كافة التصريحات التى خرجت من قيادات المعارضة فى مسألتي أبيي وأحداث جنوب كردفان لم ترق إلى مستوى المسؤولية والالتزام الوطنى وهذا ما يجب عليها أن تأخذ به حتى لو جمعها ذلك مع المؤتمر الوطنى فى خندق واحد وهو بالتأكيد خندق الوطن. السيد الصادق المهدى يطالب الجيش بالانسحاب من أبيي وهذا نفسه ما يطالب به المؤتمر الشعبى والشيوعى ويصمت عنه الحزب الاتحادى الأصل، ويعلق السيد مبارك الفاضل على أحداث جنوب كردفان ويتهم المؤتمر الوطنى وكأنه المتسبب فيها ويسكت عن الحركة الشعبية ويهاجم وطنه ويقزّمه ويصفه بالنملة أمام الأوطان العربية التى اندلعت فيها ثورات وهو يصفها بالفيلة وهو ينسى أن الشعب السودانى سبق هذه الشعوب بنصف قرن حين أشعل ثورته الأولى. وهناك قيادات سياسية تساوى بين المجرم والضحية فتحمّل المسؤولية لكل من المؤتمر الوطنى، والحركة الشعبية التى بادرت باحتلال أبيي لأشهر دون أن يتصدى لها المجتمع الدولى أو تدينها أحزابنا المعارضة أو تطالبها بالانسحاب مثلما يطالب السيد الصادق عند دخول الجيش إليها ليعيد الأمور إلى نصابها وهو يرى تلكؤ الحركة الشعبية فى الحل واتباع سياسة تضييع الوقت حتى يدخل الخريف ويدخل الجنوب إلى دولته الجديدة وأبيي جزء أصيل من ترابه وسيادته. ما زالت المعارضة السودانية تمارس سياسة الغباء وتخسر شعبها وهى تسجل مواقف سالبة تتعارض ومواقف كافة قطاعات المجتمع التى لا تقبل مساساً بحق الشمال فى أبيي ولا تقبل تصرفات مجموعة قطاع الشمال التى تعمل لخدمة أجندة الحركة الشعبية وتتلقى تمويلها منها وتتسلح وتعمل وفق موجهاتها، لا سيما وأن القنوات التنسيقية والبناء الهيكلى والتنظيمى ما زال مفعلاً بين الحركة الشعبية وقطاع الشمال، وخير دليل على ذلك انفجار الأحداث بولاية جنوب كردفان كرد فعل لما جرى فى أبيي. ما يحدث فى جنوب كردفان هو جرّ للبلاد إلى مربع الحرب وقيام جنوب جديد فهل تقبل الأحزاب المعارضة ذلك؟ وعلى صعيد الشعب فإن أئمة المساجد والنخب الأكاديمية والإعلامية والثقافية وعامة الناس يرفضون ما يجري فى هذه الولاية وقد كان دخول القوات المسلحة إلى أبيي رضوخاً واستجابة لضغط عام مارسه الشعب على القوات المسلحة والحكومة وما كان من سبيل غير تنفيذ ما يراه الشعب وإلا فقدت الحكومة ثقة شعبها، أما أحزابنا المعارضة فهى بمواقفها هذه تعرّض البلاد إلى الخطر وتضعف مواقف الحكومة التى تبذلها للحفاظ على حقوق الشمال، وعلى رأسها ترابه وسيادته، وتنسف جهود الحكومة لصد المؤامرات الأجنبية التى تحاك لضرب استقرار وأمن البلاد وتهدف إلى تفتيتها والبلاد مهددة بجولة واسعة من التمرد تشمل دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق والشرق تنتهى بتغيير كامل فى الحكم لصالح هذه المجموعات العنصرية وتغيير هوية البلاد وتوجهاتها إلى إفريقية خالصة تجعل من السودان مركزاً لضرب الإسلام والعروبة. وبالرغم من وضوح كل ذلك ما زالت معارضتنا تدفع بمواقف مضرة ومدمرة تخسر بسببها شعبها ولم تتعلم بعد من مسيرة طويلة مع المواقف الغبية التى تجعلها لا تفرق بين النظام والوطن ولو أنها اتخذت مواقف وطنية لكسبت شعبها واحترامه وتقديره ولاختفت العبارة الشهيرة (لكن البديل منو) ولأحرجت النظام الذى تعارضه وحرمته من النقاط الكثيرة التى يحصل عليها بسبب تلك المواقف المخزية التى تقفها المعارضة. بالله عليكم كيف يكون الوضع لو أن المعارضة خرجت علينا وهى تندد بالحركة الشعبية وتحمّلها ما يحدث فى أبيي وفى جنوب كردفان وأكدت مساندتها للقوات المسلحة وسيّرت قوافل الدعم والمؤازرة وسجلت موقفاً تاريخاً فى وجه المجتمع الدولى ومبعوثيه، وقالت لهم إن أبيي خط أحمر وجنوب كردفان والنيل الأزرق خط أحمر وإنها لن تقبل أى مساس بأمن واستقرار الوطن وإنها والحكومة فى خندق واحد، مهما كان عداءنا للحكومة ومعارضتنا لها ويومها سيحترم الشعب المعارضة ويرى فيها بديلاً للنظام إن لم يعجبه أداء النظام وسنصد مجتمعين كل المؤامرات التى تحاك ضد بلادنا وستكف الحركة الشعبية عن ألاعيبها واستهتارها وتعمل ألف حساب لهذا الوطن العظيم المتماسك والخالى من العملاء والمرتزقة. ولو أن الحال على هذا الوضع الذى نطرحه الآن لتغيرت أشياء كثيرة وانتهينا إلى مآل غير هذا الذى انتهى بنا إلى الانفصال وبقاء المشكلة فى مكانها وكأننا لم نفعل شيئاً مفيداً بهذه الاتفاقية التى جرت علينا مشاكل لا حصر لها فى ظل معارضة سيئة وغبية لا تحسن قراءة مصالح وطنها العليا وفى ظل فئة من الخارجين والعملاء والمرتزقة من بنى جلدتنا وفى ظل مجتمع دولى منحاز ومتآمر لا سبيل غير مواجهته لحفظ كيان الأمة والدولة.