كلمة المرور أو رمز الحماية هي تشكيلة من الحروف والأرقام والرموز الأخرى تمكن من يعرفها من الوصول أو استعمال مورد أو خدمة محمية، وهي تستعمل وسيلة تعريف عن الفرد في عدة مجالات مثل المواقع أو المنتديات أو البرامج أو الكمبيوترات أو الشبكات اللا سكلية للحماية من المتطفلين أو لصوص المعلومات، هذا هو التعريف لرمز الحماية، ولكنه الآن أصبح عبارة عن باب مغلق يخفي وراءه الكثير من الأشياء، ففي هذا العصر نجد أن الأغلبية من الناس هواتفهم وحاسباتهم الآلية مغلقة برمز الحماية، خصوصاً معظم أبناء هذا الجيل الجديد الذي أساء للأسف الشديد استخدام رمز الحماية، فبعد أن كانت من أجل الحفاظ على معلومات خاصة من اللصوص والمتطفلين أصبحت من أجل إخفاء أشياء أخرى؛ وبالتأكيد هي أشياء ليست على قدر عالٍ من الأهمية فهي (الحماية) سلاح ذو حدين من الممكن أن تستخدم بطريقة صحيحة أو تستخدم خطأ. (الأهرام اليوم) من خلال هذا التحقيق، تفتح الباب على مصراعيه للعديد من التساؤلات: وضع رمز الحماية أو كلمة السر من أجل الخصوصية أم من أجل أغراض ثانية؟ ما الذي تخفيه من ممنوعات؟ وهل معاملة الأسر لأبنائهم تلعب دوراً كبيراً في أن يحاول الأبناء والبنات إخفاء كل ما هو ممنوع؟ نموذج أول (س - ع) ربة منزل في أواخر العقد الثالث العمر، رمز الحماية كان سبب طلاقها، فقد أصبحت تصرفات زوجها تتغير بعد أن تعرف على إحدى الفتيات وبعد أن كان يعطيها جواله أصبح الجوال لا يفارق يده حتى وإن ذهب إلى الاستحمام وأصبحت لوحة مفاتيحه برمز الحماية، (س - ع) حاولت معه مراراً وتكراراً أن تعرف سر تغيره مع أنها في قرارة نفسها تعلم تماماً أن هناك أخرى تشاركها زوجها ولكنها تريد أن تتأكد من ذلك ولن تستطيع إلا من خلال جواله، فأصبحت تتحين الفرص حتى تصل إلى معلومة تريح ذهنها وتطمئن قلبها، وعندما فشلت في ذلك خيرت زوجها ما بين الاستمرار معها أو فك رمز الحماية فاختار الثانية بحجة أن زوجته (تشك) فيه!! نموذج ثانٍ (سهير) طالبة في السنة الثانية، جوالها مغلق برمز الحماية، فهي على علاقة بشاب ينتمي إلى ذات الكلية التي تدرس بها، حكايتها مع رمز الحماية بدأت عندما عرفت هذا الشاب فقد كان يرسل إليها رسائل العشق والغرام وهي أيضاً تبادله الرسائل، وفي يوم طلب منها شقيقها بحسن نية إجراء مكالمة من جوالها بعد أن نفد رصيده ولكن توترها زرع الشك في نفسه فأجبرها أن تعطيه الموبايل، وعندها هاله ما وجده من رسائل العشق، فكانت النتيجة أن أوقفها من الجامعة لمدة شهرين إلى أن تدخل الأجاويد وعادت مرة أخرى ولكن تحت رقابة لصيقة. ما بين مؤيد ورافض (الأهرام اليوم) استطلعت بعض المواطنين عن رمز الحماية وما إذا كان من أجل الخصوصية أم من أجل أغراض أخرى وما هو دور الأسرة في ذلك: تقول (هند علي) - محاميه إن رمز الحماية هو في الأساس من أجل حفظ معلومات مهمة وسرية، ولكن في هذا الزمن أصبح من أجل أغراض أخرى وللأسف الشديد هي أغراض لا تنفع المرء بشيء، بل تفسد أخلاقه، وأنا أعتقد أن الأسر لعبت دوراً كبيراً في هذا الأمر لأنه لا توجد رقابة على الأبناء، وللأسف هناك الكثير من الأبناء يفهمون الحرية فهماً خاطئاً. ويختلف معها في الرأي زميلها (طارق محمد) - محامي ويقول إن رمز الحماية ليس بالضرورة أن يكون من أجل أغراض أخرى مخلة بالآداب مثلاً، فرمز الحماية هو من الخصوصية؛ فهناك أشخاص متطفلون يريدون أن يتعرفوا على أي شيء موجود داخل الموبايل بدءاً بقراءة الرسائل وانتهاءً بمعرفة الرصيد ولا أعتقد أن للأسر دوراً في ذلك لأنها تعطي أبناءها الحرية وهم أسأوا استخدامها، وكم من أسر استخدمت سياسة الكبت مع أبنائها وأيضاً انحرفوا، فالمشكلة تكمن في الظروف المحيطة بهذا الجيل في ظل الانفتاح والحرية حيث كل الأشياء مباحة. أما محمد عبد الله (خريج) فيقول ليس كل شخص أغلق جواله أو حاسبه الآلي برمز حماية يعني ذلك أنه يخفي وراءه أشياء أخرى، فأنا استخدم رمز الحماية من المتطفلين وسارقي الرصيد. وتؤكد سهى الرشيد (طالبة) إن هناك الكثيرين ممن يستخدمون رمز الحماية من أجل إخفاء أشياء إباحية أو رسائل غرامية، ولكن مثلما هناك من يستخدمونها لأغراض قبيحة نجد من يستخدمها للحفاظ على جواله من الاستخدام الخاطئ والتطفل على خصوصياته، فالخصوصية ليست الإباحية كما يعتقد البعض. ويثور غاضباً على جيل هذا الزمان العم خليل عوض (معاشي) ويقول كل الجيل الحالي يستخدم رمز الحماية من أجل إخفاء الأشياء الخليعة ولكن المسؤولية لا تقع عليه وإنما على الأسر لأنها تركت الحبل على الغارب، وسمحت بدخول قنوات فضائية وترك أبناءها أمامها حتى صارت قدوة لهم، هذه هي نتائج الثقافات الوافدة والحرية المطلقة لجيل يهوى الإباحية وبعيد عن الدين. في ذات السياق تؤكد الأستاذة (سمية علي) معلمة أساس وتقول إن رمز الحماية هو وسيلة للحفاظ على أجهزتنا سواء كان (موبايل أو حاسب آلي) من الاستخدام الخاطئ وسرقة المعلومات، وكل له خصوصية في حياته وله أشياء لا يحب أن يطلع عليها أحد، فليس معنى أن هناك فئة استخدمته من أجل أغراض أخرى يعني ذلك أن الجميع يستخدمه في ذات الأغراض. سلاح ذو حدين وتؤكد الباحثة الاجتماعية الأستاذة (هويدا حسن) أن رمز الحماية هو سلاح ذو حدين، فإما أن يستخدم استخداماً خاطئ أو استخداماً صحيحاً، فرمز الحماية هو في الأصل من أجل الحفاظ على الأجهزة من الاستخدامات الخاطئة وللحفاظ أيضاً على معلومات مهمة وسرية من السرقة، كما أن هناك بعض الفضوليين الذين يحاولون معرفة كل ما يدور داخل أجهزة الآخرين بدافع الفضول ليس إلا كما أن هناك البعض الذين يحاولون سرقة (الرصيد)، فهذا يعتبر جانباً من الجوانب الإيجابية لرمز الحماية لكن هناك من يستخدمه أيضاً لأغراض أخرى كالأفلام الإباحية والصور الخليعة والرسائل الغرامية، وهذا يعتبر الاستخدام الخاطئ للرمز الحماية. وترى الأستاذة (هويدا) أن السبب في استخدام هؤلاء لرمز الحماية بصورة خاطئة هي الضغوط التي تمارسها الأسرة والتنشئة الخاطئة لأبنائها وإعطاءهم الحرية المطلقة، فعملية الإصلاح يجب أن تبدأ أولاً من الأسرة. استلاب ثقافي ويقول الباحث الاجتماعي وهبي محمد أحمد، إن رمز الحماية في الأجهزة الإلكترونية من النواحي الاجتماعية والنفسية له سلبياته وإيجابياته، فنجد في الحياة اليومية بعض الموضوعات الشخصية ولا يحب الإنسان أن يطلع عليها أحد؛ لذا يحفظها ببعض الرموز التي لا يستطيع أي شخص أن يقوم بفتحها إلا صاحب الرمز، ومن هنا جاءت فكرة رمز الحماية التي أيضاً تحمي الجهاز (سواء كان حاسب آلي أو موبايل) من الاستعمال الخاطئ من قبل الأشخاص الذين لا يجيدون التعامل معه كما أن في العمل الاجتماعي والنفسي هناك معلومات خاصة بالعميل تعتبر سرية جداً فلابد من حفظها وعدم السماح للآخرين بالاطلاع عليها. لكن هناك أشخاص يستخدمون هذا الرمز بطريقة خاطئة أو من أجل المحافظة على بعض الأفلام الإباحية أو الصور الخليعة أو الأشياء التي يعلم تماماً إنها غير أخلاقية وتغزو جوالات الشباب في الآونة الأخيرة، ويرجع هذا إلى الاستلاب الثقافي الذي تعرضنا له من قبل القنوات الفضائية التي لم نحسن الاستفادة منها بصورة سليمة ومنطقية وتركيزنا في القنوات التي تحرك النفوس الضعيفة والغرائز الهشة. الممنوع مرغوب ويعزو الأستاذ وهبي هذه السلوكيات اللا أخلاقية إلى ضعف الوازع الديني والابتعاد عن العادات والتقاليد والموروثات الأخلاقية وعدم الرعاية الأسرية في مراحل العمر الأولى وتنشئة الأبناء بصورة خاطئة وترك الأبناء أمام الشاشات وانشغال الأسرة بموضوعات أخرى، أيضاً تعامل الإنسان السوداني بعفوية في كل الأمور وعدم مراعاة الأشياء الشخصية، فمثلاً إذا جلس أحدهم أمام حاسوبك الشخصي تجده متصفحاً لكل الملفات الخاصة بك، وإذا أمسك بجوالك أيضاً تجده يتجول في الملفات الشخصية، كما أن المجاملة في بعض الأمور وتقليد الآخرين فهذه كلها دوافع لتعامل الأشخاص مع رمز الحماية بطريقة سلبية، لكن وبرغم وجود هذه الرموز الخاصة هناك بعض الأشخاص يستطيعون فك الشفرة ونحن نعلم تماماً أن الممنوع مرغوب.