يعيش الشيوعيون واليساريون والعلمانيون حالة من الإحباط الشديد عقب انهيار الماركسية وعقب أفول وزوال منظومة دول الاتحاد السوفيتي وانفراط عقد منظومة (حلف وارسو) بعد انهيار الشيوعية العالمية التي كان مركز انطلاقها الفكري والتنظيمي الاتحاد السوفيتي العظيم وكان مركز انطلاقها العسكري تجمع (حلف وارسو) الذي كان ينطلق من عاصمة بولندا الشيوعية الذي انفرط وانهار وتوزعت كرويات دمه بين (قبائل دول الغرب). حالة انهيار الشيوعية العالمية التي واكبها مد من الصحوة الإسلامية في المنطقة العربية والإسلامية أدخلت الشيوعيين واليساريين في هذه المنطقة في حالة من الإحباط والفراغ جعلت أعداداً كبيرة من قياديهم يتحولون إلى مجموعات يائسة (نيرونية) تريد إحراق المعبد بمن فيه، لذلك وهم في هذه الحالة النفسية الحرجة أصبحوا لقمة سائغة وسهلة القياد في أيدي المنظمات المشبوهة التي أصبحت تستخدمهم أسوأ استخدام سواء في المجال الفكري أو السياسي، ويمكن لأي باحث أن يلقي نظرة فاحصة إلى المنظمات المشبوهة على المستوى الدولي والمحلي سيجد كيف تحول الشيوعيون واليساريون (أعداء الأمس) إلى المعسكر الرأسمالي، كيف تحولوا إلى أدوات مبتذلة ورخيصة في أيدي واجهات الاستعمار الجديد ومنظماته المشبوهة، ولأن أعداداً كبيرة من بعض بقايا الشيوعيين متمسحي الثقافة الاشتراكية الفارغة والتي تاه أتباعها في غابات الجدل والمناظرة بين جدلية (العامل ووسائل الإنتاج) وبين جدلية (الإله والمادة)، أصبحت أعداد كبيرة منهم يظنون بأنفسهم أنهم أصبحوا مفكرين وعلماء ومحللين سياسيين، رغماً عن أن ظنهم بأنفسهم الذي هو من (ظن الجاهلية الأولى) لم يسعف نظريتهم الخربة والمتآكلة في (دولتهم الأم) الاتحاد السوفيتي التي توفرت في يدها كل أدوات القوة المادية والعسكرية ولكنها انهارت من الداخل (دون طلقة واحدة) لأن عوامل التآكل والصدأ كانت متوفرة داخل أحضان الفكر الاشتراكي العلماني المادي المصادم للواقع والعقل والدين، لذلك يصاب القارئ بحالة من الاندهاش والتقزز عندما يقرأ لبعض دعاة الاشتراكية والعلمانية وهم يحللون الواقع السياسي السوداني ويقترحون الحلول وهم الذين لفظتهم كل الديمقراطيات في العالم وفي السودان والذين تحصلوا على (شهادة رسوب بدرجة امتياز) حتى عقب انتفاضة رجب التي جندوا لها كل شياطينهم من الشعراء والفنانين ونقابات المكوجية وماسحي الأحذية لسرقتها كما سرقوا ثورة أكتوبر من قبل، لم يسعفهم الشعب السوداني ولم يتصدق عليهم إلا ب(4) نواب فقط، منهم اثنان تبرعت لهم بهما رأفة (الجبهة الإسلامية) خصماً من فوزها الكاسح في دوائر الخريجين حتى (تكافي بهما العين) والاثنان الآخران فازا في دائرتين معلومتين كان عدد كبير من مواطنيها غير المسلمين يخافون من تطبيق الشريعة الإسلامية، وحالة بعض اليساريين الذين يكتبون بحقد متلظظ ضد الإنقاذ تذكرني بحالة أبي جهل عقب انطلاق دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، في بدايتها الأولى بمكة حينما سئل أبو جهل عن سبب معاداته لدعوة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم فأجاب أبو جهل قائلاً: «والله لقد كنا نحن وبنو هاشم كفرسي رهان حتى إذا تساوت الحدق وتلاقت الكتوف قالوا منا رسول: والله لن نصدقه ولن نؤمن به»، وهنا يفتضح أمر أبي جهل الذي نفّس بغضه وكرهه لدعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، ليس لأي سبب سوى التنافس والتناظر بين قبيلته وقبيلة بني هاشم؛ قبيلة الرسول صلى الله عليه وسلم، وقد وجد الشيطان مدخلاً جيداً إلى نفس أبي جهل عبر هذا التنافس حتى حوله إلى (شيطان من الإنس) يسعى بكل جوارحه وأدوات إحساسه لمقاومة ومكافحة دعوة الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن الشيطان وكما ورد في كتاب (تلبيس إبليس)، حينما يريد إغواء أي إنسان وإبعاده عن طريق الحق فإن الشيطان لا يسوق ذلك الإنسان مباشرة إلى رفض الحق وإنما يسوقه سوقاً إلى كراهية (صاحب الحق) ثم يملأ جوانحه بتلك الكراهية التي تتحول سريعاً إلى حقد أعمى يرفض كل شيء حتى لو كان (كتابة كلمة بسم الله الرحمن الرحيم) التي رفضها (ديك المسلمية) و(حذاء) الحركة الشعبية في قطاع الشمال، من أن تكتب في الدستور الانتقالي، لذلك فإن حالة (أبوجهل) في الحقد والكراهية هي حالة مشابهة لحالة بقايا الشيوعيين الذين كادوا أن يسرقوا السودان من تحت أيدي أحزابنا الطائفية البلهاء لولا أن سخر الله الإسلاميين لإحباط تلك السرقة التي حان قطافها، والتي كانت تمثل فيها أحزابنا الطائفية بجدارة دور الكادر (م. ن) وهي مصطلح شيوعي ترجمته (مغفل نافع)، لذلك يا أيها (الشيخة الدكتورة سعاد إبراهيم عيسى) ارجعي وأبحثي وفكري عن السبب الذي يجعلك تحملين كل هذا الكره والحقد على حكومة الإنقاذ، الذي يجعلك تسكبين مداداً كثيراً في التحريض عليها رغم أن هذا (الكره المبدئي) لم يمنعك من قبول (الوظيفة الفارهة) في مفوضية الاستفتاء، فإن الإنقاذ يا دكتورة شأنها شأن أي حكومة لها من الأخطاء ما تنوء عنه الجبال ولكن لها من الإنجازات ما تضيق عنها البحار، وكل المحايدين المبرئين من الغرض يجمعون على أن ما قدمته الإنقاذ من إنجازات في السودان لم تقدمه كل حكومات السودان السابقة مجتمعة، ومن عجب أن الدكتورة وفي إطار نقدها للإنقاذ وفي إطار تهكمها مما تعتبره (نفاق الإنقاذ) في تبني قضية الشريعة، تتساءل الدكتورة قائلة: «أين هذه الشريعة؟» والدكتور المسكينة التي تقودها كراهيتها وجهلها بقضايا الفقه الإسلامي لا تعلم أن تطبيق أحكام الشريعة هي قضية اجتهادية فقهية يمكن التشدد فيها أحياناً ويمكن التساهل فيها أحياناً أخرى، حسب مقتضيات الفقه الإسلامي ومقتضيات الحال وفقه الضرورة، وبذلك تصبح هذه القضية هي قضية (فقهاء مسلمين) وليست قضية منظري الشيوعية وبقايا المعسكر الاشتراكي الموؤود، وأنا أسأل الدكتورة التي تعتبر إحدى أكبر دعاة (الجندرة) في السودان: «هل تقبل الدكتورة مطلقاً بمبدأ تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية وإقرار دستور إسلامي للسودان حتى لو سلمنا جدلاً بوجوب ذهاب حكومة الإنقاذ؟»، ولكن هذه إحدى (أحابيل) اليساريين والعلمانيين في مقاومة أحكام الشريعة الإسلامية فعندما تطبق الشريعة هم يرفضون تطبيق (شريعة الجلد والقطع) التي يصفونها بأنها تذل الشعب السوداني، وحينما تعطل الدولة بعض أحكام الشريعة اجتهاداً لدفع ضرر هم يتساءلون متهكمين: «أين هي الشريعة؟»، والدكتورة التي لم يسعفها فقهها وتحاول الخوض في بحار لم تعد لها نفسها ولم تجهز لها مجاديفها لا تعلم الدكتورة الفرق بين مبدأ إقرار الشريعة الإسلامية والحكم الإسلامي وبين قضية تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، فالأول ثابت والثانية متحركة، لذلك يا عزيزتي الدكتورة أنا أوجه لك نصيحة خالصة لك ولكل قريناتك من بقايا اليسار اللاتي دخلن إلى خريف العمر إن أرض السودان الطاهرة التي ذبحت غردون وقتلت هكس باشا لن تنبت فيها أبداً بذرة الشيوعيين ولن ترتفع فيها أبداً أصنام الماركسية ولن تدنسها أبداً خيول المستعمرين الجدد وطلائعهم من حصين طروادة السودانيين، لذلك أولى لك أيها الشيخة الدكتورة أن تبحثي لك عن درب آخر غير درب (الجندرة ومعاداة الإنقاذ) يقربك إلى الله زلفى حتى لا تذهب نفسك حسرات وحتى لا تختمي حياتك النضالية بالعمل في رحاب الجندرة التي هي رجس من عمل اليهود، فهلا اشترت الدكتورة مسبحة!!