في ظل السباق المحموم بين المرشحين للظفر بالمناصب التشريعية والتنفيذية بولاية جنوب كردفان، والذي أصبح منحصراً بين مرشحي الحركة الشعبية والمؤتمر الوطني لما يتمتعا به من ثقل سياسي في الولاية، وبعد أن بدأت الحملات الانتخابية للمرشحين لانتخابات الولاية، برزت في الساحة عدة سيناريوهات لما يمكن أن تؤول إليه أوضاع المنطقة بعد الانتخابات التكميلية، والتي يضع المواطنون عليها آمالاً كبيرة لتحقيق المطالب وتصحيح العلاقة مع المركز، عقب اختيارهم لممثليهم، وذلك بعد أن عاشت الولاية وتقاسمت سنين الحرب العجاف مع الجنوب. في السياق عقد مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية في الأيام الفائتة ندوة حول القضية وسيناريوهات الأوضاع بجنوب كردفان عقب الانتخابات، رسم من خلالها عضو الحركة الشعبية؛ د. عبد الله تية جمعة، صورة قاتمة لمستقبل الولاية، إذا ما جاءت الانتخابات بالمؤتمر الوطني على سدة الحكم بحسب حديثه، لأن ذلك يعني عدم قيام المشورة الشعبية نسبة لنظرة (الوطني) لها بأنها إبداء رأي غير ملزم وهو ما يتنافى مع الفهم الصحيح لمعنى المشورة الشعبية. ولفت تيه بأن حرية ونزاهة الانتخابات تمكن الحركة الشعبية من الفوز الذي يمكن أن يساعد كثيراً في حلحلة القضايا بإزالة التوتر بين الشمال والجنوب عبر استثمار علاقتها بالجنوبيين وإسهامها في وضع حل ل (أبيي) وقيام المشورة الشعبية بصورة سليمة، مشيراً إلى أن تأخرها يؤدي إلى تجدد الصراع المسلح لارتباط المشورة بفك الارتباط بالنسبة للجيش الشعبي بعد الانفصال وسحب القوات المشتركة، والذي تأخر بسبب تأخر قيام الانتخابات والمشورة الشعبية لأنها مرتبطة بتنفيذ برتوكول الاتفاقية الخاص بالمنطقة، والتي أكد بأنها احتوت على قصور في ما يتعلق بتنمية المناطق المتأثرة بالحرب وقضايا الدمج بالخدمة المدنية ودمج الشرطة، إضافة لكونها خلت من مبادئ 1994 التي أقرت السودان الواحد في إطار علمانية الدولة أو حق تقرير المصير للمنطقة ومخرجات مؤتمر كاودا في 2002 الذي أقر أيضاً حق تقرير المصير للمنطقة بمشاركة كل القوى السياسية بما فيها المؤتمر الوطني. وفي السياق قال الأمين العام لحزب العدالة القومي؛ د. عبد الباسط سعد، ٌان وقف إطلاق النار قرار ساري وملزم لكل الأطراف. وعن الانتخابات قال عبد الباسط أن عبد العزيز الحلو يفتقد للقوة والمقدرات التي ساعدت الفريق مالك عقار في الفوز بالنيل الأزرق، لذا أرى أن الفوز في الانتخابات سيكون لصالح أحمد هارون وانسحاب المرشحين مكي بلابل والطاهر خليل، ونبه بأن فوز (الوطني) سيقوده لإنشاء ولاية غرب كردفان بعد انتهاء الفترة الانتقالية كترضية لقبيلة المسيرية، مما يجعل غرب كردفان ولاية صافية للمسيرية فقط. عبد الباسط توقع بعد قيام الولاية الجديدة أن تفقد جنوب كردفان نسبة ال2% كولاية منتجة للبترول الذي سيكون واقعاً في الولاية الجديدة، ورأى سعيد أن المؤتمر الوطني لا يريد وضع حل لقضية أبيي. وقال إنها في الأصل قضية الرئاسة وليس (الوطني)، لافتاً إلى أن الرئيس بإمكانه حل القضية في لحظة، ودعا إلى إحكام مبدأ الحوار وقسمة الموارد لأن ذلك هو الحل لكل القضايا، وحرض عبد الباسط أبناء النوبة بعدم القبول بأقل من 20% من موارد الولاية. ومن جهته استبعد د. محمد أحمد بابو، قيام حرب جديدة بالمنطقة، موضحاً أن المؤتمر الوطني والحركة الشعبية ليس لديهما الاستعداد للدخول في الحرب مجدداً في الوقت الراهن، إضافة لكونها خيار غير محبذ أو مرغوب به من قبل مواطني الولاية، ورأي بأبو أنه من الأهمية بمكان إجراء دراسات لتحليل الموارد البشرية والاقتصادية لمكونات الولاية بشكل عالي قبل التفكير في إعادة ولاية غرب كردفان، إذ أنه من الممكن أن تقتضي المصلحة والفائدة الاقتصادية أن تكون الولاية بشكلها الحالي. وفي ما يختص بقضية أبيي قال بابو إن القضية قد تم حشرها في اتفاقية السلام الشامل، وأن الانسجام الذي كان سائداً بين قبائل المنطقة كان كفيلاً بحل القضية لولا دخول السياسة وإفسادها للجو العام الذي كان يسود المنطقة، ورأى أن الحلول المفروضة من الرئاسة والمحكمة الدولية ستزيد التعقيد المستمر بالمنطقة، لافتاً بأن حلها يكمن بجلوس أبناء المنطقة والتفاكر للخروج بحل نهائي للقضية من مطبات السياسة والمصالح الحزبية الضيقة. وبدوره انتقد د. صديق تاور كافي، عضو حزب البعث العربي الاشتراكي، تغييب الحزبين المتنافسين للأغلبية الصامتة من مكونات سكان الولاية والتي ليست تابعة لأية جهة سياسية، بجانب التغييب الذي يحدث للأحزاب المشاركة في نفس الانتخابات، ونبه تاور أن إنسان المنطقة البسيط يتم استخدامه من حزبين لا يمثلان الأغلبية في قاعدة المنطقة، بل هي أقلية مستبدة توفرت في يدها السلطة وتستغلها ببشاعة لتنفيذ أجندتها، وقطع تاور بفشل الانتخابات وأرجع ذلك لضآلة نسبة المسجلين للتصويت البالغة 15% من جملة من يحق لهم التصويت بالولاية. وقال إن النسبة رغم قلتها لن تتم بشكل كامل. تاور شن هجوماً على (الوطني) و(الحركة) خلال كلمته ، ووصفهما بانهما ينطلقان من مشروعين استعلائيين وعنصريين، فالوطني ما زال يصر على عروبة وإسلامية الدولة وينفي أي وجود للتنوع بالبلاد بعد التاسع من يوليو، وأشار تاور أن الحركة تستند في مشروعها السودان الجديد من بعد عنصري للمهمشين في الجنوب ودارفور والنيل الأزرق والشرق والشمال، مع إغفالها للوسط وهو الأمر الذي يوضح عنصريتها، وخلص تاور أن المشروعين يؤسسان لتفتيت وإضعاف البلد، وقال أن منطق الأوضاع في الولاية يفرض عدم هيمنة حزب على حساب آخر لتحقيقه أجندة غير مرتبطة بإنسان المنطقة، وأن المخرج يكون بخلق توازن يعبر عن هموم وإصلاح أوضاع الولاية لينعم إنسانها بالسلام.