{ وردت بصحيفة (المحرر) عدد الاثنين 13/6/2011 رواية تقول ( إن البروفيسور "الزبير بشير طه" زار وحدة أبو قوتة من الجهة الغربية، فقطعت عليه الطريق مجموعة من الأطفال في قرية (أم دليبة)، فشكوا إليه من انعدام مياه الشرب، وأخذته طفلة صغيرة من يده إلى (الترعة) وأزاحت بيدها (الطمي) و(الحشائش) و(الحشرات) ثم ملأت كفيها بالماء و(شربت)..!! ثم التفتت للسيد الوالي وهو ينظر مشدوهاً وقالت له: هل تستطيع أن تشرب؟ فقال لها: لو لم أكن صائماً لشربت.. فقالت له: أنا منذ ولدت أشرب من هذه الترعة..!! فوعدها الوالي بأن يريحها من الشرب من هذا الماء النتن وأصدر أمراً في الحال بجلب المياه من المدينة إلى حين حفر آبار للشرب.. ومنذ ذلك اليوم تأتي (التناكر) محملة بالماء النقي لأكثر من ست قرى توزع عليها مجاناً.. وتمضي الرواية للقول إن الوالي اعتذر للأهالي بأنه لم يكن يعلم ما يعانونه وأن التقارير التي (تُنقل إليه) لم تكن (مضبوطة كفاية)، ووعد بأن يقف (بنفسه) على الأوضاع). انتهى { نقول أولاً للسيّد الوالي - إن صحت الرواية - تقبل الله صيامكم وجعله في ميزان حسناتكم.. وجعله لكم وقاية من النار.. كما جعله لكم (وقاية) من الإصابة بأمراض لا قِبل لكم بها.. لو أنكم شربتم من ذلك الماء الذي شربت منه الطفلة..!! { ما أكثر الأقوام في بلادي الذين نسيهم أولياء أمورهم أو تناسوهم.. في البوادي والأصقاع وحتى في أطراف بعض المدن.. لكنّ رعاية الله أحاطت بهم.. فتوفّرت لأجسادهم مناعة ضد تلوث الماء والطعام لا تتوفر لمن يقبعون تحت (المكيّفات) ويشربون (الماء المعقم بالأوزون)..!! { ما يورد المسؤولين المهالك بطانتهم الخاصة.. الذين يزيِّنون لهم كل قبيح ويجدون لهم أعذاراً في كل تقصير.. ويحولون بينهم والحقيقة بجدار (التقارير) العازل.. فيصير مبلغ علمهم: (ألوووولو) - أي قالوا له - كما استدلَّ المحامي ب (كذب) الشاهد - عادل إمام - في مسرحيّة (شاهد ما شافش حاجة)..! { غير أن كثيراً من المسؤولين يستمرئون ويستمتعون بتغييبهم.. (ويعملوا رايحين).. ويعجبهم هذا (التشفير) الذي يحجب عنهم (وجع الرأس).. ولا ضير في ذلك.. فهم بدورهم سيرفعون (تقارير) إلى من يسألهم.. وتدور الساقية (المضللة)..! { العمل الميداني - كما يعلم كثير من المسؤولين ويتجاهلون - هو السبيل (الوحيد) لمعرفة الحقيقة.. فليت أولي الأمر - وأخص الولاة والوزراء - يقفون (بأنفسهم) ميدانياً على كل ما يهم المواطن.. فيفاجئون (المستشفيات) بزيارة غير معلنة.. بلا (تشريفات).. يدخلون من الباب كأي مواطن في وقت الزيارة.. وحينها سيعلمون..!! وليجولوا في الأحياء الطرفية وأسواقها (البائسة).. وليتابعوا ميدانياً (مكاتب الزكاة).. وليستوقفوا مواطنين من السابلة ليسألوهم عن أحوالهم.. وهذا ليس من (سابع المستحيلات).. فقط يجب أن لا يتركوا (بطانتهم) تضللهم بالتقارير إياها.. { يقول ابن الخطاب رضي الله عنه: (لو عثرت بغلة في العراق لسألني الله تعالى عنها لِمَ لَمْ تمهد لها الطريق يا عمر). أما هنا - سادتنا المسؤولين في الحكومة الإسلامية - في هذه الأرض الطيبة.. لا تعثر (بغلة).. وإنما بشر من لحم ودم.. وُلِّيتم عليهم ولستم خيراً منهم.. إنما هو ابتلاء من المولى عزَّ وجلَّ.. وأمانة التكليف يوم القيامة خزي وندامة لمن لم يأخذها بحقها.. ولن ينفعنّ حينها اعتذار ب(التغييب).. والتقارير المضللة..