لقد حدث ذلك كله بعد معاهدة السلام. وإذن ليس صحيحاً ما قاله الرئيس الإسرائيلي من أنه كان هناك سلام في الشرق بعد المعاهدة. { وواضح أن إسرائيل فقدت برحيل الرئيس المصري مبارك حليفاً قد لا يتكرر وأنه فعلاً حافظ على السلام على الجبهة المصرية الإسرائيلية ولكن خارجها كانت الحرب تدور في كثير من بقاع الشرق الأوسط.