{ رحت أتابع في حوار العجوز الأصلع الذي راح يفلت في الكلام وتلفظ بكلمات بشعة ووقحة جعلت (إحسان يعقوب) تموت من الضحك وأنا شعرت بنفسي وسط مسخرة وقلة أدب. لقد أقدمت على شيء ولا بد أن أتحمل عواقبه.. تذكرت حملات قوات النظام العام كنت أسمع عنها تداهم الشقق المفروشة والبيوت المشبوهة.} مقطع من رواية (عطر نسائي) للمؤلف عماد الطيب برّاكة . وأخيراً قرر السيد الوالي (د. عبدالرحمن الخضر) النطق بشجاعة التصريح بأنهم في حكومة الولاية سينفذون حملات مداهمة للبيوت المشبوهة والشقق المكشوفة ومفروشة للفساد الاجتماعي. أطلقها الوالي بعد أن انتشرت في كل حي وكل مدينة وكل بيت! إلا من خافوا الله سراً كما يخافون الناس جهرة. مجاهرته بالقول الأسبوع الماضي في لقائه بأعضاء اللجان الشعبية المنتخبة، يؤكد محاولاته الجادة لأن يتم تنفيذ القول السابق إبان انتشار الفيديو المحمّل للفتاة المضروبة الشهير. فحينما ذكر (إننا سنقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية في الحكومة الجديدة) لم يكن حديثاً عبثياً أو دفاعياً عن إجراء باطل قصد به حق، إنما استند على سياسة جديدة ستشرع ولاية الخرطوم بحكومتها المفوضة لتطبيقها كاملة، لإثبات السيطرة السياسية والتنفيذية بحسن نوايا تغيير الانفلات الأخلاقي الكبير في المدينة شئنا أم أبينا . والخرطومالمدينة في تأريخها القديم وبمدنها الثلاث الكبرى كانت تحصر بيوت الدعارة المشبوهة في أماكن محددة وبأسماء مسجلة لدى السلطات يجري عليها الفحص الطبي اللازم بفترات متفاوتة، سمعنا بسبعة بيوت، خمسة بيوت، بيت (فلانة)، والكمبو وإلخ.. ورغم تقنين تلك المسألة بشكلها الواضح الفاضح لكل من شوهد داخل أو خارج منها. إلا أنه كذلك تتم المداهمات والتفتيشات النظامية اللازمة، وكانت البيوت بمرتاديها الفاسدين مغلقة على أعمالهم وذنوبهم وخياراتهم لحياتهم بلا وصاية ما لم تتخطاهم إلى المجتمع لإفساده بأكمله كما يحدث الآن! وكما يكون في كل مدن العالم الإسلامي واللا ديني، العربي والأوربي والأفريقي. وفرقة ثورة الإنقاذ دخلت كنظام إسلامي صارم سعوا لتطبيق الشريعة الإسلامية، سياسياً بدأت بحملات إبادة كاملة لتلك البيوت وإغلاقها ومصادرتها كمنقولات من دون المسكونات والمسكونين بآفة الدعارة. فتشتت شملهم في المدينة وأطرافها وبث غبنهم مضاعف إليه الوضع الاقتصادي المتفاقم في نفوس الضعفاء والضعيفات، وزاد طين البيوت بلة حينما أثرى أغنياء المرحلة بمال منهوب ومسروق ومسترزق من حيوات وحاجات الناس وصاروا يوازنون بين فسادهم المالي وحقيقتهم كأفراد لا خلق لهم يعلّمون الناس الفساد، ما يفرقون به بين البنت وأمها والولد وأبيه والزوج وزوجته والحقيقة والسراب! فتسربت إلى المجتمع السوداني أفكار معلنة بلا حياء (احتمال أبيت)، (الحجة جنت)، (أديني حقنة) إلى آخر الأقوال والأفعال، مطلقة الفجور والتي للأسف صارت علامات تجارية لأزياء بنات وأولاد محافظين إلى حدود الممكن. لكن لا يتحمّل المسؤولية فقط هؤلاء ضعاف النفس وضعفاء الدخل والحيلة، إنما الحكومة ذاتها التي استنت خطتها على الشريعة الإسلامية لكنها حمت بها الأقوياء والأقربين والمسؤولين والأثرياء وسقط فيها ما دونهم. فمثلاً كيف يمكن لمن سربت ليلاً بحثاً عمّا يقيها وأهلها الجوع أو من خرج بحثاً عن عمل أن يمتلك شقة مكشوفة أو بيتاً مفتوحاً على كل احتمال؟؟ ما لم يكن مدعوماً جداً من آخر }نموذج العجوز في (عطر نسائي).! إن البيوت المشبوهة في المدينةالخرطوم أو غيرها تنفخ الكير على كل الأحياء بالأفكار السالبة واللا مسؤولية القانونية واستمرارها دخلاً ثابتاً ومدخلاً يومياً، وعلى الأسر التي تحاول الموازنة بين الحاجة الجسدية لأبنائهم والحاجة الاقتصادية والضرورة الدينية أن تحمي أنوفها من روائح تلك البيوت.. التي تجاروها في كل حي. فالحياة الجديدة بعد الانفصال لن تتوقف على إسكات العواطف الدينية للناس بإغلاق البيوت المشبوهة ولو لم تكن مفتوحة! لكن تتوقف بالضرورة على تطبيق هذا القرار شديداً على (فاطمة بنت محمد) إشارة للحديث الكريم قبل (حواء بت جادين)!!