ما زالت الاحتجاجات الواسعة العارمة تسود بعض الأقطار العربية، ففي سوريا أسفرت هذه الاحتجاجات المطالبة بإسقاط النظام عن مقتل تسعة عشر مواطناً أمس الأول. وفي اليمن بلغ عددهم سبعة واستمرت أمس الأول الجمعة الاحتجاجات في البحرين ونزل إلى الشارع ثلاثون ألف مواطن مطالبين بالإصلاحات السياسية، أما في الأردن فإن زعماء المعارضة يرون أن التغيير السياسي في ظل قيادة الملك عبدالله الثاني بطيء. وما زال العقيد معمر القذافي يحكم من مخبئه وما زال الثوار يسيطرون على نصف ليبيا وعاجزين في نفس الوقت عن السيطرة على كامل القطر وإزاحة القذافي من الحكم. وفي مصر التي انتصرت فيها الثورة الشعبية وتمكنت من إجبار الرئيس محمد حسني مبارك على التنحي في فبراير الماضي فإنها ما زالت متعثرة ومن رأي بعض المصريين أنه لم يتغير شيء وقد عاد الثوار إلى ميدان التحرير. ونتوقف هذه المرة مع ما يجري في الأردن، فقد كان ولا يزال الاهتمام به أقل من الاهتمام الذي لقيته الهبّات أو الاحتجاجات التي حدثت في الدول العربية الأخرى. لقد فضّت الشرطة الجمعة أمس الأول تظاهرة سلمية في قلب العاصمة عمان، ويرى البعض أن هذا الحادث يُعد علامة على تزايد التوتر الناجم عن بطء الإصلاح السياسي في المملكة. وفي الأخبار أن التظاهرة نظمها الشباب، شأنها في ذلك شأن التظاهرات التي اندلعت في الأقطار العربية الأخرى، واشترك فيها أعضاء النقابات وأعداد كبيرة من الأخوان المسلمين. وانطلقت التظاهرة من المسجد الحسيني بعد صلاة الجمعة وهتف المتظاهرون «الشعب يريد إصلاح الحكومة»، وهو شعار له دلالاته ويختلف اختلافاً كبيراً عن الشعار الأشهر الذي رفعه الثوار في الدول العربية الأخرى الذي هو «الشعب يريد إسقاط النظام». وإذن فإن الشعب الأردني لا يريد إسقاط حكومته لكنه يريد إصلاحها. وكان الثوار العرب عند بداية تظاهراتهم رفعوا شعارات قريبة من هذا الشعار الذي رفعه الأردنيون أمس الأول في عاصمتهم عمان ثم لما رأوا تجاهل حكوماتهم لمطالبهم رفعوا الشعار الحاسم المزلزل «الشعب يريد إسقاط النظام». ولذلك فإن المتوقع هو أن تحس الحكومة الأردنية بنبض شعبها وأن تستجيب لمطالبه وهي مطالب معقولة ومشروعة وإلا فإن الشعار الآخر جاهز والهتاف به ممكن والبقاء في الشارع وارد. وقد تزامنت الاحتجاجات الأردنية مع الاحتجاجات العربية الأخرى لكنها كانت أقل حدة وكانت تبتغي الإصلاحات السياسية.. ومحاربة الفساد والتخفيف من قبضة النظام الملكي. وقالوا وما أصدقهم إن الملوك في هذه المرحلة العاصفة من مراحل التاريخ العربي أكثر حكمة وأكثر اقتداراً على تثبيت الأمر الواقع أو النظام القديم من الرؤساء.