الداخل إلى مطار الخرطوم مسافراً كان أو مودعاً لابد أن يلفت نظره التغيير والتحديث والطفرة الهائلة التي يشهدها المطار، وهي بالمناسبة طفرة لا أحسب أنها وعلى حد معلوماتي قد أرهقت كاهل وزارة المالية بأرقام فلكية حتى لو كانت مقابل (إزالة حيطة) من محلها ناهيك أن يكون المبلغ المطلوب لإقامة صالة أو أي مبنى آخر ملحقاً بالمطار، ولعلي قد اندهشت من جمال صالة المغادرة التي شهدت براحاً لم يكلف من فكر فيه سوى إزالة مجاميع الحواجز التي كانت تستقبل المسافر لدرجة أنني كنت أقول: «يا جماعة نحن في مطار الخرطوم واللا معبر رفح»، ولعل هذا التنظيم قد أسهم بدرجة ملحوظة في عدم تكدس المسافرين حتى لدرجة أنني وفي اليوم الذي كنت مغادرة فيه سألت: «إنتو المطار ده الليلة ما فيه سفريات»، ولكم أن تعلموا أنني قد عرفت أنه وفي لحظة مغادرة الطائرة التي نستقلها كانت هناك ثلاث سفريات إلى الخليج والمغرب العربي، ودعوني وقبل أن يظن أحد أنني أدبج الثناء لمدير مطار الخرطوم الأستاذ صلاح عمار، هذا الرجل الذي قلب صفحة المطار المرسومة بالأبيض والأسود إلى أخرى زاهية الألوان، وهو بالفعل يستحق الثناء ليس فقط على الثورة التي فجرها داخل الصالات ولكن حتى مواقف انتظار العربات كانت مشهداً مشرفاً يرفع الرأس، ولكنني أردت من خلال هذا الوصف أن أقول إننا محتاجون أن نعطي العيش لخبازه، خاصة وأن رغيف كثير من الوزارات والمؤسسات المهمة إما نيئ أو محروق أو مليء بالحصرم وما للدقيق دخل في ذلك؛ ولكن الخباز دخيل على المهنة ولا يعرف أبجدياتها وكل مبررات وجوده أمام الفرن إما ولاء سياسي أو موازنات هي أيضاً لا تخرج عن نطاق السياسة، وهي حقيقة تكشفت لي للأسف أكثر من خلال حديث الوزير نهار لبرنامج (حزمة ضوء) في أولى حلقاته، والرجل لم يكن مستوعباً ولا مستغرقاً في مشاكل وزارته والفذلكة التاريخية لها مما جعله يستعين بالورقة وكأنه غريب عن هذه الوزارة المهمة والحساسة، وهي وزارة عند بعض الدول أهم من وزارة البترول باعتبار أنها تلعب على الحبلين؛ الأول توفير مصادر دخل بالعملة الحرة من خلال وفود السياح الذين يتقاطرون لمشاهدة الآثار والاستمتاع بأشعة الشمس التي يعشقونها، والحبل الثاني أنها مسؤولة بالدرجة الأولى عن الحفاظ على تاريخ وحضارة بلد هو الأعرق والأكثر امتداداً في التاريخ بعرقياته وهوياته المختلفة، ولعل قلة معلومات (الوزير السياسي) عن وزارته كشفها الاتصال الهاتفي لأحد علماء الآثار بالبرنامج؛ وأعتقد أن اسمه الدكتور صلاح، وكان الرجل منطقياً ومرتباً وممتلكاً لكل أطراف المشكلة وجاهزاً أيضاً بالحلول، لذلك فإن ضرورة تشكيل حكومة (تكنوقراط) أو حكومة متخصصين يترأسون وزارات يفهمون في دهاليزها هو الطريق الوحيد لضمان ونجاح سياسات الحكومة، لأنه مهم أن يكون المسؤول غارقاً حتى أذنيه في الوزارة المسؤول عنها بفعل التعود والوجود والاستيعاب لمهامها حتى لا نكتشف فجأة أن الطبع يقلب التطبع وأن الوزارة في وادٍ ومنسوبيها المهمين في وادٍ آخر وليس هناك دليل أقوى من ذلك وبلادنا تعاني من هجمة شرسة وترصد خارجي منظم ودبلوماسيونا الأكارم بعضهم مشغول في التغزل بوزيرة الخارجية الموريتانية. وطالما أنني مع سياسة التكنوقراط أقترح أن يحال هؤلاء ليكونوا مسؤوليين في واحدة من لجان أماسي بحري!! وللا شنو؟ كلمة عزيزة قال لي محدثي: «والله يا أم وضاح قسوت بالأمس على بعض المذيعات رغم أنني مقتنع أنهن يستاهلن». فقلت له: «يا أخي أحياناً المسألة تتعدى السطحية والخواء الفكري لتدخل في الخرمجة، ودعني أضرب لك مثلاً على ذلك إذ أنني وأثناء مشاهدتي لسهرة إحياء ذكرى ملك الطنبور النعام آدم من خلال شاشة النيل الأزرق؛ وكانت تقدمها سهام عمر، قالت وبقلب قوي أن محمد كرم الله الذي كان مشاركاً في هذه الليلة هو صاحب الأغنية الشهيرة التي (تداعب وجدان كل سوداني) - وما بين الأقواس من عندي إذ لم تتفضل علينا به المذيعة (الكبيرة) - إنه صاحب أغنية حتى (الطير) رحل! كلمة أعز أعتقد أن بعض المشاهد في برنامج «أفراح أفراح» تحتاج إلى تدخل مقص المونتاج، لأن بعض المشاركين والمشاركات في الأفراح بيكونو ماخدين راحتهم على الآخر.