لجان مقاومة النهود : مليشيا الدعم السريع استباحت المدينة وارتكبت جرائم قتل بدم بارد بحق مواطنين    كم تبلغ ثروة لامين جمال؟    شاهد بالصورة والفيديو.. حسناء الشاشة نورهان نجيب تحتفل بزفافها على أنغام الفنان عثمان بشة وتدخل في وصلة رقص مؤثرة مع والدها    حين يُجيد العازف التطبيل... ينكسر اللحن    شاهد بالفيديو.. في مشهد نال إعجاب الجمهور والمتابعون.. شباب سعوديون يقفون لحظة رفع العلم السوداني بإحدى الفعاليات    أبوعركي البخيت الفَنان الذي يَحتفظ بشبابه في (حنجرته)    جامعة ابن سينا تصدم الطلاب.. جامعات السوق الأسود والسمسرة    من رئاسة المحلية.. الناطق الرسمي باسم قوات الدعم السريع يعلن تحرير النهود (فيديو)    شاهد بالصور والفيديو.. بوصلة رقص مثيرة.. الفنانة هدى عربي تشعل حفل غنائي بالدوحة    تتسلل إلى الكبد.. "الملاريا الحبشية" ترعب السودانيين    بحضور عقار.. رئيس مجلس السيادة يعتمد نتيجة امتحانات الشهادة السودانية للدفعة المؤجلة للعام 2023م    إعلان نتيجة الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة 2023 بنسبة نجاح عامة 69%    والد لامين يامال: لم تشاهدوا 10% من قدراته    احتجز معتقلين في حاويات.. تقرير أممي يدين "انتهاكات مروعة" للجيش السوداني    هجوم المليشيا علي النهود هدفه نهب وسرقة خيرات هذه المنطقة الغنية    عبد العاطي يؤكد على دعم مصر الكامل لأمن واستقرار ووحدة السودان وسلامة أراضيه    منتخب الشباب يختتم تحضيراته وبعثته تغادر فجرا الى عسلاية    اشراقة بطلاً لكاس السوبر بالقضارف    المريخ يواصل تحضيراته للقاء انتر نواكشوط    الحسم يتأجل.. 6 أهداف ترسم قمة مجنونة بين برشلونة وإنتر    استئناف العمل بمحطة مياه سوبا وتحسين إمدادات المياه في الخرطوم    هيئة مياه الخرطوم تعلن عن خطوة مهمة    هل أصبح أنشيلوتي قريباً من الهلال السعودي؟    جديد الإيجارات في مصر.. خبراء يكشفون مصير المستأجرين    باكستان تعلن إسقاط مسيَّرة هنديَّة خلال ليلة خامسة من المناوشات    ترامب: بوتين تخلى عن حلمه ويريد السلام    إيقاف مدافع ريال مدريد روديغر 6 مباريات    تجدد شكاوى المواطنين من سحب مبالغ مالية من تطبيق (بنكك)    ما حكم الدعاء بعد القراءة وقبل الركوع في الصلاة؟    عركي وفرفور وطه سليمان.. فنانون سودانيون أمام محكمة السوشيال ميديا    تعاون بين الجزيرة والفاو لإصلاح القطاع الزراعي وإعادة الإعمار    قُلْ: ليتني شمعةٌ في الظلامْ؟!    الكشف عن بشريات بشأن التيار الكهربائي للولاية للشمالية    ترامب: يجب السماح للسفن الأمريكية بالمرور مجاناً عبر قناتي السويس وبنما    كهرباء السودان توضح بشأن قطوعات التيار في ولايتين    تبادل جديد لإطلاق النار بين الهند وباكستان    علي طريقة محمد رمضان طه سليمان يثير الجدل في اغنيته الجديده "سوداني كياني"    دراسة: البروتين النباتي سر الحياة الطويلة    خبير الزلازل الهولندي يعلّق على زلزال تركيا    في حضرة الجراح: إستعادة التوازن الممكن    التحقيقات تكشف تفاصيل صادمة في قضية الإعلامية سارة خليفة    الجيش يشن غارات جوية على «بارا» وسقوط عشرات الضحايا    وزير المالية يرأس وفد السودان المشارك في إجتماعات الربيع بواشنطن    حملة لمكافحة الجريمة وإزالة الظواهر السالبة في مدينة بورتسودان    ارتفاع التضخم في السودان    شندي تحتاج لعمل كبير… بطلوا ثرثرة فوق النيل!!!!!    انتشار مرض "الغدة الدرقية" في دارفور يثير المخاوف    مستشفى الكدرو بالخرطوم بحري يستعد لاستقبال المرضى قريبًا    "مثلث الموت".. عادة يومية بريئة قد تنتهي بك في المستشفى    وفاة اللاعب أرون بوبيندزا في حادثة مأساوية    5 وفيات و19 مصابا في حريق "برج النهدة" بالشارقة    عضو وفد الحكومة السودانية يكشف ل "المحقق" ما دار في الكواليس: بيان محكمة العدل الدولية لم يصدر    ضبط عربة بوكس مستوبيشي بالحاج يوسف وعدد 3 مركبات ZY مسروقة وتوقف متهمين    الدفاع المدني ولاية الجزيرة يسيطر علي حريق باحدي المخازن الملحقة بنادي الاتحاد والمباني المجاورة    حسين خوجلي يكتب: نتنياهو وترامب يفعلان هذا اتعرفون لماذا؟    من حكمته تعالي أن جعل اختلاف ألسنتهم وألوانهم آيةً من آياته الباهرة    بعد سؤال الفنان حمزة العليلي .. الإفتاء: المسافر من السعودية إلى مصر غدا لا يجب عليه الصيام    بيان مجمع الفقه الإسلامي حول القدر الواجب إخراجه في زكاة الفطر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من «نيالا» إلى «رهيد البردي».. رحلة يوميْن بدون (استراحة)

استقبالٌ هادرٌ لنائب الرئيس في دارفور .. و«كاشا» يحظر ترديد هذا الهتاف!
«شيخ علي» يدخل في (جذبة صوفيَّة) بإستاد «نيالا» والتبرعات تنهال بمئات الملايين
(5) آلاف جواد استقبلت «علي عثمان» في رهيد البردي و«المؤتمر الشعبي» خارج المشهد!
{ في الوقت الذي كان فيه قادة (المؤتمر الشعبي) يطالبون من «الخرطوم» أمس «الاثنين» بتدخل (دولي) في السودان، على شاكلة ما يحدث في ليبيا هذه الأيام، لأنَّ الأوضاع في (دارفور) أسوأ منها في ليبيا، على حد زعم «عبد الله حسن أحمد» و«بارود صندل»، كان نائب رئيس الجمهوريَّة الأستاذ علي عثمان محمد طه يجوب أصقاع وبوادي ومدن وقرى ولاية جنوب دارفور، يهبط من «هيلكوبتر» ليصعد سيارة، وينزل منها ليطير بالهيلكوبتر إلى مكان آخر، من «نيالا»، إلى «كاس»، إلى «رهيد البردي».. مئات الكيلومترات طول المسافات.. ويومان مرهقان عسيران إلاَّ على أصحاب الهمم العالية والصبر الجميل..!!
{ في تمام الساعة السادسة والنصف صباح «أمس» الأول «الأحد»، بدأ أعضاء وفد نائب الرئيس المتوجِّه إلى جنوب دارفور، يصلون إلى الصالة الرئاسيَّة الكبرى بمطار «الخرطوم»: وزير الماليَّة الاتحادي الأستاذ «علي محمود عبد الرسول»، وهو الوالي السابق لجنوب دارفور، المهندس أسامة عبد الله محمد الحسن وزير الكهرباء والسدود، الدكتور «عيسى بشرى» وزير العلوم والتقانة، بروفيسور «الأمين دفع الله» الأمين العام للمجلس الأعلى للحكم اللامركزي، د. «محمد المختار حسن» وزير الدولة برئاسة مجلس الوزراء، المهندس «حامد محمود الوكيل» وزير الدولة للطرق والجسور، الشيخ المهندس «الصافي جعفر» الأمين العام للمجلس القومي للذكر والذاكرين، المهندس «محمد الحسن عمار» المدير العام للهيئة القوميَّة للمياه. وضمَّ الوفد الإعلامي الأستاذين «أحمد البلال الطيب» رئيس تحرير «أخبار اليوم» و«مصطفى أبو العزائم» رئيس تحرير «آخر لحظة»، وشخصي رئيس تحرير «الأهرام اليوم»، وياسر مساعد من التلفزيون، وعبد العزيز أحمد من «سونا».
{ حوالي الساعة السابعة والربع أقلعت الطائرة الرئاسيَّة باتجاه «نيالا»، لتصل حوالي التاسعة صباحاً.
{ والي الولاية الدكتور «عبد الحميد موسى كاشا» كان على رأس المستقبلين، ثم طابور طويل من القيادات الشعبيَّة، الشبابيَّة والنسويَّة، فضلاً عن التنفيذيين، والعسكريين من قيادات القوات النظاميَّة (جيش، شرطة، وأمن).
{ أقل من «نصف ساعة» أمضاها نائب الرئيس في مطار «نيالا»، توجَّه بعدها الوفد إلى طائرتين «مروحيتيْن» قاصدتين مدينة «كاس»، واحدة تابعة للقوات المسلحة، استقلها الأستاذ «علي عثمان» والوزراء الاتحاديُّون، والثانية حملت الوفد الإعلامي بصحبة نائب الوالي وزير الثقافة والإعلام بالولاية الأستاذ «عبد الكريم موسى»، وهو شاب نشط وطموح من أبناء قبيلة «الفور»، غير أن كفاءته هي التي دفعت به إلى هذا الموقع.
{ عبد الكريم قال لي في حديث جانبي: (أنا أعزّ من «عبد الواحد» في قبيلة الفور، وأكثر منه تعليماً واطلاعاً، فلماذا نتركه يخدع أهلنا ويستغلهم، بينما هو مستريح في «باريس»؟!).
{ «كاس» هي أقرب مدن الولاية إلى «جبل مرة»، معقل المتمردين السابق، وهي في سفحه تقريباً، لكنَّ مشهد الآلاف من أبناء القبيلة الأكبر في الإقليم «الفور» الذين تدافعوا مع القبائل الأخرى لاستقبال (النائب) عند مدخل «كاس»، أدهش الجميع، الدهشة كانت أكبر عند وزير الماليَّة ابن الولاية «علي محمود عبد الرسول» الذي قال لي: (أنا كنت والياً بهذه الولاية، ولكن خروج أهلنا الفور، وعودة رقصة «الغرنقبية» بمشاركة العرب (الأبَّالة) لم يحدث في «كاس» طيلة السنوات الماضية، وهذا يؤكِّد - والحديث ل «علي محمود» - أنَّ السلام يعود الآن إلى دارفور، وأنَّ هناك متغيِّرات كبرى حدثت مؤخراً)!!
{ اللافتات كانت ترحب ب (بطل السلام ورجل التنمية علي عثمان)، وأخرى تعبِّر عن الإدارات الأهليَّة بالمنطقة مثل: (إدارة الزغاوة بدوقو وكاس ترحِّب بالسيد نائب الرئيس)، غير أنَّ ما استرعى انتباهي لافتات (الحكَّامات)، وهذه جديدة في مشهد الاستقبالات، خاصة وأنَّني زرت دارفور شمالاً وجنوباً كثيراً، فلم تصادفني لافتات كتلك التي رأيتها في «كاس»، إحداها تقول: (الحكَّامة حواء كرامة أحمد ترحب برجل السلام والتنمية)، وثانية تقول: (الحكَّامة فاطمة محمد هاشم بمنطقة دار السلام ترحب بقدوم بطل السلام علي عثمان محمد طه)!!
{ ومعلوم أن (الحكَّامة) تعتبر مؤسسة شعبيَّة راسخة في دارفور، تؤكد دور المرأة السودانيَّة والدارفوريَّة على وجه الخصوص، الضارب في أعماق التاريخ، في التعبئة للحرب والجهاد، والتبشير والغناء للسلام، والأخير ما تفعله معظم (الحكامات) الآن.
{ خاطبهم المعتمد والوالي، ونائب الرئيس، الذي وعدهم بتنفيذ مطالبهم الخدميَّة والتنمويَّة، وقال لهم: (عشان الكلام ما يبقى شيكات طايرة، نحنا جبنا معانا وزير الماليَّة، عشان الشيك البنمضاهو ينصرف طوالي).
{ خُطَب «علي عثمان» في «كاس» و«نيالا» و«رهيد البردي»، تركَّزت بصورة أساسيَّة على عنصرين، الالتزام بتنفيذ المشروعات في ما يتعلق بالطرق، الكهرباء، المياه، الصحة والتعليم، والعنصر الثاني كان موجَّهاً لتأكيد تمسُّك الدولة بالشريعة الإسلاميَّة، وأنَّها (خط أحمر)، وعهد مع الله لا رجعة عنه.
{ ويبدو أنَّ الطَّرْق (المكثف) لنائب الرئيس على الالتزام بالشريعة الإسلاميَّة، كان بمثابة (معالجة) حاسمة وعاجلة لتداعيات وآثار الحديث (المفخَّخ) الذي أدلى به الأمين العام لمستشاريَّة الأمن اللواء «حسب الله عمر» في برنامج (مؤتمر إذاعي) بالإذاعة السودانيَّة.. اللواء «حسب الله» الذي وقع في خطأ جسيم وبالغ كلَّف الدولة والحزب كثيراً بعد أن (لاكته) الصحف والوكالات والمواقع الدولية..
قال: (إن الحوار مع القوى السياسيَّة ليست له ثوابت وسقوفات، وإذا اجتمعت القوى السياسيَّة وأجمع الشعب السوداني على إلغاء الشريعة، فلتذهب)!!!
{ نائب الرئيس قال: (الشريعة التزام ودم شهداء وجهاد أبنائنا وكرامة وطننا).
{ وهكذا مسح «شيخ علي» كلمات أمين المستشاريَّة ب (إستيكة) رئاسيَّة تستند إلى ثقل (الحركة الإسلاميَّة السودانيَّة) وإرثها ومشروعها القديم المتجدِّد.
{ في إستاد «نيالا»، ألجمت الدهشة الوفد القادم من «الخرطوم»، إذ رسم المئات من التلاميذ، بنين وبنات، (لوحات) فنيَّة رائعة بملابس تكسوها ألوان زاهية، بتشكيلات رياضيَّة، وبمصاحبة الموسيقى، وأناشيد وأغنيات وطنيَّة، (لوحات) على المدرجات، وفي وسط الميدان على النجيل، والجماهير الغفيرة تتزاحم داخل وخارج الإستاد، لدرجة أن بعض الشباب تسلَّقوا أبراج الكهرباء العالية، ليتابعوا فقرات (مهرجان التعايش السلمي)!
{ فوجئتُ - كغيري - بالمشهد الذي لم أره قريباً في «الخرطوم»، الأستاذ «أحمد البلال» مضى في ذات الاتِّجاه، وعلَّق قائلاً، ونحن جلوس بالمنصة الرئيسيَّة: (ده عمل كبير)!! الأستاذ «مصطفى أبو العزائم» اقترح عليَّ أن أناشد الوالي «كاشا» (تحفيز) المعلِّمين والمدرِّبين الذين أشرفوا على تدريب أولئك التلاميذ والزهرات اليانعات، على إجادة الأداء بذاك المستوى الرفيع، الذي لا يشبه ولايةً تعاني من ويلات الحرب، ويتَّهم العالم (الغربي) حكَّام دولتها بإبادة شعبها واغتصاب نسائها!!
كتبت مذكرة صغيرة إلى السيد «الوالي»، وسلمته (اقتراح) رؤساء التحرير أثناء العرض، وبعد نهاية الاحتفال، يبدو أن السادة الوزراء الاتحاديين وصلوا إلى ذات النتيجة من تلقاء أنفسهم، فإذا بالسيد «محمد مختار» يعلن تبرَّعه «بمئة مليون» للمهرجان، وتبعه «أسامة عبد الله» بمئة ثانية، وكذلك «علي محمود»، ثم تبرَّع نائب الرئيس بمئتي مليون جنيه للمهرجان والمعلمين.
{ المشهد العجيب والبديع، أدخل حالة غامرة من الفرح، والتفاؤل في نفوس الحاضرين.. فانطلق وزير المالية - ابن الولاية - يخاطب الجموع الهادرة في «الإستاد» ويبشرها بخير السودان القادم بصوت قوي: (أقول لكم.. وأنا من داخل وزارة المالية.. إن السودان بخير.. والبترول الموجود في الشمال أكثر من الموجود في الجنوب)، ثم أضاف: (شوفوا بعد ثلاثة سنين السودان ح يصبح كيف)!! وأشار وزير الماليَّة إلى اكتشاف كميَّات هائلة من الذهب بولايات الشمال، لكنَّه فاجأ الجماهير قائلاً: (الذهب أصبح معدناً ثانويَّاً.. لأننا اكتشفنا كميَّات كبيرة من النحاس)!!
{ «علي محمود» خرج عن المألوف عن وزراء المالية عندما قال: (الكلام بقولوا ليكم السيِّد نائب الرئيس.. قروشو قاعدة.. وشيكاتو في شنطتي)!!
{ أمَّا الوالي «عبد الحميد موسى كاشا»، فقد (خرج على النص)، بجسارته المعلومة وفروسيَّته المتجاوزة، وقفشاته المحبَّبة، «كاشا» رحَّب بالنائب مستعيراً بعضاً مما تسرَّب إلينا عبر الفضائيَّات من مفردات وتداعيات الثورة «الليبيَّة»، فقال: (سيِّدي نائب الرئيس، خرجت لك كل هذه الجماهير من كل حي، من كل بيت، من كل «زنقة»)!! فضجَّ الإستاد بالضحك..
{ (لوحات) أطفال «نيالا» المعبِّرة كانت تصاحبها وصلات غنائيَّة قصيرة ومتلاحقة دون توقُّف، غنت فيها الفرقة (صه يا كنار) و(طبل العز ضرب يا السرَّة قومي خلاص).. و(بلادي يا سنا الفجر)، و(بينا نخُت إيدينا الخضرا.. فوقك يا أرض الطيبين).. بينما كان علم السودان يتمدَّد على طول المدرج المقابل للمقصورة الرئيسيَّة!! الرسالة (الوطنيَّة) وتعميق روح الولاء للتراب (الواحد) كانت مرسومة في كل مكان من إستاد «نيالا البحير».
{ وبدا لي أن (شيخ علي) في ظل هذه (التجاذبات)، دخل في (جذبة صوفيَّة) عميقة أثناء مخاطبته جماهير «نيالا» والقرى المجاورة.. «علي عثمان» بعد أن أوصاهم بجمع الصف وتوحيد الكلمة، تبرع بمدرستين (نموذجيتين) للبنين والبنات، ثم انطلق في (جذبته) وهو محبٌّ للسادة (الصوفيَّة) مردِّداً: (لا مجال لعصبيَّة دم.. كلُّنا من آدم.. وآدم من تراب.. كلُّنا مسلمون.. متحابُّون في الله.. متناصحون.. متناصرون.. هي لله.. لا لعصبيَّة.. هي لله لا لجاه.. هي لله لا لفتنة.. هي لله.. لا لمطمع.. هي لله وحده.. هي لله إخوة.. هي لله.. تكافل...).. ومضى يهتف ب: (هي لله...) لعدة دقائق دون أن يخطئ لسانه المُرتجل وصفاً أو تعبيراً.. وبنفس واحد.. ودون توقُّف.. والجماهير تردِّد وراءه.. حتَّى خشي عليه مدير مكتبه «إبراهيم الخواض» فقام من مقعده وأخذ موقعاً وراءه قرب المنصَّة!!
لكنَّ «طه» لم يتوقف!! وصوته يتهدَّج ولسانه يكرِّر اسم «الله» ذي الجلال والإكرام..
{ من (الإستاد)، توجَّهنا إلى دار الوالي لأداء صلاة المغرب، ومنه مباشرة إلى أمانة الحكومة، حيث التأم اجتماع النائب مع حكومة الولاية وفعالياتها لمناقشة خططها وبرامجها التنمويَّة، انتهى الاجتماع الساعة الثانية عشرة.. منتصف الليل!
{ من هناك، تحركنا باتجاه دعوة عشاء رابطة سكان «حي الوادي»، حيث أكرمونا كرم أهل دارفور المشهود.
{ بعد الواحدة صباحاً، تفرق الوفد، كلٌّ إلى مكان (مبيته)، وليس مقر (إقامته)، لأن إقامتنا - طوال يوميْن - كانت إمَّا على أقدامنا، أو على متْن المروحيَّات وصوتها الهادر الذي (يطرش)!! أو على ظهور السيَّارات التي تقطع الفيافي.
{ قُبيْل السادسة صباحاً، كان أعضاء الوفد جاهزين لأداء صلاة الفجر، وفي تمام الثامنة والنصف صباحاً كنَّا جميعاً على مائدة الإفطار مع نائب الرئيس بدار الوالي، بعد أن قضينا - رؤساء التحرير - الساعات الأولى من الصباح نياماً بمنزل وزير الزراعة دكتور «الدخيري».
{ عند التاسعة صباحاً، طارت بنا المروحيَّة باتِّجاه أحد مشروعات (حصاد المياه) التي تنفِّذها إدارة السدود التابعة للوزير أسامة عبد الله. مشروع حفير (رهد أبيض) يسع (215) ألف متر مكعب من المياه.
من تلك المنطقة (المقطوعة) عبرت قوات «منَّاوي» باتِّجاه جنوب بحر العرب إلى جنوب السودان!!
{ من (رهد أبيض)، حملتنا - الإعلاميين - «هيلكوبتر» القوات المسلحة برفقة قائد المنطقة العسكريَّة وقائد الشرطة وقوات الاحتياطي المركزي إلى محليَّة «رهيد البردي» (حوالي 45 دقيقة بالمروحيَّة من نيالا).
{ في «رهيد البردي» كان الاستقبال (الخرافي)، إذ اصطفَّ نحو (5) آلاف فارس على الجياد والإبل، في مشهد مهيب ألجم ألسنتنا، فجحظت عيوننا.
{ (البقَّارة) خرجوا عن بكرة أبيهم.. رجالهم ونساءهم.. لاستقبال نائب الرئيس.. اللافت أن جميع (الجِمال) و(الحصين) كانت مزينة، وفي كامل حلَّتها..!!
{ «رهيد البردي» هي مسقط رأس وزير المالية «علي محمود»، نائب الرئيس ضخَّ (دفعة معنويَّة) في قلب وزير المالية عندما وصفه - وسط أهله - ب (أمين المال) وقال: (ده ولدكم ونحن واثقين منو).
{ في احتفال «رهيد البردي» هتفت الجماهير للوالي «كاشا»، وعندما صعد الوالي قال لهم (بخفة دم): (سير سير يا بشير.. الهتاف ده ماركة مسجلة للرئيس.. ممنوع تاني تقولوا سير سير يا كاشا)!!
{ «علي عثمان» أيضاً أوفى الرئيس حقَّه (وزيادة) عندما دعا المواطنين إلى ترديد (سير سير يا بشير).. مرَّة.. وثانية.. وثالثة.. ثم قال لهم (ورابعة)، وختمها ب (السودان كلو.. سير سير يا بشير).
{ في «رهيد البردي» جدَّد نائب الرئيس التزام الدولة بالشريعة الإسلاميَّة، ودعا جميع القوى السياسية إلى الاصطفاف نحو الحوار الوطني وقال: (دعوة مخلصة نجدِّدها لكل إخواننا أن يُقبلوا على الحوار)، وقال: الشعوب من حولنا ثارت وانتفضت من أجل الكرامة والحريَّة، والكرامة في السودان عندها راية، والحريَّات بدأت من السودان.
{ من «رهيد البردي» هاتفتُ الزميل «طلال إسماعيل» بقسم الأخبار أسأله عن مظاهرة الفيس بوك ومناضلي «الكي بورد»، لعلمي بنزعته المعارضة وعضويَّته الدائمة بالفيس بوك، وكان الوقت حوالي الثانية عشرة ظهراً، فوجدته في الطريق إلى وسط الخرطوم قادماً من «الكلاكلة»، ولذا فإنه لم يكن يعلم شيئاً ولم يسمع بمظاهرة، فقلت له: (نائب الرئيس كان صاحي في دارفور الساعة الخامسة صباحاً، إنتو عاوزين تغيِّروا الحكومة وجايين «الخرطوم» الساعة «12»)!!
{ الشيخ «الصافي جعفر» كان فاكهة الرحلة، فقد طوَّف بنا في رحلة إيمانيَّة خلال حفل تخريج (223) طالباً من حفظة وحافظات القرآن الكريم بخلاوى الشيخ «موسى عبد الله» بنيالا.
{ تعرَّفنا خلال هذه الرحلة إلى الطبيب الإنسان اختصاصي القلب اللواء شرطة دكتور «حيدر عبد الرحيم ساتي» مدير مستشفى «ساهرون»، ويا له من طبيب (مختلف جداً) عن أطباء «الفيس بوك» الذين دعوا إلى (مقاطعة الهندي عز الدين)!! وفشلت (المقاطعة) و(القطيعة)!!
{ نائب الرئيس افتتح مستودعات ضخمة لتخزين البترول في «بليل»، وهي الآن مليئة وجاهزة لتغذية الولايات الثلاث!! عندما رأيتها ظننتُ أنني في «الجيلي» أو بورتسودان وليس في دارفور!!
{ نائب الرئيس أيضاً تفقَّد مشروع وحدات الديزل الإضافية بمحطة كهرباء نيالا، وموقع بناء مستشفى «نيالا» (التركي)، ومسلخ «نيالا» الحديث الذي تبلغ طاقته (300) طن من اللحوم، ويستعد خلال المرحلة القادمة لذبح (2000) رأس أبقار، و(6000) رأس من الضأن بمشاركة مستثمرين مصريين، بهدف تصدير لحوم إلى «مصر» بقيمة (200) مليون دولار.
{ الوالي «كاشا» حيَّاني تحيَّة خاصة في إستاد نيالا قائلاً: (نرحِّب بالصحفي الثائر المناضل الذي ترشَّح ضدَّ المؤتمر الوطني.. الهندي عز الدين).. ولا تعليق.
{ من «رهيد البردي» وإلى مطار «نيالا»، بدَّلنا الطائرة، دون الدخول إلى الصالة، ومباشرة إلى «الخرطوم» التي وصلناها عند الثامنة والربع مساء أمس الإثنين.
{ مبروك أخي الدكتور «عبد الحميد موسى كاشا» فقد عبرت.. ونجحت.. ونجحت وشهادتي فيك مجروحة.
{ (سودانَّا فوق.. فوق.. فوق).. هذا هو الهتاف الذي كان يختم به نائب الرئيس خطبه في دارفور.. وها نحن نختم به رحلتنا مع القراء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.