وصلت بريدنا رسالة من المواطن «الفاتح إبراهيم الفكي» وهو يُعلِّق على الموازنة البديلة التي استعرضتها «الأهرام اليوم»، العدد (430) بتاريخ 2مارس 2011م. ونحن بدورنا نُفرد مساحتنا لهذا الرأي وبالطبع لنا تعليق!! إذن.. ماذا قالت الرسالة؟.. لا شك أن استمرارية الاصلاح والهيكلة تُكسبه مناعة ضد الهزات والتصدُّعات والتقلُّبات التي تنشأ لعوامل منظورة وأخرى غير منظورة. التوازن الذي تحقَّق خلال الفترة السابقة بمعدلات نمو إيجابية قد أدخل الإطمئنان لدى السلطة المختصة وجعل الإنفاق العام بمعدلات مخيفة لم يكن نصيب القطاعات الإنتاجية بالقدر المطلوب، خاصة الإنتاج الزراعي الذي قلَّت مساهمته في التاج الإجمالي المحلي. جاءت الأزمة الاقتصادية العالمية وتراجعت بسبب ذلك أسعار البترول وانعكس ذلك سلبياً على الموازنة العامة لاعتمادها على هذا المصدر بنسبة 70%. الانفصال أصبح واقعاً وله عواقب على الوضع الاقتصادي في المدى القصير من واقع انحسار العائد السريع للعُملات الحُرة، الأمر الذي جعل الحكومة تتبنى اصلاحات وهيكلة جديدة من واقع العمل بموازنة بديلة «الأهرام اليوم» العدد 430 بتاريخ 2مارس 2011م، حدَّد سماتها وملامحها السيد وزير المالية وهي سمات وملامح لا تخرج عن المألوف من ضغط للإنفاق وخفضه مع تقليص هياكل الدولة مع إنفاذ خطة الدعم الاجتماعي للفئات الضعيفة والدفع بقطاع الصادر لبناء احتياطي من العملات الأجنبية..الخ. كل هذا موجَّه نحو إعادة التوازن المفقود ونجاح هذه الحزم لا يكفي أن تقوم به الحكومة وآلياتها، فهناك المستفيد الأول والأخير وهو المواطن الذي نجزم أنه يفتقد تماماً ما يُعرف بثقافة الوعي الاقتصادي. فالمصلحة الخاصة لديه مقدمة على العامة، والممارسات الخاطئة لهذه الثقافة كلَّفت الدولة الكثير، حيث ما زال الاحتكار وتخزين السلع قائماً، والتعامل بالعملات الحُرة وحتى المحلية بغرض الإدِّخار يتم خارج القنوات الرسمية، وهناك الاستيراد غير المرشَّد وآثاره السالبة على الصناعة المحلية وعلى احتياطي البلاد من العُملات الحُرة، وهناك التهرُّب من الضرائب وضعف الرقابة. والمواطن يحتاج لهذه الثقافة المهمة من خلال برامج توعوية مكثّفة والدليل على ذلك إن الإستراتيجية ربع القرنية لا يعرف المواطن عنها شيئاً للبُعد الإعلامي وسلبياته في تناول هذه الإستراتيجية، إلا داخل القنوات الرسمية للدولة. المحافظة على المكتسبات أيّاً كانت تتحقق بالوعي والإدراك والمعرفة وارتفاع الحس الوطني. وليعلم الجميع أن الغني في دولة فقيرة فهو فقير ونأمل ألا يُطلق علينا مواطنون أغنياء ودولة فقيرة من خلال فقدان ثقافة الوعي الاقتصادي السائدة لدينا الآن. والله سبحانه وتعالى يقول في محكم تنزيله «لا يُغيِّر اللَّهُ مَا بِقومٍ حتَّى يُغيِّروا ما بِأنفُسِهم» صدق الله العظيم. الفاتح إبراهيم الفكي { من المحرر: نعم نؤكد أن ما جاء من حديث حول الاحتكار وتخزين السلع خاصة الإستراتيجية منها (أضرَّ) بها وأدى إلى ارتفاع أسعارها، إلا أنني أختلف مع الأخ «الفاتح إبراهيم الفكي» في الجزئية التي تُشير إلى أن المواطن السوداني يفتقر تماماً لما يُعرف بثقافة الوعي الاقتصادي، فالآن نستطيع أن نؤكد أن المواطن السوداني يعي تماماً كل ما يتعلّق بالأمور الاقتصادية ويعرف كذلك مدى الآثار السالبة التي تترتَّب على الاحتكار والتخزين، ولكنه ظل صابراً من أجل المصلحة العامة وفي انتظار (بكرة أحلى)! وقد يكون هنالك كما ذكرت من يسعى للمصلحة الشخصية، فهؤلاء هم الذين يمارسون التخزين والاحتكار ليقدموا سلعة تم شراؤها بأسعار «زهيدة» لتُباع بأسعار (فوق) بعد أن تم تخزينها وإخراجها وقت الحاجة و(الندرة) فهؤلاء لا يمكن أن نصفهم بعدم الوطنية ولكننا نقول إنهم أصحاب مصالح شخصية ويسعون للربح السريع والوصول إلى «القمة» عن طريق المواطن (الغلبان) الذي يضطر للشراء بأي سعر حتى وإن كان فوق طاقته. ونسأل الله أن يعيننا على الصواب.